وتضاعفت قاعدة مستخدمي "واتساب" في الهند ثلاث مرات تقريباً في السنوات الأربع الماضية، حيث تكاثرت الهواتف الذكية وتراجعت أسعار الباقات، إلا أن هذا الاتجاه شكل تحديات خطيرة في بلد يعاني مواطنون فيه من الأمية الرقمية.
وتجد "واتساب" صعوبة في وقف الشائعات بسبب طبيعة تشفير التطبيق، إذ لا يمكن لإدارة المنصة أو السلطات التجسس على المحادثات وما يتم نشره وتداوله.
الهند: التحدي الأكبر
بحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، ففي العام الماضي تم ربط جرائم قتل 30 شخصاً بتهمة خطف الأطفال بتطبيق "واتساب".
وواجه "واتساب" تحديات كبرى لمنع التضليل في الأسواق الكبرى، مثل البرازيل وإندونيسيا، لكن العواقب في الهند كانت أكثر عنفاً بكثير من أي مكان آخر.
وفي أحدث حادثة، صباح يوم الأحد الماضي، تم إعدام خمسة أشخاص ينتمون إلى جماعة بدوية في قرية نائية في ولاية ماهاراشترا، حيث قالت الشرطة إن الرسائل عن خاطفي الأطفال قد انتشرت بسرعة.
وخرجت المجموعة من الحافلة وتحدثت مع فتاة ليفاجأوا بمحاصرتهم من قِبل حشد يصل إلى 35 شخصاً، بينهم أطفال، وأوسعوهم ضرباً حتى الموت، كما اعتدوا على أربعة ضباط حضروا إلى مسرح الجريمة.
أصل الحكاية: مقطع "واتساب"
اندلعت الأزمة بسبب مقطع فيديو يتم تداوله في "واتساب" ويُظهر رجلين على دراجة نارية وهما يقتربان من مجموعة أطفال، ثم يخطف أحدهما طفلاً ويهربان، وتتضمن الرسالة عنواناً عن "خاطفين" يصلون إلى المدينة لخطف الأطفال.
وبحسب "بي بي سي"، فإن هذا الفيديو ليس حقيقياً، ولم يتم تصويره في الهند، بل هو مجرد إعلان للتوعية موجّه للجمهور الباكستاني أصلاً.
وما زاد الطين بلة هو كون القنوات التلفزيونية المحلية في الهند نقلت الشائعة، ما أكسبها المزيد من المصداقية، ودفع السكان المحليين إلى مهاجمة كل الغرباء.
جهود لوقف العنف والشائعات
تبذل الشرطة وحكومات الولايات في الهند الجهود لوقف العنف، وكانت الشرطة قد أخذت واحدة من الضحايا الذين قالت الشائعات إنهم قتلوا، يوم الجمعة، في ولاية تريبورا في جولة في القرى، واستخدمت مكبرا للصوت في محاولة لتبديد الشائعات بأن عصابات خاطفي الأطفال تجوب المنطقة.
ولم ترد الحكومة الهندية بعد على الأزمة، لكن نظراءها في الولايات يختبرون طرقاً مختلفة لمحاربة الشائعات التي يمكن أن تحرض على العنف، بما في ذلك برامج التعليم وخطوط الشرطة الساخنة لفضح الخدع.
هذا رد "واتساب"
بدورها، رأت "واتساب" في التضليل تحدياً يتطلب تعاون الحكومة والمجتمع المدني وشركات التكنولوجيا، مشيرةً إلى أدوات التحكم التي تم توفيرها للمشرفين على المجموعات.
وقالت في بيان لها: "واتساب تهتم بسلامة مستخدميها وقدرتهم على التواصل بحرية، ونحن لا نريد أن تُستخدم خدماتنا لنشر المعلومات المضللة والضارّة. نتطلّع من خلال هذا المشروع الجديد إلى العمل مع أكاديميين رائدين في الهند لمعرفة المزيد عن كيفية استخدام الإنترنت لنشر المعلومات والأخبار الكاذبة".
وفي محاولة لتصحيح الوضع، طرحت "واتساب" ميزة تساعد مسؤولي المجموعات على تحديد من لديه القدرة على نشر الرسائل إلى الآخرين في المجموعة.
وتختبر طريقةً لتحديد الرسائل المعاد إرسالها بشكل واضح، والتمييز بينها وبين الرسائل التي كتبها المرسل بنفسه، وذلك لتشجيع الناس على الشك في المشاركات المرسلة إليهم من قبل الأصدقاء أو الأقارب الموثوق بهم.
كما أعلنت المنصة عن تمويل أبحاث حول انتشار المعلومات المضللة في الهند، وخطط لطرح حملات إعلانية طويلة الأمد للسلامة العامة في الهند، وأخرى لمحو الأمية في ما يتعلق بالتعامل مع الأخبار.
وسوف يقدم برنامج الأبحاث الجديد جوائز تصل إلى 50 ألف دولار لكل مقترح بحثي، وأكدت المنصة أنها تسعى للحصول على اقتراحات لاستكشاف ما يؤدي إلى ترويج المعلومات المضللة، بما فيها المعلومات المتعلقة بالانتخابات.
كما يخطط التطبيق أيضاً لإقامة شراكة مع مواقع تقصي الحقائق في الهند، كما حدث في الانتخابات المكسيكية الأخيرة، وتم تشجيع الناخبين على إرسال إشاعات إلى رقم مخصص يقدم معلومات واقعية رداً عليها.