لم يسلم الصحافيون والإعلاميون في مصر من مقصلة الموت والملاحقات الأمنية خلال تأدية عملهم الصحافي، خلال السنوات القليلة الماضية، بل إنهم مؤخراً أُدرجوا في كشوف المخفيين قسرًا، مع مئات أو آلاف المواطنين المصريين، وفقًا لتفاوت التقديرات الحقوقية لأعداد المختفين.
وبحسب توثيق "المرصد العربي لحرية الإعلام"، فإن هناك أكثر من 15 إعلاميًا وصحافياً مصريًا تم اخفاؤهم قسرًا عقب القبض عليهم، لمدد تتراوح ما بين 3 أيام وحتى أكثر من شهرين.
يستعرض الباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، بعضًا من تلك الحالات، ومنهم محمود مصطفى، الذي اختفى قرابة 10 أيام قبل ظهوره متهمًا على ذمة قضية. وكذلك صبري أنور، محرر موقع البديل في محافظة دمياط، الذي اختفى لأكثر من شهرين رغم الضغوط الشديدة على الأمن للكشف عن مكان احتجازه. وأيضا المصور، محمد السنجيدي، الذي اعتقل مؤخرا في دمياط، وتحديدًا يوم الثلاثاء الماضي ولم يظهر إلى اليوم.
الصحافي والنقابي المصري، حسن القباني، أخفي قسرًا لعدة أيام بعد اعتقاله، وتم تعذيبه في مقرات أمن الدولة قبل إيداعه سجن العقرب شديد الحراسة.
والقباني صحافي متخصص في الشأن القضائي وعضو نقابة الصحافيين المصرية (31 عاما). اعتقل من منزله يوم 22 يناير/كانون الثاني 2015، كما قامت قوات الأمن أيضا باعتقال
شقيق زوجته، الذي كان متواجدا في زيارة له.
في اليوم التالي، قامت أسرة الصحافي، حسن القباني، بإرسال تليغراف للنائب العام للوقوف على مكان اعتقاله بسبب عدم إعلام الأهل بمكان وجوده، ومنعه من الاتصال بهم أو بمحاميه، ووضعه في معزل عن العالم الخارجي لمدة ثلاثة أيام كاملة. وبحسب أسرته، فقد قامت قوات الأمن الوطني بتعذيب حسن القباني في أثناء احتجازه في مقر الأمن الوطني في مدينة 6 أكتوبر قبل عرضه على النيابة، وذلك بالضرب الشديد والتعرية والصعق بالكهرباء في مختلف أنحاء جسده، بهدف انتزاع اعترافات تفيد بارتكابه جرائم لم يرتكبها.
وفي 24 يناير/كانون الثاني، قامت السلطات بالتحقيق مع القباني في نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها عائلته ومحاميه الخاص من رؤيته منذ لحظة اعتقاله.
ووجهت النيابة للقباني تهم "الاشتراك في جريمة تخابر لصالح دولة أجنبية، والإضرار بمركز مصر، والاشتراك في جريمة محاولة تغيير دستور الدولة ونظامها الجمهوري بالقوة، والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون وإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن والسلم العام" وغيرها، وهو حاليًا مسجون في سجن العقرب شديد الحراسة.
اقــرأ أيضاً
لا تغطية
ومع التزايد الكبير لهذه الجريمة في مصر، وبينما يصر مسؤولون مصريون على عدم وجود مخفيين قسرا في مصر؛ تتلعثم التغطية الإعلامية كثيرا في الكشف عن هذه الظاهرة، فالكثير يؤثر السلامة، والبعض يتطرق إليها على استحياء بين حين وآخر.
وعن التغطية الإعلامية لظاهرة الاختفاء القسري، يرى أبو زيد أن هناك حالة من التعتيم عليها في الإعلام المصري الرسمي والخاص الموالي للنظام، ولا تتناولها إلا في إطار الرد على التقارير الدولية الإعلامية والحقوقية، التي تنتقد النظام بهدف تبييض وجهه وتمرير رواية وزارة الداخلية، التي تنفي وجود تلك الجريمة تحت دعوى أن القانون المصري لا يعرفها.
ويلجأ الإعلام إلى استبدال مسمى "الاختفاء القسري" بـ"احتجاز خارج إطار القانون". أما بعض المواقع المعارضة داخليا وخارجيا، والتي أعطت القضية اهتماما ووزنا في معالجتها تقريريا وإخباريا، فضلا عن القنوات المصرية المهاجرة التي اهتمت اهتماما بالغا بالقضية، باعتبارها أحد أدوات الضغط على النظام لتحسين الوضع الحقوقي، فهي التي يعول عليها الباحث من أجل الكشف عن تلك الجريمة.
