بعد 7 أيام متتالية من العروض السينمائية المختلفة (156 فيلماً، بينها 58 تُعرض للمرة الأولى عالمياً ودولياً، و78 لمخرجين عرب)، أُعلنت جوائز المسابقات الخاصّة بالدورة الـ 13 (7 ـ 14 ديسمبر/ كانون الأول 2016) لـ "مهرجان دبي السينمائي الدولي": المهر الطويل، المهر القصير، المهر الإماراتي، والمهر الخليجي. 7 أيام مليئة بشتّى أنواع الأفلام والحكايات والانفعالات والصُوَر، بعضها "نخبويٌّ" يمتلك نَفَساً تجارياً، علماً أن أفلاماً أجنبية عديدة، مُشاركة في برنامج "سينما العالم"، مُرشّحة لجوائز "غولدن غلوب" الـ 74 (8 يناير/ كانون الثاني 2017)، ويُتوقّع لبعضها ترشيحاً لـ "أوسكار" (26 فبراير/ شباط 2017). 7 أيام تنتهي بجوائز قليلة لكلّ مسابقة، اختيرت لها أفلامٌ وجدت لجان التحكيم أنها الأفضل، لجودتها السينمائية، أو لمواضيعها المثيرة للانتباه.
لكن هذا لن يُلغي واقعاً معتاداً، يُفيد بأن لجان التحكيم تقع، غالباً، في "مأزق" التوافق بين عددٍ قليلٍ جداً من المتخصّصين بشؤون سينمائية متنوّعة، ما يعني أن احتمال تغييب أفلامٍ أكثر جودة من تلك الفائزة، أمرٌ قابلٌ للتحقّق. وهو حاصلٌ في نتائج الدورة الأخيرة لمهرجان دبي، إذْ لم يحصل "نار من نار" للّبناني جورج هاشم، مثلاً، على أية جائزة، رغم أصالته السينمائية، في حين أن الممثل المصري علي صبحي انتزع جائزة أفضل ممثل، عن دوره في "علي معزة وإبراهيم" لشريف البنداري، الذي يثير ما يُشبه إجماعاً نقدياً على اعتباره أحد أفضل الأفلام الروائية الطويلة، المُشاركة في مسابقة "المهر الطويل"، المتضمّنة أفلاماً وثائقية أيضاً، ينال أحدها، "مخدومون" للّبناني ماهر أبي سمرا، جائزة أفضل فيلم غير روائي. بينما يحصل "الرياح السوداء"، للكردي العراقي حسين حسن، على جائزة أفضل فيلم روائي طويل.
يتناول فيلما "مخدومون" و"الرياح السوداء" موضوعين إنسانيين أساسيين، في راهن جغرافيا عربية تعاني الأمرّين، جراء تخبّطات وارتباكات وتبدّلات، إذْ يواكب الأول أحوال خادمات أجنبيات يعملن في منازل لبنانية، عبر "وكالة زين"، التي تختار "طلبية بالبريد"، تتلاءم وحاجات راغبين في خادمات آسيويات وأفريقيات. وينشغل الثاني براهنٍ ناشئ من ظهور "داعش"، والأفعال الدموية العنيفة له بحقّ إيزيديات، عبر قصة حبّ غير مكتمل بين ريكو وبيرو، اللذين يستعدان لزواج، يُعلَّق بسبب خطف "داعش" لبيرو وإيزيديات أخريات، تتعرّضن للتعذيب والاغتصاب، على أيدي إرهابيي التنظيم. أما "علي معزة وإبراهيم"، فيتابع وقائع رحلة يقوم بها علي وإبراهيم في أنحاء مصر، لن تكون جغرافية فقط، بل غوصاً في الذات والعلاقة والمعرفة واللقاء.
رحلة أخرى يختبرها شاب ضرير، في "ربيع" لفاتشي بولغورجيان، بحثاً عن جذورٍ ضائعة، وأهلٍ غائبين، وتاريخٍ عائلي مغيِّب عنه. لكن الجائزة تكون للّبنانية جوليا قصّار، كأفضل ممثلة، عن دورها فيه. بينما ينال المصري محمد حمّاد جائزة "المهر الطويل" لأفضل إخراج، عن فيلمه الروائي الطويل الأول "أخضر يابس"، الذي يُعتَبر أحد أبرز عناوين السينما المستقلة في مصر، التي يصنعها شبابٌ، يفرضون نتاجاتهم البصرية المتينة الصنعة، بخروجهم على سلطة الشركات الإنتاجية الكبيرة، وبتقديمهم صُوَراً تجديدية في مقاربات درامية لقصص ذاتية، تنفتح على الاجتماع المصري برمّته.
