أضحى استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال ضرورة أساسية من ضروريات الحياة اليومية للإنسان، لما تقدمه من خدمات في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وزاد استعمالها اليوم، لمساهمتها في تحسين فاعلية الأفراد وتمييز القدرة التنافسية في حياة المؤسسات، وسرعة التكيف مع التطورات والتغيرات الطارئة للأنظمة السياسية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية.
وشهد العالم، خلال العقود الأخيرة، تغيراً متسارعاً في طرق استعمال تكنولوجيا الإعلام والاتصال، فتغيرت المفاهيم وتطورت الأدوات، وأصبح الفرد يعيش في عالم افتراضي تحكمه برامج وتطبيقات اتصال جديدة ترتكز أساسا على ارتباط أجهزة الحواسيب المحمولة والهواتف الذكية واللوحات الرقمية بالشبكة العنكبوتية، ما أحدث تحولات عميقة في المجتمع كانت دعامة أساسية لنمو اقتصاديات الدول.
تكنولوجيا الإعلام والاتصال
نحاول في هذا البحث مساعدة الباحثين وطلاب الكليات وجامعات التعليم العالي على فهم موضوع تكنولوجيا الإعلام والاتصال، بشكل مبسط، من خلال التعريف بمختلف مفاهيم ومدارس تكنولوجيا الإعلام والاتصال وتاريخ بداية ظهورها وطرق تطورها في المجتمعات، إلى جانب إبراز مدى تأثيرها على حياة الفرد والمجموعة، والوسائل التي يتم استعمالها في هذه التكنولوجيا.
- ما معنى تكنولوجيا الإعلام والاتصال؟
شهد النصف الثاني من القرن العشرين تطورا تكنولوجيا هاما أدّى إلى ظهور وسائل اتصال جديدة، سميت حينها بـ"التكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال NTIC". وتمثلت في استخدام الحواسيب الإلكترونية في تخزين المعلومات وتحليلها واسترجاعها وإتاحتها بشكل مدقّق، ما انعكس إيجابيا على حياة الأفراد والمجتمعات والحكومات، من خلال ربح الوقت والمال في التعاطي مع الأحداث، خصوصاً مع انتشار الإنترنت والاتصالات الرقمية والأقمار الصناعية والألياف الضوئية، إلى أن وصل بنا الأمر اليوم إلى الحديث عن تكنولوجيا الإعلام والاتصال "TIC"، وحذف كلمة حديثة، نظرا للتقدم العلمي المتواصل وبروز وسائل اتصال جديدة غيرت نظرة الإنسان إلى التكنولوجيا.
- ما هي المفاهيم المختلفة لتكنولوجيا الإعلام والاتصال؟
مفهوم التكنولوجيا: اختلف الباحثون في تعريف مفهوم التكنولوجيا بسبب اختلاف اختصاصاتهم، غير أنّهم اتفقوا جميعا على أنّها الأداة التي يستعملها الإنسان لمساعدته على قضاء شؤونه وحاجاته اليومية، ممّا جعل هذه الأداة هي المسؤولة عن التغيرات التي تحدث داخل المجتمعات. وظهر مصطلح "تكنولوجيا" بألمانيا، في عام 1770، وهو مركب من مقطعين techno أي "الفن أو الصناعة" وlogy أي "علم أو نظرية"، وهو ما نتج عنه استعمال لفظ "علم صناعة المعرفة"، وتعني الأدوات والوسائل الناتجة عن تطبيق المعرفة العلمية، للدلالة على مصطلح تكنولوجيا الذي لم يوجد له مقابل في اللغة العربية.
- مفهوم الاتصال: الاتصال يعني أن يتواصل الناس بعضهم مع بعض عبر أدوات اتصال مختلفة، وهي عملية اجتماعية قائمة على تبادل رسالة بين طرفين في وضع اتصالي يقوم على وجود مرسِل ومرسَل إليه وقناة اتصال، إضافة إلى رجع الصدى" Feedback" وهو مدى تجاوب المرسَل إليه مع الرسالة التي تواصل بها المرسِل مع الطرف الآخر.
