"نسلّط الضوء على أفلامٍ من العالم العربيّ، مصنوعة بعيون مخرجين ومخرجات عرب، وليس من الخارج، وأفلام تعكس التنوّع الثقافي والحضاري للمنطقة العربيّة". هكذا تحدّد كلاوديا الجعبة، مديرة برنامج "مهرجان الفيلم العربي"، معالم الدورة الـ9، المقامة في برلين بين 11 و18 أبريل/ نيسان 2018.
"مهرجان الفيلم العربي برلين" هو الأوّل والوحيد الذي يسلّط الضوء على السينما العربية في ألمانيا، وفي برلين تحديدًا. تنظيم مهرجان من هذا النوع في دولة أوروبية يختلف عن تنظيمه في بلدٍ عربي، ضمن سياق سياسي وثقافي مختلف، وله منظوره الخاصّ تجاه المنطقة العربية وقضاياها. عن هذا كلّه، تقول كلاوديا الجعبة: "عندما بدأنا عام 2009، كنا أقلية في برلين تُحارَب على تمثيلها الثقافي. هذا تغيّر بعد عام 2011، إذْ أصبح هناك اهتمام كبير بالعالم العربي، خاصّة بمصر وتونس والدول التي مرّت وتمرّ في مراحل تغيير. كان الأمر مثيرًا، كونه غيّر كثيرًا في إدراك العالم العربي وفهمه، بما في ذلك التغطية الإعلامية له، التي تمحورت سابقًا حول حقوق المرأة والدين والعادات والتقاليد. بات الاهتمام اليوم منصبًا أكثر على مسائل الديموقراطية والحياة اليومية". تُضيف الجعبة: "حاليًا، بات الضجيج أخفّ قليلاً. عدنا إلى قضايا المهاجرين والهجرة والاندماج، وهذه أسئلة مطروحة سابقًا، لكنها اليوم أكثر حيوية وشحنًا، لارتباطها بوضع السوريين في ألمانيا".
أما بالنسبة إلى الأفلام المشاركة، فقالت الجعبة إن هناك "تنوّعًا كثيرًا". ففي الأعوام الماضية، "كنّا نحصل على أكبر عدد من طلبات المُشاركة من مصر. هذه الحالة غير موجودة في الدورة الـ9، فطلبات المشاركة الأكثر آتية من لبنان مثلاً. هذه مرآة للتغيّيرات الإنتاجية السينمائية في العالم العربي".
اقــرأ أيضاً
مرّت برلين، كمدينة متنوّعة الثقافات، بتغييرات عديدة على هذا المستوى، في الأعوام الـ9 الماضية. عن الحضور الثقافي العربي فيها، يقول فادي عبد النور، المدير الفني لـ"مهرجان الفيلم العربي برلين" إن "الحديث عن التنوّع، في ما يتعلّق بالثقافات العربية في برلين، يطرح سؤالاً حول من يضيف لهذا التنوّع، وما هو المضمون الذي تحتويه هذه الثقافة". يقول إنه "لا يمكن تجاهل حقيقة أنه، في الأعوام الـ10 الأخيرة، صار المشهد متنوّعًا أكثر. الثقافة العربية حاضرة، لكنها مرتبطة باللجوء فقط، ويُنظر إليها من رؤية استعمارية، إذْ كل ما يأتي من العالم العربي ويهمّ الناس هنا مرتبطٌ، أساسًا، بقضايا إشكالية، كالحرب والدين. غير ذلك ليس مطلوبًا ولا يهمّ أحدًا ويحثّه على المشاهدة". هذا يعني، بالنسبة إلى عبد النور، وجود "مشكلة، إذا نظرنا إلى الرابط الثقافي للمدينة مع أماكن أخرى في العالم، عدا عن المنطقة العربية، حيث هناك تركيز أكثر على الجماليات والجوانب الفنية مقارنة بالقضايا الإشكالية".
