أخيراً، صار مُؤكّداً عدم وجود أي حفلات أو سهرات في ليلة رأس السنة في لبنان. بعض المقاهي والمسارح ستحاول أن تنقذ الليلة الأخيرة ببرامج محليَّة. لكن الواضح هو سفر عدد كبير من المغنين اللبنانيين إلى الخارج للقيام بالنشاطات الفنيَّة. ولا تقتصِر هذه العطالة على حفلات الغناء فقط، بلْ تطاولُ مجالات المسرح والسينما والإنتاج الدرامي التلفزيوني، إذْ إنَّ معظم العروض، التي كان مُقرّراً أن تُنفَّذ في لبنان صارت أسيرة الوضع الاقتصادي، وشحّ العملات في المصارف.
وحقَّق لبنان في السنوات الأخيرة نجاحاً كبيراً على صعيد توظيف أو استثمار الدراما العربية المشتركة، إذْ كانت الأخيرة بمثابة سلاحٍ جيّد للمنتجين، خلال هذه الأزمة المستجدَّة اليوم. وتؤكِّد المعلومات أنَّ أرباح شركات الإنتاج اللبنانية القادمة من المسلسلات العربية المشتركة التي غزت الأسواق، خصوصاً في شهر رمضان، تُعتبَر الأرباح الأعلى في العقد الأخير على صعيد الإنتاج اللبناني والسوري معاً.
وصارَت هذه الأعمال المنافس الأوَّل للدراما الخليجيَّة التي تُعتبَر، عادةً، الأكثر كلفة في الإنتاج. وأدّى هذا الأمر إلى تراجع السوق المصري عربياً، وبقائها في سياق السوق المصري المحليَّ. بل إنَّ أعمال الدراما العربية المُشتركة عبرت إلى الشاشات المصرية، الأمر الذي شكَّل عامل استثمار آخر لشركات الإنتاج اللبنانية التي تنفذ إنتاج أغلب الأعمال المشتركة.
ويؤكِّد بعض العاملين في شركات الإنتاج اللبنانية أن فكرة الهجرة إلى خارج لبنان للبدء بتصوير بعض المسلسلات الخاصة بشهر رمضان، هربًا من الأزمة، هي فكرة واردة، لكن من غير الضروري الإفصاح عنها اليوم، في انتظار حل جذري لمشكلة التداول وأسعار صرف العملات الأجنبية، إذْ إنَّها المعضلة الأولى التي أوقعت المنتجين في فخ كيفية تدبُّر الأزمة، إذ ستظهر المشاكل في آليَّة التعاقد مع الفنانين، وخصوصاً من ناحية سحب المستحقَّات والأتعاب التي يتكفَّل بها المنتج طوال فترة التصوير، وهذا ما لا يمكن إتمامه اليوم، في ظل أزمة السيولة الماليّة التي يتعرَّض لها لبنان.
بكلّ الأحوال، بدأ قبل أيام في بيروت تصوير مسلسل "هدر الدم"، وهو من إنتاج شركة "إيغل فيلم" التي تعمل على الإسراع في إنتاج مسلسلاتها. والواضح أنَّ الاتفاق وإبرام العقود من أجل إنتاج المسلسل كان بداية السنة الحالية، الأمر الذي سهَّل العمل والاتّفاق بشأن التنفيذ. لكن رغم ذلك، يعيش المنتجون في لبنان أملاً في انتهاء الأزمة، أو حلّ مشكلة السيولة في المصارف اللبنانية، وذلك لزيادة الاستثمار، والبدء بتنفيذ الأعمال الدرامية.
وينفي مصدرٌ آخر في شركة إنتاج لبنانية نيَّة الشركة الهجرة إلى دمشق لتنفيذ أو تصوير مسلسلات جديدة خاصة بموسم رمضان 2020. ويعتبر المصدر أنه توجد إمكانيَّة للتصوير في لبنان، خصوصاً أن معظم الفنانين يتفهمون الوضع، وبالتالي، لا مشكلة مالية بالنسبة للشركة التي ترصد ميزانيات خاصة للمسلسلات قبل وقت، وتوقّع العقود أحياناً قبل عام من بداية التصوير، أو عند المباشرة بتنفيذ مشروع المسلسل. لكن، إذْ استمرَّ الحال على ما هو عليه، ستكون هنالك إجراءات جديدة بشأن الإنتاجات المقبلة، أي لمواسم السنة المقبلة. وربما وقتها سيكون بالإمكان التفكير في نقل العمل إلى بلد آخر، بحسب ما تفرضه الظروف.