- مفهوم الإعلام: يتمثل مفهوم الإعلام في استخدام كافة الوسائل والتقنيات المتاحة بغرض نقل المعلومات وتداولها وبناء نظم معلوماتية في شكل معطيات رقمية موحدة يلجأ إليها الإنسان لاستعمالها بالطريقة المناسبة. ويشمل مفهوم الإعلام فرعين أساسيين وهما تشغيل المعلومات (الوظائف التي تتناول المعالجة والتوزيع) ونقل المعلومات (إيصال المعلومات التي تمت معالجتها باستخدام وسائل اتصالية).
- متى ظهرت تكنولوجيا الإعلام والاتصال؟
ظهرت وسائل الإعلام والاتصال الحديثة مع اكتشاف الموجات الكهرومغناطيسية في عام 1824، ومن ثم اختراع "التلغراف" في عام 1837، والذي أصبح من أهم أدوات تكنولوجيا الإعلام والاتصال.
في عام 1876، تمّ اختراع التليفون لنقل الصوت إلى مسافات بعيدة، وذلك باستخدام شريحة رقيقة من المعدن تهتز حين تصطدم بها الموجات الصوتية.
في عام 1891، سجل اختراع جهاز "كينيتوسكوب" لمشاهدة الأفلام السينمائية الذي تطور بعد ذلك ليصبح جهاز عرض الأفلام في قاعات السينما في عام 1895.
في القرن الماضي، تطوّرت وسائل تكنولوجيا الإعلام والاتصال، لتشمل الراديو والتلفزيون والصحافة الجماهيرية التي أصبحت النافذة السحرية التي يتابع بها الإنسان كل ما يحدث في العالم ويستقي مصادر معلوماته منها.
في بداية الستينيات، أنشأت وزارة الدفاع الأميركية شبكة للربط بين مجموعة من الحواسيب يبعد الواحد عن الآخر مئات الكيلومترات، من خلال استعمال مجموعو من البروتوكولات تسمح بتبادل المعلومات عبر شبكة الإنترنت بين موظفي الوزارة.
وفي عام 1972، تمّ تطوير حركة التبادل لتتضمن ملفات نصية صغيرة ترسل عبر خاصية البريد الإلكتروني، في حين ترسل الملفات النصية الكبيرة عبر بروتوكول نقل الملفات FTP.
- ما هي أقسام تكنولوجيا الإعلام والاتصال؟
شهدت تكنولوجيا الإعلام والاتصال تطورا كبيرا من عقد إلى آخر ومن سنة إلى أخرى، لتشمل مجالات مختلفة وميادين متنوعة وتتسع لأقسام عدة:
1-المحتوى المعلوماتي: يتمثل في صناعة المحتوى والاستحواذ على الملكية الفكرية من خلال المؤلفين والكتاب.
2-بث المعلومات: تتمثل في توصيل الأخبار والمعلومات من المصدر أي المرسل إلى الهدف وهو المرسل إليه عبر وسائل اتصال مختلفة كشبكات الاتصال والبث الرقمي.
3-معالجة المعلومات: يرتكز هذا على توفير الوسائل الخاصة بتكنولوجيات الاتصال وأدوات البرمجيات الحديثة.
- ما هي تأثيرات تكنولوجيا الإعلام والاتصال؟
ساهمت تكنولوجيا الإعلام والاتصال في إحداث أثر عميق في حياة الإنسان على مستويات متعددة، وكذلك في حياة المؤسسة الشغيلة والدورة الاقتصادية، فالانسياق وراء هذه التكنولوجيا اللامتناهية يجعل الفرد والمجموعة في تطور مستمر مع امتلاك المعرفة الفكرية اللازمة التي تخول له التأقلم مع الوضعيات الحديثة.
كما تنعكس إيجابيات هذه التكنولوجيا على حياة المؤسسات، من خلال تنمية قدرات الأفراد وتقديم طرق وهياكل تنظيمية جديدة تساهم في تحقيق قدر عالٍ من المرونة والتكامل بين مختلف العناصر، إضافة إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال توفير أفضل الوسائل التي تساعد على القيام بعملية إنتاج ناجعة وتحسين صورة المؤسسة في السوق.