مع ذلك، يرى فادي عبد النور وكلاوديا الجعبة أن للمهرجان "دورًا إيجابيًا" في الأعوام الـ9 الأخيرة. تقول الجعبة: "أحد نجاحاتنا، وربما هو نجاح صغير لكنه سائرٌ في الاتّجاه الصحيح، يكمن في تعاوننا مع منظّمات داعمة، كمؤسّستي "روزا لوكسمبورغ" و"فريدريش إيبرت"، حول أفلام ومواضيع متنوعة. نجحنا معًا في نقل الاهتمام من مواضيع "إكزوتيكية" عن العالم العربي، إلى مواضيع لا تزال تعكس قضايا إشكالية، لكنها تقدَّم بعيون أصحابها وصنّاع أفلامها، ومنها أفلام تخصّ فلسطين. في العام الماضي، تعاونّا مع "مؤسّسة فريدريش إيبرت" لعرض فيلم "اصطياد أشباح" للفلسطيني رائد أنضوني، الذي لم نتوقع أن يُعرض، لأن المؤسسة تتواصل مع حزب "إس بي دي" الألماني، الذي له موقف محدّد من قضية "فلسطين ـ إسرائيل". المؤسّسة نفسها دعمت عرض الفيلم. هذه إشارة جيّدة في ما يتعلّق بثقة المؤسّسة بسرد القصّة، وأيضًا في فتح أفق لسرديات أخرى".
في الإطار الفلسطيني نفسه، يخصّص "مهرجان الفيلم العربي" في دورته هذه برنامجًا خاصًا بالذكرى الـ70 لـ"نكبة فلسطين"، يتضمّن عرض 3 أفلام: "السطح" لكمال الجعفري و"المنام" لمحمد ملص و"فلسطين في العين" لمصطفى أبو علي. بالإضافة إلى محاضرة بعنوان "سجل الاختفاء" لمهند يعقوبي، وأخرى عن التعاون السينمائي بين "منظمة التحرير الفلسطينية" وألمانيا الشرقية (سابقًا)، في سبعينيات القرن الماضي، تقدّمها إيريت نايدهرت.
عن أهمية البرنامج في برلين، يقول فادي عبد النور: "مقارنة بأحداث ثقافية في العالم العربي، ينتمي المهرجان إلى المشهد الثقافي في برلين. أفلامه تُعرض في صالات سينمائية مهمّة، وأحداثه تُغطَّى عبر صحافة ثقافية ألمانية. لهذا، فإن الحدث الوحيد الذي يحيي ذكرى النكبة وينتمي إلى المشهد الثقافي المركزي في المدينة، هو المهرجان. هذا بحدّ ذاته مهم للغاية".
من ناحية أخرى، يقول ربيع الخوري (مبرمج أفلام) بخصوص اختيار الأفلام: "نحن فريق عمل صغير. كي نختار أفلامًا من أصل 650 (استلمناها لهذه الدورة)، علينا مشاهدتها كلّها، خاصّة أن هناك أفلامًا تصلنا لم نسمع عن صنّاعها قبلاً، وتفاجئنا لأهميتها فنرغب في عرضها. لا نهتمّ فقط بالأفلام المثيرة للضجّة. مهمّ جدًا للمهرجان أن يكتشف مواهب جديدة، وأن يُسلّط الضوء عليها. هذا التنوّع والدمج في المهرجان بين أفلام لمخرجين معروفين في العالم بأفلام لمخرجين يخطون خطوات أولى لهم في الصناعة السينمائية، يُعتبران من أولويات المهرجان، والهدف يبقى كامنًا في اكتشاف أسماء جديدة وتقديم أفلامها إلى الجمهور".
