"واشنطن بوست" تدعم جمال خاشقجي: اختطافه ضمن حملة القمع السعودية

04 أكتوبر 2018
جمال خاشقجي مختطف منذ الإثنين (تويتر)
+ الخط -
تُبدي الصحافة العالميّة اهتماماً واسعاً بقضيّة الصحافي السعودي جمال خاشقجي، بعد اختفائه إثر دخوله سفارة بلاده في إسطنبول وعدم خروجه منها، منذ يوم الثلاثاء الماضي.

وبينما لا يزال الغموض يلفّ مصير الصحافي، تنشر صحيفة "واشنطن بوست" مقالاتٍ داعمة لخاشقجي باستمرار، تنقسم بين التغطية الخبرية للملف في قسم السياسة، والدعم المباشر عن طريق قسم الآراء الدوليّة، وهو ذات القسم الذي كان خاشقجي يكتب فيه مقالاته الناقدة لسياسات السعودية، بعد وصول ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة.

وبدأ خاشقجي في كتابة المقالات لصحيفة "واشنطن بوست" العام الماضي، وكانت مقالته حينها الأولى التي تُترجمها الصحيفة إلى اللغة العربية، بهدف تحقيق انتشارٍ واسع لها ووصولها إلى الجمهور العربي.

وكتب خاشقجي في المقال الذي حمل عنوان "السعودية لم تكن دائماً قمعية هكذا. الوضع الآن لا يُحتمل"، في سبتمبر/أيلول 2017 "لقد تركت بيتي وأسرتي وعملي، وأنا أرفع صوتي. فعل غير ذلك خيانة لمن يقبعون في السجن. يمكنني الكلام بينما الكثيرون لا يقدرون". 

وتنشر "واشنطن بوست" بيانات عن قضية خاشقجي أيضاً. وقال محرر الآراء الدولية، إيلي لوبيز، في بيان "لم نتمكن من الاتصال بجمال اليوم ونحن قلقون جدا بشأنه". وأضاف "نتابع الوضع عن كثب ونحاول جمع معلومات. سيكون اعتقاله بسبب عمله كصحافي ومعلق ظلما وأمرا مشينا".





وبعد ساعات من الإعلان عن اختطاف خاشقجي، نشرت الصحيفة مقالاً كتبه الصحافي الأميركي الإيراني، جيسون رضايان، والذي اعتُقل لأكثر من 500 يومٍ في إيران بسبب عمله الصحافي. وقال رضايان في المقال الذي تُرجم إلى اللغة العربيّة: "على مدار العام الماضي، زعمت السلطات السعودية - بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان – أنها تنهض بعملية إصلاح في المملكة ستنقلها أخيرًا إلى الحداثة، بحسب تعبيرهم. إلّا أن التطورات المقلقة من مجتمع النشطاء داخل البلاد تحكي قصة مختلفة إلى حد كبير. إن الذين يضغطون من أجل التغيير – سواء كانوا ناشطين في مجال حقوق المرأة أو صحافيين أو أقليات عرقية – يبلغون عن تعرّضهم لمضايقات ممنهجة من قبل السلطات".

وأضاف رضايان "عندما زار ولي العهد مجلس تحرير صحيفة "واشنطن بوست" في شهر مارس/آذار الماضي، لم يكن جمال موجودًا، ولكني كنتُ موجودًا. كان بن سلمان يعمل بجد لإقناعنا بإصلاحاته المقترحة. إن اعتقال صحافي ومعلق معروف، في بلد أجنبي وبدون سبب وجيه، سيكون بمثابة تذكير آخر بالنفاق وفراغ الوعود بتحقيق انفتاح المجتمع السعودي".




أما المحرّرة في القسم كارين عطيّة، فقد حَكَت في مقالٍ لها بعنوان "إسكات جمال خاشقجي" عن تواصلها معه قبل عام، كي يكتب في الصحيفة. وفي المقال الذي تُرجم إلى اللغة العربية أيضاً، قالت "لطالما كان جمال خاشقجي يقول لي: (لم أكن أريد أبدًا أن أُصنّف كمعارض منفيّ). عندما كنا نلتقي شخصيًا أو نتحدث عبر تطبيق "واتساب"، فقد كانت مهمة جمال واضحة جدًا: كان يريد فقط أن يكتب وأن يكون صحافيًا. كوني محررة مقالاته، فأستطيع أن أقول إن ما يتبين من خلال الحديث معه هو مقدار حبه الصادق للسعودية وشعبها، ويشعر أنه من واجبه أن يكتب ما يرى أنه الحقيقة حول ماضي المملكة وحاضرها ومستقبلها".

وأضافت "لقد تواصلتُ معه، في سبتمبر/آيلول 2017، من أجل كتابة أول مقالة له في صحيفة "واشنطن بوست"، حيث أعرب فيها عن أسفه لأن قمع السعودية أصبح لا يطاق، إلى حد أنه قرر مغادرة البلاد والعيش في منفاه بواشنطن. جذبت تلك المقالة انتباهًا كبيرًا في السعودية والمنطقة المحيطة بها. كانت أيضًا أول مقالة نترجمها إلى اللّغة العربية في قسم الآراء العالمية".


 
وأضافت عطية أنّه "بعد مرور قرابة عام على نشر مقالته الأولى، نحن نشعر بانزعاج شديد لعدم تلقي أي اتصالات من جمال منذ آخر مرة شُوهِد فيها وهو يزور القنصلية السعودية في إسطنبول، يوم الثلاثاء. لم نتمكن من الوصول إليه حتى وقت كتابة هذه السطور. لقد استفسرنا عن مكان وجود جمال، وقد أعربنا للمسؤولين الأتراك والسعوديين عن قلقنا العميق".



وتابعت "يأتي الغموض الذي يكتنف مكان وجود جمال في خضمّ موجة من حملات القمع ضد المعارضين والنشاط السياسي والاجتماعي في السعودية تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. فخلال هذا الأسبوع فقط، أُدين الاقتصادي السعودي البارز ونجم وسائل التواصل الاجتماعي، عصام الزامل، بالإرهاب، لأنه تجرأ على انتقاد الخطط الاقتصادية للمملكة. إلى جانب السعودية، فإن العالم يشهد ارتفاعًا في الانتهاكات المستهدفة للصحافيين وسجنهم. جمال هو أحد المؤيدين الرئيسيين للحرية والتغيير الديموقراطي في جميع أنحاء المنطقة، وكثيرًا ما يستنكر التكتيكات القاسية التي تنتهجها السلطات السعودية ضد رجال الدين البارزين وأصحاب الأعمال والنساء الناشطات وشخصيات الإعلام الاجتماعي. كنتُ أسأله من وقت لآخر إن كان بخير وإن كان يشعر بالأمان. كان يصر على أنه يشعر بالحاجة إلى الكتابة، على الرغم من ضغوط السلطات السعودية. على الرغم من كل المقالات التي كتبها من أجل نشر الوعي عن محنة أولئك الذين احتُجِزوا ظُلمًا، فأنا أشعر اليوم بالحزن للمناشدة من أجل عودته الآمنة والسريعة".

وختمت مؤكّدةً "جمال، إن سنحت لك الفرصة لقراءة كلماتي هذه، فأرجو أن تعلم أننا في صحيفة "واشنطن بوست" نسعى جاهدين لضمان سلامتك وحريتك. لن أنعم بالراحة حتى تظهر مرة أخرى آمنًا وسالمًا".