الإعلام السعودي يدخل في أزمة مالية

17 يناير 2018
(رضا/Getty)
+ الخط -
تُدخِل اعتقالات الأمراء والأثرياء التي ينفّذها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، منذ أكثر من شهرين، الإعلام السعودي في أزمة مالية حقيقية، حسب تعليقات إعلاميين في السعودية. إذ جفَّفت هذه الاعتقالات، التي تخطط الحكومة السعودية لتوسيعها خلال الأسابيع المقبلة، عبر تقديم طلبات لتسليم دول أجنبية الأثرياء السعوديين المقيمين فيها، مصادر الدخل الإعلاني الذي تعتمد عليه الصحف السعودية في ميزانيتها المالية، وتهدّد بعضها بالإفلاس. 

في هذا الصدد، دعا رئيس تحرير صحيفة "الجزيرة" السعودية، خالد بن حمد المالك، السلطات في المملكة، إلى "إنقاذ الصحافة في السعودية من الموت المحقق". وحث المالك، الذي يرأس كذلك مجلس إدارة هيئة الصحافيين السعوديين، في عموده الصحافي، يوم الخميس الماضي، تحت عنوان "بيني وبين الصحافة.. الخوف عليها!"، كلا من الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان، على "إنقاذ الصحافة المحلية من الضغوط المالية المتزايدة ومخاطر الإغلاق".

ومنذ بداية الاعتقالات ضمن الحملة التي أطلق عليها بن سلمان اسم "حملة مكافحة الفساد"، وتجميد الحسابات، أحجمت الشركات السعودية عن الإعلان في الصحف السعودية، وسط مخاوف من تعرّضهم للمساءلة المالية من قبل ولي العهد.

وذكر المالك أنّ النقص الكبير في الإعلانات والموارد المالية أجبر الشركات الصحافية على تبنّي برامج التقشف المالي التي أثّرت بشكل سلبي وكبير على قدرتها على الاحتفاظ أو جذب الكفاءات المهنية. وأضاف المالك أن الصحف السعودية أجبرت، تحت الضغوط المالية، على تقليل عدد الصفحات والنسخ المطبوعة، وإغلاق بعض مكاتبها في السعودية والخارج.
وبحسب مقال المالك، فإن الصحف باتت تتخلص من العديد من الكفاءات الصحافية بسبب نقص الموارد المالية، فيما أحجمت بعض الكفاءات عن الكتابة خوفاً من الاعتقال.

وبلغ حجم الإنفاق الإعلاني في السعودية فقط على الصحافة الورقية والتلفزيون والراديو والإعلام الإلكتروني، ثلاثة مليارات ريال سنوياً (حوالى 800 مليون دولار) في عام 2015. وذلك وفقاً لتقرير صادر عن "أورينت برس للأبحاث". وشهد حجم الإعلان في السعودية انكماشاً في أعقاب الاعتقالات التي شملت كبرى الشركات ورجال الأعمال في السعودية.
وفي ذات الصدد، دعا الكاتب السعودي، أحمد عبد الرحمن العرفج، في مقاله في صحيفة "المدينة" بعنوان "يا أهل الحصافة.. أدركوا الصحافة"، يوم الجمعة الماضي، إلى إنقاذ الصحافة من الموت، قائلاً "نريد من مسؤولينا حماية الصحافة السعودية من الموت".

وقالت وكالة "بلومبيرغ" إنّ أبناء صاحب شركة المراعي، أكبر شركة إنتاج للألبان ومشتقاته في السعودية، كانوا من بين 11 أميراً تم اعتقالهم الأسبوع الماضي. وعلّلت السلطات ذلك بأن المعتقلين نظموا احتجاجاً غير مرخص ضد قرار الحكومة بالامتناع عن دفع فواتير المرافق الخاصة بهم.

وبحسب وكالة بلومبيرغ، فإنّ الأميرين نايف بن سلطان وسعود بن سلطان، ابنَي الأمير سلطان بن محمد الكبير، مؤسس وصاحب شركة "المراعي"، كانا من بين مجموعة من أعضاء العائلة المالكة الذين تم توقيفهم. والأمير نايف هو عضو مجلس إدارة "المراعي" ورئيس شركة "زين السعودية"، ثالث أكبر مشغل للاتصالات في المملكة.

ونشر أمير آخر تسجيلاً صوتياً يتحدى فيه التصريحات الرسمية بشأن الاعتقالات الأخيرة. وحسب صحيفة "عكاظ"، فقد تم صرفه من الخدمة في منصبه الحكومي. وفي التسجيل، رفض الأمير عبد الله بن سعود بن محمد الأسباب التي ساقتها السلطات للاعتقالات الأخيرة، مستغرباً من وجود مشكلات مالية للأمراء تمنعهم من دفع فواتير الكهرباء والخدمات، قائلاً: "إن كل الأمراء المحتجزين لديهم قدرات مالية كبيرة، ورباهم آباؤهم على طاعة الملك"، وذلك وفقا لوكالة بلومبيرغ.

وذكرت الرسالة الصوتية أن الأمراء تم اصطحابهم مع أحد أقاربهم إلى مبنى محافظة الرياض، بعد تلقيهم استدعاءات للتحقيق. وأضاف أنه حينما وصلوا، منعهم الحراس من الدخول، ولم يتعرفوا على أي شخص ممن يتعاملون معهم، مشيراً إلى أن بعض الأمراء انتابهم "حماس الشباب"، وبدأت بعض المناوشات، ثم ألقي القبض عليهم.

وحسب وكالة بلومبيرغ، تعتبر هذه الاعتقالات المتتالية غير المسبوقة التي تتبعها الحكومة، جزءاً من خطة محمد بن سلمان لقلب الأوضاع في بنية السلطة التقليدية والتهيئة لتسلّمه الحكم.
يذكر أنّ النائب العام السعودي، سعود المعجب، قال إنه سيسعى إلى تسلّم مشتبه بهم متورطين في جرائم فساد يعيشون خارج السعودية، وهو ما يعني أن حملة الاعتقالات السعودية لرأس المال السعودي ستتوسع خلال الفترة المقبلة. ومن غير المعروف ماذا كانت الحكومات الغربية ستوافق على الطلبات السعودية.

وقال المعجب، في مقابلة نشرتها مجلة "الرجل" السعودية، في عددها الأسبوع الماضي "بالنسبة للمتهمين الفارين خارج البلاد... يتم جمع الأدلة والقرائن فيما نسب إليهم، وستصدر بحقهم مذكرة اتهام مستوفاة لجميع المتطلبات، سيتم توجيهها للجهة النظيرة في البلد المراد استرداد الشخص منه". ولم يتضح بعد عدد الأشخاص الذين سيجري طلب تسلمهم أو الدول الموجودين فيها.