وإذْ يسعى ربيع إلى معرفة تاريخه الشخصي، فإن الفيلم المصري يحفر عميقاً في أحوال شقيقتين تواجهان قدرهما المأسوي، في عائلة مُفكّكة، إما بسبب موتٍ يُصيب أفراداً منها، وإما لابتعاد أفرادٍ آخرين عنهما، بتجاهلهم إياهما. فيلمٌ يكشف استخداماً بديعاً للغة سينمائية، تستند على الصمت كحوارٍ ومرآةٍ تعكس دواخل الأفراد القلائل ونواياهم وأهوال عيشهم، وإنْ يتخلّل الصمتَ كلامٌ مقتضب.
في مسابقة "المهر القصير"، ينال "خلينا هكا خير" للتونسي مهدي البرصاوي جائزة أفضل فيلم، و"صبمارين" للّبنانية مونيا عقل جائزة لجنة التحكيم. في 19 دقيقة، يروي الأول حكاية عجوز يتشرّد بين منازل أبنائه، فتنكشف حقائق، وتظهر مآزق، وتنفتح الأبواب على كلّ مخفيّ ممكن. وفي 21 دقيقة، يتجوّل الثاني بين أكياس النفايات الشاهقة في الشوارع وبين الأبنية والمنازل، ما يدفع الناس جميعهم إلى التخلّي عن مساكنهم لخلاصٍ مُرتجى، باستثناء هالة (يمنى مروان)، المُصرّة على مواجهة التحدّي بجرأة البقاء.
اقــرأ أيضاً
إلى ذلك، تُمنح جائزة "المهر الإماراتي" لأفضل إخراج، لياسر النيادي، عن "روبيان"؛ وجائزة أفضل فيلم إماراتي طويل لـ "الرجال عند الدفن فقط" لعبد الله الكعبي، وأفضل فيلم إماراتي قصير لـ "ممسوس" لشذى مسعود. تتجوّل حبكة الأول في ليلة غريبة، يلتقي فيها أشخاص عديدون، يُعبّرون عن حالاتهم ورغباتهم وأفكارهم بصمتٍ مُطبق. ويكشف الثاني خفايا ذاكرة خاصّة بسيدة، أمام بناتها الجاهلات أخبار والدتهن. بينما يسرد الثالث حالات أناس مُصابين بالاكتئاب الحاد وبنوبات الذعر.
أخيراً، هناك مسابقة "المهر الخليجي القصير"، التي يفوز فيها "فضيلة أن تكون لا أحد" للسعودي بدر الحمودي بجائزة أفضل فيلم، و"300 كلم" لمواطنه محمد الهليل بجائزة لجنة التحكيم: ينقل الأول ارتباك شاب يفقد عائلته، ويعيش توتراً، بعد لقائه عجوزاً مُسناً أعور، ويُسلِّط الثاني ضوءاً على حالة اجتماعية، مع رجل وامرأة يلتقيان في سيارة صغيرة، تسير بهما في سفر ممتدٍ على 300 كلم.
لكن هذا لن يُلغي واقعاً معتاداً، يُفيد بأن لجان التحكيم تقع، غالباً، في "مأزق" التوافق بين عددٍ قليلٍ جداً من المتخصّصين بشؤون سينمائية متنوّعة، ما يعني أن احتمال تغييب أفلامٍ أكثر جودة من تلك الفائزة، أمرٌ قابلٌ للتحقّق. وهو حاصلٌ في نتائج الدورة الأخيرة لمهرجان دبي، إذْ لم يحصل "نار من نار" للّبناني جورج هاشم، مثلاً، على أية جائزة، رغم أصالته السينمائية، في حين أن الممثل المصري علي صبحي انتزع جائزة أفضل ممثل، عن دوره في "علي معزة وإبراهيم" لشريف البنداري، الذي يثير ما يُشبه إجماعاً نقدياً على اعتباره أحد أفضل الأفلام الروائية الطويلة، المُشاركة في مسابقة "المهر الطويل"، المتضمّنة أفلاماً وثائقية أيضاً، ينال أحدها، "مخدومون" للّبناني ماهر أبي سمرا، جائزة أفضل فيلم غير روائي. بينما يحصل "الرياح السوداء"، للكردي العراقي حسين حسن، على جائزة أفضل فيلم روائي طويل.