اقــرأ أيضاً
عن الجمهور، يتساءل الخوري: "بالإضافة إلى اهتمامنا بالجمهور، لدينا تساؤلات: كيف يستقبل الجمهورُ الأفلامَ؟ هل برمجتها سهلة، أم لا؟ كيف يتفاعل الجمهور معها؟ جمهور المهرجان حاضرٌ جدًا. كلّ عام، هناك من يتابع النشاطات ويهتم بها ويناقش مضامينها. هناك من لديه فضول للمعرفة، واكتشاف العالم العربي عبر أفلام مصنوعة بجودة وحرفية عاليتين، بعيدًا عن التقارير التلفزيونية". يُضيف الخوري أن تنظيم مهرجانٍ خاصٍ بأفلام عربية في أوروبا "يحمّلنا مسؤوليات أكبر لاختلافه عن تنظيم مهرجان شبيه به في العالم العربي". يقول إن سبب هذا مرتبط بـ"وجود عددٍ كبيرٍ من العرب في برلين"، مُشيرًا إلى أن "جمهور المهرجان يتكوّن أيضًا من الألمان وغيرهم. هذا جمهور يرغب في اكتشاف الحضارة والثقافة العربيتين، ولديه فضول للتعرّف عليهما، خاصة في مدينة متنوّعة ثقافيًا، يحتاج الناس فيها إلى معرفة من يعيش إلى جانبهم، ومن يركب الـ"مترو" معهم، كي يتمكّنوا من فهم بعضهم البعض بشكل أفضل".
أما بالنسبة إلى الأفلام المشاركة، فقالت الجعبة إن هناك "تنوّعًا كثيرًا". ففي الأعوام الماضية، "كنّا نحصل على أكبر عدد من طلبات المُشاركة من مصر. هذه الحالة غير موجودة في الدورة الـ9، فطلبات المشاركة الأكثر آتية من لبنان مثلاً. هذه مرآة للتغيّيرات الإنتاجية السينمائية في العالم العربي".
مرّت برلين، كمدينة متنوّعة الثقافات، بتغييرات عديدة على هذا المستوى، في الأعوام الـ9 الماضية. عن الحضور الثقافي العربي فيها، يقول فادي عبد النور، المدير الفني لـ"مهرجان الفيلم العربي برلين" إن "الحديث عن التنوّع، في ما يتعلّق بالثقافات العربية في برلين، يطرح سؤالاً حول من يضيف لهذا التنوّع، وما هو المضمون الذي تحتويه هذه الثقافة". يقول إنه "لا يمكن تجاهل حقيقة أنه، في الأعوام الـ10 الأخيرة، صار المشهد متنوّعًا أكثر. الثقافة العربية حاضرة، لكنها مرتبطة باللجوء فقط، ويُنظر إليها من رؤية استعمارية، إذْ كل ما يأتي من العالم العربي ويهمّ الناس هنا مرتبطٌ، أساسًا، بقضايا إشكالية، كالحرب والدين. غير ذلك ليس مطلوبًا ولا يهمّ أحدًا ويحثّه على المشاهدة". هذا يعني، بالنسبة إلى عبد النور، وجود "مشكلة، إذا نظرنا إلى الرابط الثقافي للمدينة مع أماكن أخرى في العالم، عدا عن المنطقة العربية، حيث هناك تركيز أكثر على الجماليات والجوانب الفنية مقارنة بالقضايا الإشكالية".
مع ذلك، يرى فادي عبد النور وكلاوديا الجعبة أن للمهرجان "دورًا إيجابيًا" في الأعوام الـ9 الأخيرة. تقول الجعبة: "أحد نجاحاتنا، وربما هو نجاح صغير لكنه سائرٌ في الاتّجاه الصحيح، يكمن في تعاوننا مع منظّمات داعمة، كمؤسّستي "روزا لوكسمبورغ" و"فريدريش إيبرت"، حول أفلام ومواضيع متنوعة. نجحنا معًا في نقل الاهتمام من مواضيع "إكزوتيكية" عن العالم العربي، إلى مواضيع لا تزال تعكس قضايا إشكالية، لكنها تقدَّم بعيون أصحابها وصنّاع أفلامها، ومنها أفلام تخصّ فلسطين. في العام الماضي، تعاونّا مع "مؤسّسة فريدريش إيبرت" لعرض فيلم "اصطياد أشباح" للفلسطيني رائد أنضوني، الذي لم نتوقع أن يُعرض، لأن المؤسسة تتواصل مع حزب "إس بي دي" الألماني، الذي له موقف محدّد من قضية "فلسطين ـ إسرائيل". المؤسّسة نفسها دعمت عرض الفيلم. هذه إشارة جيّدة في ما يتعلّق بثقة المؤسّسة بسرد القصّة، وأيضًا في فتح أفق لسرديات أخرى".
