في غرفة ضمن المدينة الجامعية، يقضي الممثل السوري خالد القيش فترة الحجر الصحي الإلزامي المفروضة على جميع العائدين إلى الأراضي السورية، برفقة المخرج السوري تامر إسحاق الذي سبق أن تعاون معه في مسلسل "صرخة روح"، إذْ كان رفيقاً له على متن الطائرة التي عادت ليلة الثلاثاء من الإمارات العربية المتحدة، برحلة استغرقت مدة 17 ساعة.
ومن هذه الغرفة التي لا تتناسب مع أدنى شروط الرعاية الصحية تحولت صفحات القيش وإسحاق الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى منابر لمهاجمة حكومة النظام السوري التي فرضت الحجر الصحي على العائدين إلى سورية من دون أن تؤمن أدنى الشروط الصحية.
القيش وإسحاق نشرا العديد من المنشورات على "فيسبوك"، ليوثقا حال المدينة الجامعية التي وضعا فيها ليعيشا فترة الحجر الصحي، برفقة مئات السوريين، وذكرا أن الحجر الصحي ليس سوى عنوان لا يدل على ما يحدث في الواقع، وأن الوضع في السكن الجامعي مأساوي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأن كل غرفة يتشاركها شخصان أو ثلاثة أشخاص، وهي مليئة بالحشرات والأوبئة وغير معقمة ولا منظفة، وأن الحمامات والمرافق العامة مشتركة بين عشرات الغرف، حيث يتشارك كل 75 شخصاً بحمام واحد.
Facebook Post |
هذه المنشورات المتعاقبة التي قاما بتدعيمها بالصور تحولت لحديث السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذْ فتحت باباً جديداً لانتقاد حكومة النظام السوري من قبل الموالين لها، بسبب إهمالها لشروط الرعاية الصحية رغم كل الإجراءات التي قامت باتخاذها في الفترة الأخيرة التي لم تؤد فعلياً سوى لتضييق الخناق على السوريين وزيادة معاناتهم. كما استثمر طلاب الجامعات الضجة الإعلامية التي قادها القيش وإسحاق ليكتبوا عن معاناتهم في السكن الجامعي، وعن الإهمال والقذارة اللتين يعاني منهما الطالب السوري.
Facebook Post |
ولكن الأمر الغريب أن بعض المنصات الإعلامية الموالية للنظام السوري لم تهمش القضية، بل قامت بتحويل مسارها، فتعاطفت مع الفنانين المحجور عليهم، ولكن بدلاً من أن تطالب في منشوراتها بتأمين شروط أفضل للحجر الصحي الإلزامي المفروض على السوريين العائدين إلى الأراضي السورية، طالبت باحترام الفنانين السوريين وعدم معاملتهم بالطريقة ذاتها التي يُعامل بها عامة الناس، وهي وجهة النظر التي تتناقض مع تصريحات القيش وإسحاق اللذين انتقدا ظروف الحجر الصحي، وحولا صفحاتهما الشخصية لمنابر تمكنّا من خلالها من نقل معاناة جميع شركائهما في الحجر الصحي.
Facebook Post |
وقد قام عشرات الفنانين السوريين بدعم القيش وإسحاق، وشاركوا منشوراتهم، وعقبوا عليها مطالبين بالتدخل لتحسين الظروف. كما شجعت منشورات القيش وإسحاق فنانين آخرين على مشاركة تجاربهم السيئة التي قضوها في الحجر الصحي، ومنهم الراقصة السورية يارا خضير التي كتبت منشوراً طويلاً سردت فيه حكايتها مع العودة إلى سورية في زمن فيروس كورونا، والأساليب اللاإنسانية التي اتبعتها حكومة النظام السوري؛ فذكرت أنها كانت على متن أول طائرة سُمح لها بالعودة لسورية، بعدما أغلقت حكومة النظام المعابر الحدودية الجوية والبرية بوجه مواطنيها لما يقارب الشهر؛ وتحدثت عن الطريقة التي تم استقبالهم بها ومعاناتهم طيلة هذه المدة، حيث تم وضع ركاب الطائرة في الصحراء، ووقفوا هناك أربع ساعات تحت الشمس، قبل أن تتدخل المحسوبيات والوساطات للتحكم بمصير المسافرين، ولم تخلُ تلك الساعات من الإذلال.