الحضور السوري في السينما اللبنانية يقترن بتجسيد شخصية اللاجئ السوري بنمطيتها؛ ويزداد هذا الحضور كثافةً في السينما الوثائقية، حيث أنتجت الكثير من الأفلام الوثائقية التي توثق حياة اللاجئين السوريين، وتجسد هذه الأفلام معاناتهم لترسخ الصورة النمطية التي رسمها الإعلام، مثل فيلم "سوريون" للمخرج محمد إسماعيل اللواتي، الذي يسلط الضوء على حياة 5 لاجئين سوريين يسردون قصصهم الخاصة عن الطريقة التي بدؤوا بها حياتهم في لبنان بعد أن دمر وطنهم. بالإضافة لمشاريع سينمائية تديرها منظمات غير حكومية في لبنان، مثل مشروع "لحظة" ومشروع "كامبجي" وغيرهما، وفيها يتم توجيه اللاجئين لإنتاح تجاربهم السينمائية الأولى، والتي يسردون فيها حكاياتهم وحكايات أقرانهم؛ ولا يختلف مضمون هذه الأفلام كثيراً عن مضمون التقارير الإعلامية.
وكذلك فإن شخصية اللاجئ السوري كانت حاضرة في العديد من الأفلام الروائية اللبنانية، مثل فيلم "محبس" للمخرجة اللبنانية صوفي بطرس، والذي يتناول قضية العنصرية ضد السوريين، من خلال علاقة حب تجمع فتاة لبنانية بشاب سوري، وتُقابل هذه العلاقة برفض الأهل اللبنانيين لهذه العلاقة. وترد في الفيلم العديد من العبارات التي تعكس تلك العنصرية، مثل: "إما أنا أو ذلك السوري" و"لن تتزوجي السوري". ورغم أن الفيلم ينتهي إلى الإشارة للقواسم المشتركة بين الشعبين السوري واللبناني، إلا أن ذلك يتم بعد أن يستعرض العنصرية بين الشعبين بنمطيتها وفجاجتها، رغم تخفيف الكوميديا من حدة الأمر.
وفي بعض الأفلام اللبنانية يتم التعامل مع السوريين كأنماط جاهزة من الممكن أن تؤدي الشخصيات التي يرغبون باستعراضها، مثل فيلم "شحن" لكريم الرحباني، والذي يشبه فيه اللاجئين السوريين الذين يتوافدون بكثرة إلى لبنان في ظل الحرب الدائرة بالبضائع التي يتم شحنها إلى هذا البلد الصغير. وقام الرحباني باختيار الطفل السوري عبد الهادي عساف على غرار الطريقة التي يتم بها اختيار الممثلين في الواقعية الإيطالية؛ حيث يتم اختيار الممثلين في هذا النوع من السينما بناءً على أدوارهم الاجتماعية. فاختار الرحباني أن يلعب الشخصية لاجئ سوري حقيقي بحد تعبيره. وفي تصريحات الرحباني الإعلامية يصف الطريقة التي اختار بها بطل فيلمه، حيث يقول إنه شاهد عساف لأول مرة في شارع الجميزة بلبنان وهو يبيع الورود، فالتفت إليه بسبب لهجته، وتعرف على قصته والمأساة التي يعيشها طفل في عمره، ولما شعر أنه الأجدر به المشاركة في الفيلم عرض عليه التمثيل، لكنه خاف وهرب، ثم أقنعه في اليوم التالي. وفي فيلم "شحن" يكرس الرحباني صورا نمطية سلبية عن اللاجئين السوريين، إذ يقوم بتصوير اللاجئين السوريين كمتسولين، يعتمدون في كسب قوتهم اليومي على عمالة أطفالهم.
