الأيام القليلة اللاحقة على انتهاء الدورة الـ70 (20 فبراير/ شباط ـ 1 مارس/ آذار 2020) لـ"مهرجان برلين السينمائي الدولي" مُقلِقة ومُخيفة. صحفٌ أوروبية تنشر تحقيقات عن فيروس "كورونا"، تتضمّن أرقاماً، يقول البعض إنّها مُبالغ بها، لكنّ بعضها، وإنْ يكن أقلّ من المتداول، حقيقيّ، لهذا هو مُقلِق ومُخيف. الارتباك حاصلٌ في مجالات كثيرة. مهرجانات سينمائية غربية وعربية تؤجّل دوراتها الخاصة بالعام الحالي، أو تُلغيها. مؤسّسات ثقافية وفنية تُغلِق أبوابها أمام زائرين يأتون من بلدانٍ، بعضها مُصاب بالفيروس، وبعضها الآخر "مُسبِّبٌ" له. يصعب تصديق أنّ الإعلام يُضخِّم الأمور. وأيضاً يصعب قبول فكرة أنّ هناك "مؤامرة" تُحاك في عتمة الغرف، لضرب اقتصادات مختلفة. لكن الأرقام مُرعبِة، وتفاصيل كثيرة يستحيل أنْ تكون مجرّد مرويات عابرة.
الهلع قائمٌ. مطاراتٌ أوروبية تخلو من إجراءات وقائية، رغم أنّ إيطاليا مثلاً تعاني انتشار الفيروس فيها، وفرنسا أيضاً. الصحيفة اليومية البلجيكية "لو سوار" (بالفرنسية) تُخصّص 4 صفحات كاملة عن الفيروس في بلجيكا (3 مارس/ آذار 2020)، ترتكز على بحثٍ للدكتور فيليب دوفو، رئيس "الجمعية البلجيكية للنقابات الطبية"، يُشير إلى احتمال بلوغ عدد المُصابين بالفيروس في بلجيكا 850 ألفاً، وإلى أنّ احتمال الموت يصل إلى 3.9 في المائة، أي 33 ألفاً و150 مُصاباً. الردود طبيّة أيضاً، ومعظمها ينقض هذه الأرقام، مُقدِّماً أسباباً علمية وبحثية تجري في المختبرات، ويُشير إلى مسائل متعلّقة بالمستشفيات واستعداداتها. النقاش حاصلٌ، لكن الفيروس ينتشر، وأناسٌ كثيرون يخافونه.
هذا كلّه غير رادعٍ لمنظّمي "المهرجان الدولي للأفلام في مونس" (مدينة "والونيّة"، تقع على مسافة 60 كلم. جنوب غرب العاصمة بروكسل) عن تنظيم الدورة الـ35 بين 6 و13 مارس/ آذار 2020. في المهرجان برنامجان دولي وبلجيكي، وبرامج ونشاطات أخرى. تُقام دورته الجديدة في مناخ عابق بالارتباك. "مهرجان تسالونيك للأفلام الوثائقية" يؤجّل دورته الـ22، المحدّدة فترتها سابقاً بين 5 و15 مارس/ آذار نفسه، إلى نهاية مايو/ أيار وبداية يونيو/ حزيران المقبلين. "ملتقى قمرة السينمائي" في الدوحة يُلغي دورته الـ6 (20 ـ 25 مارس/ آذار 2020). "مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي"، أول مهرجان سينمائي في السعودية، يُلغي دورته الأولى (12 ـ 21 مارس/ آذار 2020).