في الإطار الفلسطيني نفسه، يخصّص "مهرجان الفيلم العربي" في دورته هذه برنامجًا خاصًا بالذكرى الـ70 لـ"نكبة فلسطين"، يتضمّن عرض 3 أفلام: "السطح" لكمال الجعفري و"المنام" لمحمد ملص و"فلسطين في العين" لمصطفى أبو علي. بالإضافة إلى محاضرة بعنوان "سجل الاختفاء" لمهند يعقوبي، وأخرى عن التعاون السينمائي بين "منظمة التحرير الفلسطينية" وألمانيا الشرقية (سابقًا)، في سبعينيات القرن الماضي، تقدّمها إيريت نايدهرت.
عن أهمية البرنامج في برلين، يقول فادي عبد النور: "مقارنة بأحداث ثقافية في العالم العربي، ينتمي المهرجان إلى المشهد الثقافي في برلين. أفلامه تُعرض في صالات سينمائية مهمّة، وأحداثه تُغطَّى عبر صحافة ثقافية ألمانية. لهذا، فإن الحدث الوحيد الذي يحيي ذكرى النكبة وينتمي إلى المشهد الثقافي المركزي في المدينة، هو المهرجان. هذا بحدّ ذاته مهم للغاية".
من ناحية أخرى، يقول ربيع الخوري (مبرمج أفلام) بخصوص اختيار الأفلام: "نحن فريق عمل صغير. كي نختار أفلامًا من أصل 650 (استلمناها لهذه الدورة)، علينا مشاهدتها كلّها، خاصّة أن هناك أفلامًا تصلنا لم نسمع عن صنّاعها قبلاً، وتفاجئنا لأهميتها فنرغب في عرضها. لا نهتمّ فقط بالأفلام المثيرة للضجّة. مهمّ جدًا للمهرجان أن يكتشف مواهب جديدة، وأن يُسلّط الضوء عليها. هذا التنوّع والدمج في المهرجان بين أفلام لمخرجين معروفين في العالم بأفلام لمخرجين يخطون خطوات أولى لهم في الصناعة السينمائية، يُعتبران من أولويات المهرجان، والهدف يبقى كامنًا في اكتشاف أسماء جديدة وتقديم أفلامها إلى الجمهور".
عن الجمهور، يتساءل الخوري: "بالإضافة إلى اهتمامنا بالجمهور، لدينا تساؤلات: كيف يستقبل الجمهورُ الأفلامَ؟ هل برمجتها سهلة، أم لا؟ كيف يتفاعل الجمهور معها؟ جمهور المهرجان حاضرٌ جدًا. كلّ عام، هناك من يتابع النشاطات ويهتم بها ويناقش مضامينها. هناك من لديه فضول للمعرفة، واكتشاف العالم العربي عبر أفلام مصنوعة بجودة وحرفية عاليتين، بعيدًا عن التقارير التلفزيونية". يُضيف الخوري أن تنظيم مهرجانٍ خاصٍ بأفلام عربية في أوروبا "يحمّلنا مسؤوليات أكبر لاختلافه عن تنظيم مهرجان شبيه به في العالم العربي". يقول إن سبب هذا مرتبط بـ"وجود عددٍ كبيرٍ من العرب في برلين"، مُشيرًا إلى أن "جمهور المهرجان يتكوّن أيضًا من الألمان وغيرهم. هذا جمهور يرغب في اكتشاف الحضارة والثقافة العربيتين، ولديه فضول للتعرّف عليهما، خاصة في مدينة متنوّعة ثقافيًا، يحتاج الناس فيها إلى معرفة من يعيش إلى جانبهم، ومن يركب الـ"مترو" معهم، كي يتمكّنوا من فهم بعضهم البعض بشكل أفضل".