اقــرأ أيضاً
قام معظم نجوم الصف الأول في الدراما السورية بالمشاركة في أعمال درامية تلفزيونية عربية مشتركة، وقد صورت معظم هذه الأعمال في لبنان. وعندما بدأت موضة "الدراما المشتركة" حاول أغلب القائمين على هذه الأعمال التنصل من قضية اللاجئين السوريين والقضايا السياسية، كما فعل المخرج السوري سامر البرقاوي قبل سنة 2017، أي عندما أخرج أعماله المقتبسة عن أفلام أجنبية، مثل "تشيللو" و"لو" و"نص يوم" وغيرها، والتي يجتمع فيها الممثلون السوريون واللبنانيون في سياق غير واقعي، خارج حدود اللهجات والعلاقات التاريخية بين البلدين. ولكن في السنتين الأخيرتين بدأ القائمون على هذه الأعمال بالتفكير بمعيار الواقعية. وذلك ما نراه واضحاً في مسلسل البرقاوي الأخير "الهيبة" بجزئيه، والذي كتبه هوزان عكو، حيث حاول البرقاوي أن ينحو بمسار أكثر واقعية، فاختار من ضيعة افتراضية على الحدود اللبنانية – السورية موقعاً لأحداث المسلسل، وعن علاقات القرابة والتزاوج بين أهالي البقاع الشرقي والسوريين مبرراً درامياً لاختلاف اللهجات.
ونجم عن ذلك بطبيعة الحال بعض الملامح العنصرية، حيث استخدمت كلمة "ابن الشامية" كنوع من الشتيمة تستخدم ضد بطل المسلسل تيم حسن. وكذلك فإن حضور الشخصيات السورية الأخرى جاء ليرسخ الصورة النمطية عن اللاجئين السوريين في لبنان، وتجسد ذلك بالشخصية التي أدتها الممثلة السورية الشابة يارا عاصم، حيث لعبت دور لاجئة سورية تعمل في الدعارة، وتتمسك بأول فرصة تنقذها من الواقع الأليم؛ ليرسخ ذلك الصورة النمطية السائدة عن اللاجئين السوريين الذين يعملون في الدعارة والتسول والجريمة، ويتم تبرير ذلك بظروف اللجوء السيئة الناجمة عن الحرب. وتم العمل على تكريس ذات الصورة في الجزء الثاني من المسلسل، الذي عرض في رمضان، حيث إنه ورغم اختلاط اللهجتين اللبنانية والسورية في العائلة الواحدة، لكن جميع الفتيات اللواتي يعملن في بيت الدعارة يتحدثن باللهجة السورية، ولجأنّ لهذا العمل بسبب ظروف اللجوء.
الأمر ذاته نلاحظه بباقي المسلسلات اللبنانية – السورية التي أنتجت هذه السنة، حيث إن المخرجة السورية رشا شربتجي تحاول في مسلسل "طريق" أن تحقق معايير الواقعية قدر الإمكان، من خلال بناء القصة على علاقة زواج تجمع بين عائلتين إحداهما لبنانية والأخرى سورية؛ ورغم أن شربتجي تعطي للبطل السوري (عابد فهد) سمات حميدة كالطيبة والغنى، إلا أن علاقة الزواج التي تجمعه بالبطلة اللبنانية (ندين نجيم) تعكس الصورة النمطية التي يروج لها الإعلام اللبناني عن العلاقة بين الشعبين، بين اللبناني المنفتح والسوري الجاهل. في حين أن رامي حنا في مسلسل "تانغو" يصور الأثرياء السوريين ممن يعيشون في لبنان على أنهم قتلة مأجورون ويتاجرون بالمخدرات.
وفي بعض الأفلام اللبنانية يتم التعامل مع السوريين كأنماط جاهزة من الممكن أن تؤدي الشخصيات التي يرغبون باستعراضها، مثل فيلم "شحن" لكريم الرحباني، والذي يشبه فيه اللاجئين السوريين الذين يتوافدون بكثرة إلى لبنان في ظل الحرب الدائرة بالبضائع التي يتم شحنها إلى هذا البلد الصغير. وقام الرحباني باختيار الطفل السوري عبد الهادي عساف على غرار الطريقة التي يتم بها اختيار الممثلين في الواقعية الإيطالية؛ حيث يتم اختيار الممثلين في هذا النوع من السينما بناءً على أدوارهم الاجتماعية. فاختار الرحباني أن يلعب الشخصية لاجئ سوري حقيقي بحد تعبيره. وفي تصريحات الرحباني الإعلامية يصف الطريقة التي اختار بها بطل فيلمه، حيث يقول إنه شاهد عساف لأول مرة في شارع الجميزة بلبنان وهو يبيع الورود، فالتفت إليه بسبب لهجته، وتعرف على قصته والمأساة التي يعيشها طفل في عمره، ولما شعر أنه الأجدر به المشاركة في الفيلم عرض عليه التمثيل، لكنه خاف وهرب، ثم أقنعه في اليوم التالي. وفي فيلم "شحن" يكرس الرحباني صورا نمطية سلبية عن اللاجئين السوريين، إذ يقوم بتصوير اللاجئين السوريين كمتسولين، يعتمدون في كسب قوتهم اليومي على عمالة أطفالهم.
