وعقب نشر الصحيفة، التوضيح والاعتذار، بالإضافة إلى تعديلها الخبر المنشور على موقعها، منذ شهر يوليو/تموز الماضي، توالت التعليقات التي أثنت على الخطوة.
عنوان الخبر الذي استفز عدة جهات في المملكة المتحدة يوم نُشر كان "أهلاً بكم في شرق لندن: عصابة من المسلمين تتلف إطارات سيارة شعبة الهجرة قبل أن يتساقط البيض على سقفها من مبنى مجاور"، يومها قدّم المستشار الإداري، مقداد فيرسي، شكوى لمنظمة "إبسو"، بعد محاولته التواصل مع "ديلي ميل" وحثهم على تصحيح الخبر والاعتذار. تجاوب الصحيفة مع فيرسي أتى بسيطاً؛ حيث أكدت أنها "لم تهدف إلى الإساءة للمسلمين بالخبر"، ولكن التصحيح لم يتم إلا بعد تواصله مع "إيبسو".
أما بنية الخبر الذي نشر يومها فأُسندت إلى شاهد عيان، لم يُكشف عن اسمه، ادعى أنه شاهد خمسة أو ستة شبان يتجهون لتمزيق إطارات الشاحنة بسكاكينهم. ونقلت الصحيفة على لسان الشاهد قوله "أعتقد أن بضعة مسلمين قاموا بتلك الحيلة، معتقدين أنها مزاح، ولكن الأمر ليس مضحكاً".
وبعد التواصل مع "إيبسو"، وافقت "ديلي ميل" على تصحيح الخبر الوارد في عددها الورقي وعلى موقعها، وأعادت نشر التحقيق مصححاً، مرفقاً بتوضيح عمّا حصل.
فيرسي، الذي تعامل مع الحدث بصفة شخصية، والذي يشغل منصب الأمين العام المساعد للمجلس الإسلامي في بريطانيا، رحّب بخطوة الصحيفة، وقال لصحيفة "الغارديان" البريطانية:
"نلاحظ أن تغطية المسلمين والأخبار المتعلقة بهم في وسائل الإعلام تكون سلبية جداً، التنميط والتعميم يسيطران على العناوين الرئيسية، وفي تلك القصة تحديداً، لم تكن المعلومات لا دقيقة ولا صحيحة، لذا اقتضى التوضيح".
أما صحيفة "الغارديان" البريطانية، فنشرت مقال رأي لـ مقداد فيرسي موضحاً تفاصيل خطأ "ديلي ميل" بعنوان: "حان وقت معاملة وسائل الإعلام للإسلام والمسلمين بعدل". وفي المقال ذكّر فيرسي بخبر "ديلي ميل" والتصحيحات التي تلت نشره، حيث شرح كيف يربط الإعلام الإسلام والمسلمين بالإجرام، لتتحول العبارتان إلى توصيف في عدد من التحقيقات والمقالات التي تتطرق إلى مواضيع ومعضلات لا تتعلق بالإسلام والمسلمين بشكل مباشر.
هو ليس خطأ "ديلي ميل" الأول، فبعد ساعات فقط من حادثة انهيار الرافعة في مكة، جاء عنوان في "ديلي ميل" ليربط مسببات الحادثة بأسامة بن لادن وذكرى 11 سبتمبر/ أيلول.
وعلى الرغم من تصحيح الصحيفة لما ورد في عنوانها، وإزالتها التاريخ، كان الضرر قد وقع، مع انتشار النظرية المتعلقة بالإسلام والإرهاب مجدداً.
وقد وجدت دراسة حديثة أن ما يُقارب 90% من الأخبار والتحقيقات المنشورة عن الإسلام تحوي تلميحات واستنتاجات ووقائع سلبية، وهو واقع يؤكد سيطرة التعصب ويرجّح انتشاره، أمر سيؤدي إلى تمزّق بعض المجتمعات بعد سنوات.
أما الحلول بحسب فيرسي فهي التالية: نشر التوعية على الصعيد الصحافي والاجتماعي، فقد استنتجت دراسة بحثية أن عددا من الصحافيين يجهلون المعاني الحقيقية للإسلام والجهاد والفتوى، ولا يستطيعون التمييز بينها حتى.
التنوّع، وهي عبارة فضفاضة ولكنها سهلة التطبيق، على وسائل الإعلام البريطانية، أو تفسح المجال وتقدم ترقيات لصحافيين من خلفيات دينية واجتماعية متعددة، صحافيين تسمح لهم كفاءتهم بالوصول إلى مراكز أعلى.
تعديل بعض القوانين وإضافة عبارتي "إسلام" و"مسلمين" إلى معجم الكلمات والعبارات الصحافية التي يُسمح باستخدامها عندما تدعو الحاجة فقط، مع حق محاسبة من يسيء استخدامها.
تجدر الإشارة إلى أن معضلة الاسلاموفوبيا وتسويق الإعلام لها بطرق مباشرة وغير مباشرة، لا يقتصر على وسائل الإعلام البريطانية، حيث إن الإعلام العربي نفسه غالباً ما يسيء استخدام العبارات والتعريفات المتعلقة بالإسلام. هنا، لا ضرر من إعادة قراءة وتحديد المصطلحات قبل النشر، لأن العالم العربي يبقى أولاً وأخيراً، المسؤول الأول عن الرصد والتصحيح، إذا دعت الحاجة.
اقرأ أيضاً: فرنسا: الإسلاموفوبيا طريق الإعلام في الانتخابات