وشرحت، الافتتاحية التي كتبها رئيس التحرير السابق في الصحيفة ميشيل كولوميس، الأسباب الرئيسية التي تكمن وراء مسعى روسيا بقيادة فلاديمير بوتين لتدمير مدينة حلب، عاصمة البلاد الاقتصادية والثقافية، وصاحبة ألفي سنة حضارة والمدينة العصية على الاحتلالات والغزوات الخارجية.
يقول كولوميس، الذي كان من أوائل الصحافيين الذين أعلنوا تأييدهم للانتفاضات الشعبية في مصر وتونس وسورية "يحاصر نظام الأسد مدينة حلب منذ حوالي 4 سنوات دون أن يحكم قبضته عليها بشكل كامل إلا أنّ الأسبوع الأخير من شهر يوليو الفائت شهد قطع آخر الخطوط التي تصل حلب بالحدود التركية. الممر الذي كان طريقا للهاربين من جحيم الموت والقصف اليومي ومنفذا لمساعدات غذائية وطبية قليلة، أصبح تحت سيطرة القوات النظامية ما يعني أنّ المدينة باتت محاصرة بالكامل منذ 17 يوليو/تموز".
ويكمل كولوميس في إطار سرده للأحداث "أطلق الثوار معركة سموها "ملحمة حلب الكبرى" تهدف إلى فكّ الحصار عن المدينة وهم نجحوا حتى الآن في استعادة مناطق عديدة وتحقيق نجاحات هنا وهناك لكنّ "المحدلة" الروسية تعمل جاهدة على استمرار الوضع على حاله وتمكين الأسد من خنق المدينة التي دمّر أسواقها وحدائقها بالطائرات والمدفعية. المعالم التي كانت مصنّفة من التراث التاريخي في الأونيسكو ليست وحدها التي شهدت همجية النظام، فقد طاول إجرامه مبدعي عاصمة الذواقة السورية من أطباء وأدباء وأصحاب فكر في إطار كتم كل الأصوات التي تطالب بالحرية".
ويتابع كولوميس في معرض حديثه عن الأسباب التي مكّنت بوتين من فرض خياراته السياسية والعسكرية "ماذا فعل فرسان الولايات المتحدة الأميركية إزاء هذا التدمير الممنهج للبشر والحجر في حلب؟ لا شيء. ماذا فعلت أوروبا حيال انتهاك حقوق الإنسان التي تنفذه يوميا الطائرات الروسية في سماء حلب؟ لا شيء"
ويذهب الكاتب الفرنسي إلى تحميل الولايات المتحدة وإدارة الرئيس باراك أوباما مسؤولية مباشرة عن المأساة التي وصلت إليها سورية اليوم، فيقول في هذا الصدد "ماطلت إدارة أوباما في اتخاذ قرار حاسم في سورية، كما في العراق، لجهة دعم المعارضة المعتدلة ومقاتليها السوريين. تركت الساحة لحالات جهادية ناشئة مرتبطة بمعظمها بتنظيم القاعدة كما هو حال "جبهة النصرة" التي أعلن قائدها الجولاني منذ أيام فك الارتباط مع القاعدة وإعلانه عن "جبهة فتح الشام". بمعنى آخر سيستفيد التنظيم من انتكاسات داعش وسيعمل على بسط خلافة إسلامية في المناطق المحررة".
ويختم الكاتب مادته بالقول "في قلب الجنون الإرهابي الذي يضرب أوروبا كما الولايات المتحدة، يجب العمل -ولو بشكل متأخر ولو عرّض ذلك فرنسا لمخاطر- على دعم المقاتلين المعتدلين (في حال بقي منهم) ومواجهة التنظيمات التي تريد سورية تحت غطاء الشريعة. لذلك سيستمر فلاديمير بوتين في دعم الأسد وتمكينه وسيطلق يديه للاستيلاء على حلب في الوقت الذي ينهي فيه باراك أوباما ولايته الرئاسية تاركا خلفه عارا غير مسبوق".