بعد مرور أسبوع فقط على نشره في موقع يوتيوب، تجاوز عدد مشاهدات الفيلم الوثائقي "كوليما - وطن خوفنا" الذي يكشف نطاق القمع في عهد الدكتاتور السوفييتي، جوزيف ستالين، حاجز العشرة ملايين.
يسافر مقدم الفيلم، وهو الناشط الروسي الأشهر على يوتيوب، يوري دود، برحلة في منطقة كوليما الواقعة في أقصى شمال شرق روسيا، حيث تقل درجة الحرارة عن 50 درجة مئوية تحت الصفر، والتي كانت تحتضن عدداً من معسكرات العمل الإجباري المعروفة باسم "غولاغ" في الحقبة الستالينية.
الرحلة تتخللها حوارات مع أبناء بعض الشخصيات التي تعرضت للقمع والاعتقال في تلك المرحلة المأساوية من التاريخ السوفييتي.
يستهل دود فيلمه بالكشف عن دوافعه لتصويره، ومنها عدم علم الشباب بتلك الأحداث، وانتقال حاجز الخوف من جيل إلى جيل، جراء ما تعرض له الأجداد في النصف الأول من القرن الماضي.
كما يتطرق الفيلم إلى تاريخ منظومة "غولاغ" التي طاولت نحو عشرين مليون شخص، وقضت على حياة مليونين منهم، ودور العمل الإجباري في تحقيق مشاريع صناعية كبرى، وإنشاء البنية التحتية وبناء مدن كاملة في مناطق نائية ذات ظروف جوية بالغة القسوة.
لم يستثن القمع الستاليني العديد من الشخصيات العلمية والثقافية البارزة، ومن بينهم العالم والمصمم، سيرغي كوروليوف، الذي أشرف على عملية إطلاق أول قمر صناعي وأول رحلة مأهولة إلى الفضاء، ومصمم الطائرات، أندريه توبوليف، وعدد من الأدباء والمثقفين.
ومن بين الشخصيات التي تدلي بشهاداتها في الفيلم، ناتاليا ابنة كوروليوف، وتكشف عن قسوة ظروف اعتقال والدها وملابسات الإفراج المبكر عنه في عام 1944.
يتضمن فيلم "كوليما" كذلك تذكيراً ببعض الوقائع التاريخية مثل "الإرهاب الكبير"، وهو مصطلح يطلق على الفترة الأكثر دموية من القمع السياسي في عامي 1937 - 1938 والتي أسفرت عن إعدام أكثر من 680 ألف شخص.
لم يتم رد الاعتبار لضحايا القمع إلا بعد وفاة ستالين (1953)، وتولي زعيم الاتحاد السوفييتي الجديد، نيكيتا خروتشوف، زمام السلطة في البلاد والذي قدّم في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في عام 1956 تقريراً ندّد فيه بعبادة الفرد وجرائم ستالين وديكتاتوريّته.
ظل القمع الستاليني راسخاً في الذاكرة التاريخية للروس لنحو نصف قرن، ولكنه بدأ يتراجع فيما بعد، بل تحول ستالين تدريجياً إلى شخصية تاريخية "إيجابية"، وفق ما تظهره استطلاعات الرأي.
يذكر أن دود نال شهرة واسعة بين الشباب الروس، وأصبح من الشخصيات المؤثرة في المشهد الإعلامي الروسي، عن طريق إجراء حوارات جريئة مع الشخصيات العامة الروسية سواء أكانت مؤيدة لسياسات الكرملين أم معارضة لها، وذلك عبر قناته على يوتيوب التي حظيت بأكثر من نصف مليار مشاهدة حتى الآن.