صدر العدد الجديد من مجلة "الأوبسرفاتور" الفرنسية ليحمل معه هذه المرة ملفاً صاخباً، قلّ ما تلجأ وسائل الإعلام الفرنسية إلى فتحه، يتناول الجانب المظلم/ المخفي لحزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف.
الملف الذي أشرفت عليه كارولين ميشيل يحتوي على ثلاثة أبواب: الوظائف الوهمية واختلاس المال العام، الشبكات السرية والوعود الهذيانية. وتتقدّم التحقيقات والمقابلات افتتاحية لماتيو أرون، مساعد مدير التحرير في "الأوبس" (منذ صيف العام الماضي) الذي دعا إلى امتلاك الجرأة في القول أمام الشعب الفرنسي "هذا الحزب الذي يدّعي أنه معارض للنظام ولم يشارك في الحكم أبدا، يعتاش من النظام، من ضرائب المواطنين ومن المال الأوروبي ومن عشرات الصفقات، التي يخاف كثيرون الخوض فيها".
"الملفات السوداء: الوظائف الوهمية، حان دور الجبهة الوطنية". تحت هذا العنوان كتبت كارولين ميشيل مقالا تشرح فيه كيف عمدت زعيمة الجبهة، مارين لوبان، إلى توظيف صديقتها، كاترين غريزيه، كمساعدة برلمانية أوروبية في الفترة المعتمدة بين 2010 و2016 دون أن تستطيع إثبات ذلك في عقد يؤكد أنّ غريزيه كانت الشخص المعتمد في بروكسل. وتكشف الصحافية في L'Obs عن مقاطع صوتية تعود إلى العام 2015، حصلت عليها المجلة عبر مكتب مكافحة الاحتيال في الاتحاد الأوروبي (Olaf)، تفيد بأنّ غريزيه كانت تتهرب من السؤال عن عدم تواجدها في الجلسات الإضافية، التي كانت تعقد في بروكسل، وتعيد ذلك إلى صعوبة التوفيق بين دوامها الأوروبي ودوام ابنتها المدرسي في فرنسا.
وتضيف ميشيل: "لم نحصل على أية إفادة سكنية تعود إلى غريزيه تثبت إقامتها في بروكسل على مدى ستة أعوام. لكنّ النكتة التي لا يمكن هضمها هي جواب غريزيه حول سؤالنا عن حضورها ثلاث ساعات فقط في ثلاثة أشهر عام 2014، وقولها: كنت أدخل من الباركينغ في نفس السيارة مع مارين. يبدو أنها نسيت أيضا أنها بحاجة للخروج من الباركينغ بعد انتهاء الجلسات إلا اذا كانت تنام داخل قاعات البرلمان!".
وتختم ميشيل تقريرها بتسليط الضوء على شخصية نيكولا كروشيه، المحاسب القانوني للجبهة وللنواب الأوروبيين التابعين لها، والمتهم باستخدام نظام "أوفشور متطور" لتهريب أموال من فرنسا إلى الخارج: " في عام 2012، بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية تمكّن الجبهوي فريديريك شاتيون (رئيس شركة ريوال) والمحاسب الخاص بالحزب، كروشيه، من إخراج مبلغ 316 ألف يورو من فرنسا، عدا عن صفقات تبييض الأموال التي استخدمها الحزب لخوض الانتخابات المحلية والأوروبية سنتي 2014 و2015".
"كتائب مارين لوبان: مجموعات هوياتية أصبحت سلاحها السري". في مادتها التي تكشف فيها عن خبايا التنظيمات اليمينية المنضوية تحت عباءة الجبهة الوطنية، تشرح ماري غويشو كيف استطاع فيليب فاردون (القائد السابق لـ "كتلة هوية" bloc identitaire)، المستشار الإقليمي الحالي في "باكا" (Paca) أن يحدث نقلة نوعية في مسار الانضباط والالتزام بعد أن أصبح عضوا فاعلا فيه منذ عدة سنوات. تقول غويشو: "في الجبهة، هنالك جانب شعبوي وغياب تنظيمي، وتطغى الفوضى بشكل كبير على مسالك الحزب، شخصية فاردون، القادم من نيس، الإقليموي، العصبوي، والنصروي لمدينته وأرضه وصاحب الباع الطويل في تنظيم مجموعات (الجيل الهوياتي Génération identitaire) في الجنوب الفرنسي، ساعدت الحزب كثيرا وأعطت زخما جديدا لمجموعات كانت بعيدة عن الانضواء تحت عباءة الجبهة".
اللغوية، سيسيل ألدوي، حضرت على صفحات العدد، في حوار تطرّق إلى أسلوب الخطابة
وتضيف اللغوية الفرنسية: "هنالك تغير إيديولوجي واضح في خطاب الجبهة في الانتقال من الأب إلى الابنة، خاصة في مسألتين: حقوق النساء ومعاداة السامية. قد تكون مارين المرشحة الرئاسية الأكثر حديثا عن حقوق النساء لكنني لا يمكن أن أعتبرها نسوية في الإطار الواسع لأن نسويتها (انطوائية) وإلغائية لحقوق نساء مهاجرات أو مسلمات... في ما يخص المحرقة اليهودية، على عكس والدها، أدانت مرتين وبشكل علني خطاب الكراهية ضد اليهود وهو ما كان مستحيلا مع جان-ماري".