قام معظم نجوم الصف الأول في الدراما السورية بالمشاركة في أعمال درامية تلفزيونية عربية مشتركة، وقد صورت معظم هذه الأعمال في لبنان. وعندما بدأت موضة "الدراما المشتركة" حاول أغلب القائمين على هذه الأعمال التنصل من قضية اللاجئين السوريين والقضايا السياسية، كما فعل المخرج السوري سامر البرقاوي قبل سنة 2017، أي عندما أخرج أعماله المقتبسة عن أفلام أجنبية، مثل "تشيللو" و"لو" و"نص يوم" وغيرها، والتي يجتمع فيها الممثلون السوريون واللبنانيون في سياق غير واقعي، خارج حدود اللهجات والعلاقات التاريخية بين البلدين. ولكن في السنتين الأخيرتين بدأ القائمون على هذه الأعمال بالتفكير بمعيار الواقعية. وذلك ما نراه واضحاً في مسلسل البرقاوي الأخير "الهيبة" بجزئيه، والذي كتبه هوزان عكو، حيث حاول البرقاوي أن ينحو بمسار أكثر واقعية، فاختار من ضيعة افتراضية على الحدود اللبنانية – السورية موقعاً لأحداث المسلسل، وعن علاقات القرابة والتزاوج بين أهالي البقاع الشرقي والسوريين مبرراً درامياً لاختلاف اللهجات.
ونجم عن ذلك بطبيعة الحال بعض الملامح العنصرية، حيث استخدمت كلمة "ابن الشامية" كنوع من الشتيمة تستخدم ضد بطل المسلسل تيم حسن. وكذلك فإن حضور الشخصيات السورية الأخرى جاء ليرسخ الصورة النمطية عن اللاجئين السوريين في لبنان، وتجسد ذلك بالشخصية التي أدتها الممثلة السورية الشابة يارا عاصم، حيث لعبت دور لاجئة سورية تعمل في الدعارة، وتتمسك بأول فرصة تنقذها من الواقع الأليم؛ ليرسخ ذلك الصورة النمطية السائدة عن اللاجئين السوريين الذين يعملون في الدعارة والتسول والجريمة، ويتم تبرير ذلك بظروف اللجوء السيئة الناجمة عن الحرب. وتم العمل على تكريس ذات الصورة في الجزء الثاني من المسلسل، الذي عرض في رمضان، حيث إنه ورغم اختلاط اللهجتين اللبنانية والسورية في العائلة الواحدة، لكن جميع الفتيات اللواتي يعملن في بيت الدعارة يتحدثن باللهجة السورية، ولجأنّ لهذا العمل بسبب ظروف اللجوء.
الأمر ذاته نلاحظه بباقي المسلسلات اللبنانية – السورية التي أنتجت هذه السنة، حيث إن المخرجة السورية رشا شربتجي تحاول في مسلسل "طريق" أن تحقق معايير الواقعية قدر الإمكان، من خلال بناء القصة على علاقة زواج تجمع بين عائلتين إحداهما لبنانية والأخرى سورية؛ ورغم أن شربتجي تعطي للبطل السوري (عابد فهد) سمات حميدة كالطيبة والغنى، إلا أن علاقة الزواج التي تجمعه بالبطلة اللبنانية (ندين نجيم) تعكس الصورة النمطية التي يروج لها الإعلام اللبناني عن العلاقة بين الشعبين، بين اللبناني المنفتح والسوري الجاهل. في حين أن رامي حنا في مسلسل "تانغو" يصور الأثرياء السوريين ممن يعيشون في لبنان على أنهم قتلة مأجورون ويتاجرون بالمخدرات.