بعد نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة "المحيّرة"، قد يكون من المفيد العودة إلى عام 2003. تحت هذا العنوان، أعدّ المحرر المتعاون مع مجلة "نيويورك"، كريس سميث، كتاباً بعنوان "ذا ديلي شو" يوثق فيه لحظات تاريخية في أميركا، مثل فرز الأصوات عام 2000، وأحداث 11 سبتمبر/أيلول، وانتخابات 2004، وسنوات عهد الرئيس باراك أوباما، يوضّح كيف أن كل ذلك بدّل وغيّر البرنامج بإدارة الإعلامي الساخر جون ستيورات.
كان ذلك عندما سمع العديدون من فريق عمل برنامج "ديلي شو" خطاب الرئيس جورج دبليو بوش، والذي ورد فيه أشياء تناقض ما كان يقوله عن السياسة الخارجية عندما كان مرشحاً للرئاسة، وارتأوا استعادة كلامه السابقة وتقسيم الشاشة ليقدموا نقاشاً وهمياً بين بوش القديم والجديد، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" التي نشرت مقالاً عن الكتاب الذي تناول مواضيع متنوعة وردت خلال سنوات عرض البرنامج والمراحل التي مر بها.
برنامج "ذا ديلي شو" لجون ستيورات، يعتبر أحد الحكايات الثمينة في هذا التاريخ الشفوي المشوق، الذي يتتبع سباق 16 سنة، والذي حول برنامج "ديلي شو" إلى مؤسسة حيوية في السياسة الأميركية والإعلام.
وكان ستيوارت قد غادر الشاشة في أواخر أغسطس/آب 2015، بعد 16 عاماً قضاها في تقديم برنامج "ذا دايلي شو" على قناة "كوميدي سنترال". ورحل تاركاً وراءه أرشيفاً كبيراً من السخرية الهادفة وبصمةً كبيرة في الإعلام والعالم، وملايين الضحكات.
بدأ جون ستيوارت مسيرته عام 1987، عبر "ستاند أب كوميدي" ليبدأ بعدها مسيرته التلفزيونية عبر برنامج Short Attention Span Theater على "كوميدي سنترال"، والتي انتقل منها إلى "إم تي في" مع The Jon Stewart Show، ثم برنامج You Wrote It, You Watch It على القناة نفسها، ليعود إلى "كوميدي سنترال" في أوائل 1999 مع "ذا دايلي شو".
في مسيرة ستيوارت كثيرٌ، وكان لافتاً آراء النقاد فيه منذ البداية. فبعد تسلّمه البرنامج من كريغ كيلبورن، أظهر النقاد دعماً كبيراً لستيوارت، ولاحظ هؤلاء الفرق بين إدارة الشخصيّتين للبرنامج. وكتبت "نيويورك تايمز حينها: "جون ستيوارت يتعامل مع البرنامج بشكل مختلف وطريف أكثر من سلفه. من الواضح أنّ البرنامج فيه مجهود جماعي ولا يعتمد على شخصيّة واحدة، كما أنّ المقابلات فيه أصبحت أكثر حنكة". واعتبرت "لوس أنجلوس تايمز" حينها أنّ "ستيوارت ليس مغروراً، إنما هو شخصيّة كوميدية تعرف كيف تتعامل مع البرنامج بذكاء".
فاز ستيوارت بـ18 جائزة "إيمي"، وأثّر حضوره على الشاشة على السياسة الأميركية وعلى المشهد الإعلامي الساخر حول العالم. وكان لستيوارت "أعداء لدودون"، أي جهات اعتاد السخرية منها بشكل كثيف. وكان بين هؤلاء قناة "فوكس نيوز"، التي سخر منها ستيوارت مرات عديدة، وكشف زيف ادعاءاتها وعنصريّتها في كثير من المواقف.
كذلك سخر ستيوارت من إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن، والسياسي الجمهوري الأميركي كريس كرستي، وديك تشيني وغيرهما. كما انتقد ستيوارت بشكل لاذع قناتي "سي إن إن" و"إم إس إن بي سي" مرات عدة. وكان أبرز من انتقدهم ستيوارت، أيضاً، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
وبرز في سخرية ستيوارت الحسّ الإنساني، إذ إنّه انتقد كُلّ ما كان خارج المنطق وحقوق الإنسان والحريات. ولعلّ ما قاله بعد مجزرة كنيسة "تشارلستون"، كان من أبرز ما بقي في ذهن المشاهدين، إذ إنّه اعتذر عن إلقاء النكات، وقال، إنّ العنصريّة ما زالت موجودة بشكل كبير في الولايات المتحدة.