تعتبر الموسيقى من عناصر تأريخ للزمان والمكان، تتأثر بهما وتؤثر فيهما. ونتيجة لهذه العلاقة المتشابكة والحتمية بين الموسيقى التاريخ والجغرافيا نستمع إلى موسيقى جيدة، وموسيقى رديئة. لا يشذّ الخليج العربي وموسيقاه عن هذه القاعدة. تلك الموسيقى التي تأثرت بصراعات القبائل، وبالصحراء، فأنتجت بنسخها الأولى أعمالاً تبحث عن الفخر وعن تمجيد العرق والقبيلة. ثمّ تطورّت صيغة الحياة وشكل الدولة في الخليج. وتأثرت الموسيقى بدورها. فباتت تشكّل تماهياً مع الشكل الجديد للدولة الحديثة، وحصل اتفاق ضمني بين الفنانين والأنظمة على تغييب الأغنية السياسية لصالح الأغنية الوطنية. هكذا بات فنانو الخليج ينتجون بشكل دوري في كل عيد وطني مجموعة من الأغاني التي تمجّد الدولة وتمجّد الحاكم.
حققت الأغنية الوطنية، الهدف المناسب منها، خاصة في بداية ازدهار الخليج الاقتصادي، وشارك أغلب المطربين العرب وخصوصا المصريين في الغناء للخليج، بداية من أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وغيرهما من أغلب نجوم الصف الأول في الوطن العربي. طبعاً شذّت عن القاعدة تجارب قليلة جداً بقيت كلها في الظلّ.
هكذا إذاً وطيلة عقود غابت الأغنية السياسية تماماً عن المشهد الخليجي، مقابل ازدهار لافت للأغنية الوطنية، والتي زاد من تدفقها سيطرة شركات الإنتاج الخليجية، السعودية بشكل خاص على سوق الغناء العربي في العقدين الأخيرين من الزمن.
لكن مع الأزمة الخليجية الأخيرة، التي أدّت إلى حصار قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، أطلّت علينا الأغنية السياسية والوطنية المدموجة في عمل واحد، رديء في كل التجارب: أغان تهدف إلى تمجيد دولة من خلال الذمّ بدولة أخرى، باستخدام كلام ساذج في أغلب التجارب.
تجربة حصار قطر
بداية أصدر فنانون بالسعودية أغنية "علّم قطر" في شهر سبتمبر/أيلول. ومن بين هؤلاء كان عبد المجيد عبدالله، رابح صقر، ماجد المهندس، وراشد الماجد. بعدها بشهرين جاء دور الإمارات بأغنية لا تقلّ إسفافاً عن الأغنية السعودية. فجنّدت أبو ظبي الفنانين حسين الجسمي، وميحد حمد، عيضة المنهالي، فايز السعيد، حمد العامري، أحمد الهرمي، علي بن محمد، وفؤاد عبد الواحد، لتأدية أغنية "قولوا لقطر". وإلى جانب رداءة الأغنيتين الفنية، فقد بدتا أقرب إلى البيان السياسي منهما إلى الأغنية، أغان تم صناعتها بالأمر، فجاءت خالية من أي معايير فنية وموسيقية.
اقــرأ أيضاً
فما هو تصنيف هذه الأعمال: هل هي أغنية وطنية أم أغنية سياسية؟ الحقيقة أنها شكل جديد من أغاني الذمّ، لا تدخل في أي خانة من الأغاني، حتى تلك التي تغنّى في الحروب. ولعلّ السبب هو ضياع هوية الأغنية السياسية وغيابها تماماً لسنوات عن المشهد الخليجي، لذلك جاءت أولى محاولات الأغاني السياسية كنقطة غير مضيئة في تاريخ كل النجوم المشاركين في العملين المذكورين أعلاه. وما زاد من رداءة هذه الأغاني وعدم مصداقيتها أن أغلب من غنوا ضد قطر، ستجدهم مشاركين بأغنية وطنية لقطر أو أكثر من أغنية، متغنين بعائلتها الحاكمة وبشعبها وبطبيعة البلاد وحسن الجوار.
الأغنية اليتيمة
أغنية واحدة قدمت في محاولة لنبذ التحريض بين دول المنطقة، كانت في برنامج "سوار شعيب"، وجاءت الأغنية تحت اسم "بكفينا خليجيين"، دعوة للحب بين الدول الأشقاء، رغم بساطة الأغنية في صناعتها أو كلماتها، إلا أنها حققت نجاحا يقارب نجاح الأغاني التي هاجمت قطر، رغم أنّ الأغنية تدخل في خانة الأغاني الوطنية لا السياسية.
هكذا إذاً وطيلة عقود غابت الأغنية السياسية تماماً عن المشهد الخليجي، مقابل ازدهار لافت للأغنية الوطنية، والتي زاد من تدفقها سيطرة شركات الإنتاج الخليجية، السعودية بشكل خاص على سوق الغناء العربي في العقدين الأخيرين من الزمن.
لكن مع الأزمة الخليجية الأخيرة، التي أدّت إلى حصار قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، أطلّت علينا الأغنية السياسية والوطنية المدموجة في عمل واحد، رديء في كل التجارب: أغان تهدف إلى تمجيد دولة من خلال الذمّ بدولة أخرى، باستخدام كلام ساذج في أغلب التجارب.
تجربة حصار قطر
بداية أصدر فنانون بالسعودية أغنية "علّم قطر" في شهر سبتمبر/أيلول. ومن بين هؤلاء كان عبد المجيد عبدالله، رابح صقر، ماجد المهندس، وراشد الماجد. بعدها بشهرين جاء دور الإمارات بأغنية لا تقلّ إسفافاً عن الأغنية السعودية. فجنّدت أبو ظبي الفنانين حسين الجسمي، وميحد حمد، عيضة المنهالي، فايز السعيد، حمد العامري، أحمد الهرمي، علي بن محمد، وفؤاد عبد الواحد، لتأدية أغنية "قولوا لقطر". وإلى جانب رداءة الأغنيتين الفنية، فقد بدتا أقرب إلى البيان السياسي منهما إلى الأغنية، أغان تم صناعتها بالأمر، فجاءت خالية من أي معايير فنية وموسيقية.
فما هو تصنيف هذه الأعمال: هل هي أغنية وطنية أم أغنية سياسية؟ الحقيقة أنها شكل جديد من أغاني الذمّ، لا تدخل في أي خانة من الأغاني، حتى تلك التي تغنّى في الحروب. ولعلّ السبب هو ضياع هوية الأغنية السياسية وغيابها تماماً لسنوات عن المشهد الخليجي، لذلك جاءت أولى محاولات الأغاني السياسية كنقطة غير مضيئة في تاريخ كل النجوم المشاركين في العملين المذكورين أعلاه. وما زاد من رداءة هذه الأغاني وعدم مصداقيتها أن أغلب من غنوا ضد قطر، ستجدهم مشاركين بأغنية وطنية لقطر أو أكثر من أغنية، متغنين بعائلتها الحاكمة وبشعبها وبطبيعة البلاد وحسن الجوار.
الأغنية اليتيمة
أغنية واحدة قدمت في محاولة لنبذ التحريض بين دول المنطقة، كانت في برنامج "سوار شعيب"، وجاءت الأغنية تحت اسم "بكفينا خليجيين"، دعوة للحب بين الدول الأشقاء، رغم بساطة الأغنية في صناعتها أو كلماتها، إلا أنها حققت نجاحا يقارب نجاح الأغاني التي هاجمت قطر، رغم أنّ الأغنية تدخل في خانة الأغاني الوطنية لا السياسية.