مواقع التواصل منصة لهم
وبعيدا عن الإعلام الرسمي والخاص؛ كانت منصات التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي، تصرخ بأسماء المخفيين قسرًا، حيث يتداول الآلاف صورهم وقصص اختفائهم ويتابعون تطورات قضاياهم.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الصفحات، التي تتبنى الدفاع عن المخفيين، مثل "أوقفوا الاختفاء القسري" و"رابطة أسر المختفين قسريا"، وغيرها من الصفحات التي تتبنى التعريف بالمخفيين قسرًا ونشر صورهم وقصصهم، ويتم تداولها بشكل واسع عبر وسم يحمل نفس اسم الصفحة.
وتعد مواقع التواصل أداة الضغط الأكثر تأثيرًا وصاحبة الفضل في كشف معاناة أسر المخفيين ورصد الظاهرة في ظل التعتيم الرسمي وتجاهل الإعلام لها، بحسب أبو زيد، الذي أكد أن "صفحات (أوقفوا الاختفاء القسري) و(المركز المصري لمناهضة الإخفاء القسري) و(كلنا جوليو) كانت بمثابة المنفذ الرئيسي للتعبير عن معاناة المختفين وأسرهم، فضلاً عن صفحات أهالي المختفين، التي صارت أداة للتضامن مع القضية وآلية تواصل بين الإعلام الدولي والضحايا".
وتشير التقارير الشهرية الصادرة عن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، إلى أن هناك حوالى 975 مختفيا قسريا في مصر. اختفى 638 مواطنا خلال الفترة من يونيو/حزيران من العام الماضي وحتى يوليو/تموز الماضي، وظهر منهم 337 فقط، إضافة إلى 119 حالة اختفاء قسري رصدها المركز خلال العام الأول لحكم السيسي.
أما المفوضية المصرية للحقوق والحريات، فقد وثّقت وحدها قرابة ألفي حالة اختفاء قسري في الفترة من يناير/كانون الثاني 2015، وحتى مارس/آذار 2016، وقد تبين للمفوضية أن
القطاع الأكبر من المختفين ينتمي للطبقة المتوسطة أو ما تحت المتوسطة، كما تبين أن أغلبهم من الطلاب، وأن القاهرة تحظى بالنصيب الأكبر من حالات الاختفاء.
تلك الأعداد لا تعبر حقيقة عن المخفيين قسرا ولا عن حجم الأزمة. فهي أرقام ترصدها المنظمات الحقوقية المصرية من خلال ما ينشر في وسائل الإعلام فقط، بينما باقي الحالات التي لم يقدم أهلها بلاغات رسمية باختفائها أو تلك التي لا تنشر في الصحف، لا يتم إدراجها في التقارير.
اقــرأ أيضاً
يستعرض الباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، بعضًا من تلك الحالات، ومنهم محمود مصطفى، الذي اختفى قرابة 10 أيام قبل ظهوره متهمًا على ذمة قضية. وكذلك صبري أنور، محرر موقع البديل في محافظة دمياط، الذي اختفى لأكثر من شهرين رغم الضغوط الشديدة على الأمن للكشف عن مكان احتجازه. وأيضا المصور، محمد السنجيدي، الذي اعتقل مؤخرا في دمياط، وتحديدًا يوم الثلاثاء الماضي ولم يظهر إلى اليوم.
الصحافي والنقابي المصري، حسن القباني، أخفي قسرًا لعدة أيام بعد اعتقاله، وتم تعذيبه في مقرات أمن الدولة قبل إيداعه سجن العقرب شديد الحراسة.
والقباني صحافي متخصص في الشأن القضائي وعضو نقابة الصحافيين المصرية (31 عاما). اعتقل من منزله يوم 22 يناير/كانون الثاني 2015، كما قامت قوات الأمن أيضا باعتقال
في اليوم التالي، قامت أسرة الصحافي، حسن القباني، بإرسال تليغراف للنائب العام للوقوف على مكان اعتقاله بسبب عدم إعلام الأهل بمكان وجوده، ومنعه من الاتصال بهم أو بمحاميه، ووضعه في معزل عن العالم الخارجي لمدة ثلاثة أيام كاملة. وبحسب أسرته، فقد قامت قوات الأمن الوطني بتعذيب حسن القباني في أثناء احتجازه في مقر الأمن الوطني في مدينة 6 أكتوبر قبل عرضه على النيابة، وذلك بالضرب الشديد والتعرية والصعق بالكهرباء في مختلف أنحاء جسده، بهدف انتزاع اعترافات تفيد بارتكابه جرائم لم يرتكبها.