يتناول فيلما "مخدومون" و"الرياح السوداء" موضوعين إنسانيين أساسيين، في راهن جغرافيا عربية تعاني الأمرّين، جراء تخبّطات وارتباكات وتبدّلات، إذْ يواكب الأول أحوال خادمات أجنبيات يعملن في منازل لبنانية، عبر "وكالة زين"، التي تختار "طلبية بالبريد"، تتلاءم وحاجات راغبين في خادمات آسيويات وأفريقيات. وينشغل الثاني براهنٍ ناشئ من ظهور "داعش"، والأفعال الدموية العنيفة له بحقّ إيزيديات، عبر قصة حبّ غير مكتمل بين ريكو وبيرو، اللذين يستعدان لزواج، يُعلَّق بسبب خطف "داعش" لبيرو وإيزيديات أخريات، تتعرّضن للتعذيب والاغتصاب، على أيدي إرهابيي التنظيم. أما "علي معزة وإبراهيم"، فيتابع وقائع رحلة يقوم بها علي وإبراهيم في أنحاء مصر، لن تكون جغرافية فقط، بل غوصاً في الذات والعلاقة والمعرفة واللقاء.
رحلة أخرى يختبرها شاب ضرير، في "ربيع" لفاتشي بولغورجيان، بحثاً عن جذورٍ ضائعة، وأهلٍ غائبين، وتاريخٍ عائلي مغيِّب عنه. لكن الجائزة تكون للّبنانية جوليا قصّار، كأفضل ممثلة، عن دورها فيه. بينما ينال المصري محمد حمّاد جائزة "المهر الطويل" لأفضل إخراج، عن فيلمه الروائي الطويل الأول "أخضر يابس"، الذي يُعتَبر أحد أبرز عناوين السينما المستقلة في مصر، التي يصنعها شبابٌ، يفرضون نتاجاتهم البصرية المتينة الصنعة، بخروجهم على سلطة الشركات الإنتاجية الكبيرة، وبتقديمهم صُوَراً تجديدية في مقاربات درامية لقصص ذاتية، تنفتح على الاجتماع المصري برمّته.
وإذْ يسعى ربيع إلى معرفة تاريخه الشخصي، فإن الفيلم المصري يحفر عميقاً في أحوال شقيقتين تواجهان قدرهما المأسوي، في عائلة مُفكّكة، إما بسبب موتٍ يُصيب أفراداً منها، وإما لابتعاد أفرادٍ آخرين عنهما، بتجاهلهم إياهما. فيلمٌ يكشف استخداماً بديعاً للغة سينمائية، تستند على الصمت كحوارٍ ومرآةٍ تعكس دواخل الأفراد القلائل ونواياهم وأهوال عيشهم، وإنْ يتخلّل الصمتَ كلامٌ مقتضب.
في مسابقة "المهر القصير"، ينال "خلينا هكا خير" للتونسي مهدي البرصاوي جائزة أفضل فيلم، و"صبمارين" للّبنانية مونيا عقل جائزة لجنة التحكيم. في 19 دقيقة، يروي الأول حكاية عجوز يتشرّد بين منازل أبنائه، فتنكشف حقائق، وتظهر مآزق، وتنفتح الأبواب على كلّ مخفيّ ممكن. وفي 21 دقيقة، يتجوّل الثاني بين أكياس النفايات الشاهقة في الشوارع وبين الأبنية والمنازل، ما يدفع الناس جميعهم إلى التخلّي عن مساكنهم لخلاصٍ مُرتجى، باستثناء هالة (يمنى مروان)، المُصرّة على مواجهة التحدّي بجرأة البقاء.
إلى ذلك، تُمنح جائزة "المهر الإماراتي" لأفضل إخراج، لياسر النيادي، عن "روبيان"؛ وجائزة أفضل فيلم إماراتي طويل لـ "الرجال عند الدفن فقط" لعبد الله الكعبي، وأفضل فيلم إماراتي قصير لـ "ممسوس" لشذى مسعود. تتجوّل حبكة الأول في ليلة غريبة، يلتقي فيها أشخاص عديدون، يُعبّرون عن حالاتهم ورغباتهم وأفكارهم بصمتٍ مُطبق. ويكشف الثاني خفايا ذاكرة خاصّة بسيدة، أمام بناتها الجاهلات أخبار والدتهن. بينما يسرد الثالث حالات أناس مُصابين بالاكتئاب الحاد وبنوبات الذعر.
أخيراً، هناك مسابقة "المهر الخليجي القصير"، التي يفوز فيها "فضيلة أن تكون لا أحد" للسعودي بدر الحمودي بجائزة أفضل فيلم، و"300 كلم" لمواطنه محمد الهليل بجائزة لجنة التحكيم: ينقل الأول ارتباك شاب يفقد عائلته، ويعيش توتراً، بعد لقائه عجوزاً مُسناً أعور، ويُسلِّط الثاني ضوءاً على حالة اجتماعية، مع رجل وامرأة يلتقيان في سيارة صغيرة، تسير بهما في سفر ممتدٍ على 300 كلم.