كثيرون ينتظرون قرارات أصعب وأسوأ: ماذا عن مهرجانات "كانّ" (مايو/ أيار) وكارلوفي فاري (يوليو/ تموز) ولوكارنو (أغسطس/ آب) وفينيسيا (سبتمبر/ أيلول)، مثلاً؟ يُقال إنّ الوقت باكرٌ لاتّخاذ قرارات كهذه، لكن الوقت نفسه يجري سريعاً، وزملاء وأصدقاء يستعدّون لحضور الدورات المقبلة، خصوصاً في مجالي السكن وبطاقات السفر، وهم لا يعرفون ماذا يفعلون. هذه مهرجانات أساسية. بعضها مشهورٌ بـ"السوق السينمائية"، أي الحيّز الفعلي للصناعة السينمائية. يُشير بيانٌ صحافي لمهرجان "كانّ" (4 فبراير/ شباط 2020) إلى أرقام متعلّقة بدورته السابقة، أي الـ72 (14 ـ 25 مايو 2019): 12 ألفاً و527 مُشاركاً في "السوق السينمائية" (موزّعون، بائعون، منتجون، مستثمرون، منطّمو مهرجانات، وغيرهم) "يكتشفون" 4 آلاف فيلم ومشروع، مع مشاهدة 1464 عرضاً خاصاً بهم (هذه عروض تُقدِّم لهم مُقتطفات من الأفلام والمشاريع، التي يبحث أصحابها عن "أموال" لإكمالها وإنهاء العمل عليها). هناك أيضاً 39 ألفاً و700 مهنيّ من 170 بلداً حاضرون في هذا التجمّع "السينيفيلي" الكبير، وهذا أكبر رقمٍ يشهده المهرجان. هناك 4400 صحافي وإعلامي حاضرون في عروض أولى وغيرها من العروض الخاصّة بـ57 فيلماً من 35 بلداً، في "الاختيار الرسمي".
هذه أرقام لا يُستهان بها أيضاً. هذا نموذج. المهرجانات الأخرى تستقطب أعداداً شبيهة بها كلّ دورة. "السوق السينمائية" في "البرليناله" تُعتَبر أهمّ سوق دولية في صناعة السينما. أرقام الدورة الـ70 غير صادرة بعد. لكنّ الصينيين، الذين "يغزون" صناعة السينما منذ أعوام، غائبون عنها هذا العام. هذا ضررٌ للمهرجان وللصناعة معاً. هذا إرباك وخلطٌ للأمور كلّها. مع هذا، ستستمرّ الصناعة في إنتاج آلاف المشاريع سنوياً، وسيستمرّ المخرجون في تحقيق ما يريدون.
الأيام القليلة اللاحقة على انتهاء الدورة الـ70 لـ"البرليناله" مُقلقة ومخيفة. العالم يرزح تحت وطأة وباء جديد، لا بُدّ أنْ يُعالَج، كالحاصل سابقاً في أزمنة ومراحل. السينما سبّاقة في قول هذا، أو بعضه على الأقلّ. الاضطراب يتحكّم بمجتمعات وبيئات ومؤسّسات. تُرى، أي خبرٍ سيأتي غداً؟ أيكون خيّراً، أم يُكمل فعل الشرّ المبثوث هنا وهناك؟
لكن، أيُعقل فعلياً ألا يكون هناك شرّ ـ كعنوان الفيلم الجديد للإيرانيّ محمد رسول أف "لا يوجد شرّ" (علماً أن العنوان الأصلي يُترجَم عربياً بـ"لا يوجد شيطان") ـ إلا فينا؟
هذا كلّه غير رادعٍ لمنظّمي "المهرجان الدولي للأفلام في مونس" (مدينة "والونيّة"، تقع على مسافة 60 كلم. جنوب غرب العاصمة بروكسل) عن تنظيم الدورة الـ35 بين 6 و13 مارس/ آذار 2020. في المهرجان برنامجان دولي وبلجيكي، وبرامج ونشاطات أخرى. تُقام دورته الجديدة في مناخ عابق بالارتباك. "مهرجان تسالونيك للأفلام الوثائقية" يؤجّل دورته الـ22، المحدّدة فترتها سابقاً بين 5 و15 مارس/ آذار نفسه، إلى نهاية مايو/ أيار وبداية يونيو/ حزيران المقبلين. "ملتقى قمرة السينمائي" في الدوحة يُلغي دورته الـ6 (20 ـ 25 مارس/ آذار 2020). "مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي"، أول مهرجان سينمائي في السعودية، يُلغي دورته الأولى (12 ـ 21 مارس/ آذار 2020).