وفي 24 يناير/كانون الثاني، قامت السلطات بالتحقيق مع القباني في نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها عائلته ومحاميه الخاص من رؤيته منذ لحظة اعتقاله.
ووجهت النيابة للقباني تهم "الاشتراك في جريمة تخابر لصالح دولة أجنبية، والإضرار بمركز مصر، والاشتراك في جريمة محاولة تغيير دستور الدولة ونظامها الجمهوري بالقوة، والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون وإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن والسلم العام" وغيرها، وهو حاليًا مسجون في سجن العقرب شديد الحراسة.
لا تغطية
ومع التزايد الكبير لهذه الجريمة في مصر، وبينما يصر مسؤولون مصريون على عدم وجود مخفيين قسرا في مصر؛ تتلعثم التغطية الإعلامية كثيرا في الكشف عن هذه الظاهرة، فالكثير يؤثر السلامة، والبعض يتطرق إليها على استحياء بين حين وآخر.
وعن التغطية الإعلامية لظاهرة الاختفاء القسري، يرى أبو زيد أن هناك حالة من التعتيم عليها في الإعلام المصري الرسمي والخاص الموالي للنظام، ولا تتناولها إلا في إطار الرد على التقارير الدولية الإعلامية والحقوقية، التي تنتقد النظام بهدف تبييض وجهه وتمرير رواية وزارة الداخلية، التي تنفي وجود تلك الجريمة تحت دعوى أن القانون المصري لا يعرفها.
ويلجأ الإعلام إلى استبدال مسمى "الاختفاء القسري" بـ"احتجاز خارج إطار القانون". أما بعض المواقع المعارضة داخليا وخارجيا، والتي أعطت القضية اهتماما ووزنا في معالجتها تقريريا وإخباريا، فضلا عن القنوات المصرية المهاجرة التي اهتمت اهتماما بالغا بالقضية، باعتبارها أحد أدوات الضغط على النظام لتحسين الوضع الحقوقي، فهي التي يعول عليها الباحث من أجل الكشف عن تلك الجريمة.
مواقع التواصل منصة لهم
وبعيدا عن الإعلام الرسمي والخاص؛ كانت منصات التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي، تصرخ بأسماء المخفيين قسرًا، حيث يتداول الآلاف صورهم وقصص اختفائهم ويتابعون تطورات قضاياهم.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الصفحات، التي تتبنى الدفاع عن المخفيين، مثل "أوقفوا الاختفاء القسري" و"رابطة أسر المختفين قسريا"، وغيرها من الصفحات التي تتبنى التعريف بالمخفيين قسرًا ونشر صورهم وقصصهم، ويتم تداولها بشكل واسع عبر وسم يحمل نفس اسم الصفحة.
وتعد مواقع التواصل أداة الضغط الأكثر تأثيرًا وصاحبة الفضل في كشف معاناة أسر المخفيين ورصد الظاهرة في ظل التعتيم الرسمي وتجاهل الإعلام لها، بحسب أبو زيد، الذي أكد أن "صفحات (أوقفوا الاختفاء القسري) و(المركز المصري لمناهضة الإخفاء القسري) و(كلنا جوليو) كانت بمثابة المنفذ الرئيسي للتعبير عن معاناة المختفين وأسرهم، فضلاً عن صفحات أهالي المختفين، التي صارت أداة للتضامن مع القضية وآلية تواصل بين الإعلام الدولي والضحايا".
وتشير التقارير الشهرية الصادرة عن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، إلى أن هناك حوالى 975 مختفيا قسريا في مصر. اختفى 638 مواطنا خلال الفترة من يونيو/حزيران من العام الماضي وحتى يوليو/تموز الماضي، وظهر منهم 337 فقط، إضافة إلى 119 حالة اختفاء قسري رصدها المركز خلال العام الأول لحكم السيسي.
أما المفوضية المصرية للحقوق والحريات، فقد وثّقت وحدها قرابة ألفي حالة اختفاء قسري في الفترة من يناير/كانون الثاني 2015، وحتى مارس/آذار 2016، وقد تبين للمفوضية أن
تلك الأعداد لا تعبر حقيقة عن المخفيين قسرا ولا عن حجم الأزمة. فهي أرقام ترصدها المنظمات الحقوقية المصرية من خلال ما ينشر في وسائل الإعلام فقط، بينما باقي الحالات التي لم يقدم أهلها بلاغات رسمية باختفائها أو تلك التي لا تنشر في الصحف، لا يتم إدراجها في التقارير.