كثيرون ينتظرون قرارات أصعب وأسوأ: ماذا عن مهرجانات "كانّ" (مايو/ أيار) وكارلوفي فاري (يوليو/ تموز) ولوكارنو (أغسطس/ آب) وفينيسيا (سبتمبر/ أيلول)، مثلاً؟ يُقال إنّ الوقت باكرٌ لاتّخاذ قرارات كهذه، لكن الوقت نفسه يجري سريعاً، وزملاء وأصدقاء يستعدّون لحضور الدورات المقبلة، خصوصاً في مجالي السكن وبطاقات السفر، وهم لا يعرفون ماذا يفعلون. هذه مهرجانات أساسية. بعضها مشهورٌ بـ"السوق السينمائية"، أي الحيّز الفعلي للصناعة السينمائية. يُشير بيانٌ صحافي لمهرجان "كانّ" (4 فبراير/ شباط 2020) إلى أرقام متعلّقة بدورته السابقة، أي الـ72 (14 ـ 25 مايو 2019): 12 ألفاً و527 مُشاركاً في "السوق السينمائية" (موزّعون، بائعون، منتجون، مستثمرون، منطّمو مهرجانات، وغيرهم) "يكتشفون" 4 آلاف فيلم ومشروع، مع مشاهدة 1464 عرضاً خاصاً بهم (هذه عروض تُقدِّم لهم مُقتطفات من الأفلام والمشاريع، التي يبحث أصحابها عن "أموال" لإكمالها وإنهاء العمل عليها). هناك أيضاً 39 ألفاً و700 مهنيّ من 170 بلداً حاضرون في هذا التجمّع "السينيفيلي" الكبير، وهذا أكبر رقمٍ يشهده المهرجان. هناك 4400 صحافي وإعلامي حاضرون في عروض أولى وغيرها من العروض الخاصّة بـ57 فيلماً من 35 بلداً، في "الاختيار الرسمي".
هذه أرقام لا يُستهان بها أيضاً. هذا نموذج. المهرجانات الأخرى تستقطب أعداداً شبيهة بها كلّ دورة. "السوق السينمائية" في "البرليناله" تُعتَبر أهمّ سوق دولية في صناعة السينما. أرقام الدورة الـ70 غير صادرة بعد. لكنّ الصينيين، الذين "يغزون" صناعة السينما منذ أعوام، غائبون عنها هذا العام. هذا ضررٌ للمهرجان وللصناعة معاً. هذا إرباك وخلطٌ للأمور كلّها. مع هذا، ستستمرّ الصناعة في إنتاج آلاف المشاريع سنوياً، وسيستمرّ المخرجون في تحقيق ما يريدون.
الأيام القليلة اللاحقة على انتهاء الدورة الـ70 لـ"البرليناله" مُقلقة ومخيفة. العالم يرزح تحت وطأة وباء جديد، لا بُدّ أنْ يُعالَج، كالحاصل سابقاً في أزمنة ومراحل. السينما سبّاقة في قول هذا، أو بعضه على الأقلّ. الاضطراب يتحكّم بمجتمعات وبيئات ومؤسّسات. تُرى، أي خبرٍ سيأتي غداً؟ أيكون خيّراً، أم يُكمل فعل الشرّ المبثوث هنا وهناك؟
لكن، أيُعقل فعلياً ألا يكون هناك شرّ ـ كعنوان الفيلم الجديد للإيرانيّ محمد رسول أف "لا يوجد شرّ" (علماً أن العنوان الأصلي يُترجَم عربياً بـ"لا يوجد شيطان") ـ إلا فينا؟