استمع إلى الملخص
- تناولت الدراما قضايا مثل تهويد القدس والانتفاضة الفلسطينية، وكانت فلسطين حاضرة حتى في الأعمال التي لم تكن محورها الرئيسي.
- بعد ثورات الربيع العربي، تراجعت القضية الفلسطينية في الدراما لصالح الصراعات الداخلية، ومع موجة التطبيع، أصبح من الصعب تقديم أعمال تتناول القضية الفلسطينية.
شهدت الدراما السورية والعربية قبل عام 2011 حضوراً بارزاً للقضايا العربية وتحديداً القضية الفلسطينية إذ لم يكن هناك موسم درامي يخلو من أعمال تركز على معاناة الفلسطينيين، سواء في الداخل أو في بلاد اللجوء، ولا سيما سورية التي كانت تحتضن عدداً كبيراً من الفلسطينيين. فكانت القضية الفلسطينية محوراً أساسياً في بعض المسلسلات، بينما ظهرت في مسلسلات أخرى خطاً درامياً رئيسياً.
من أبرز الأعمال التي تناولت هذه القضية كان مسلسل "التغريبة الفلسطينية" للمخرج الراحل حاتم علي، الذي تناول مأساة النكبة والتهجير القسري للفلسطينيين. شارك في بطولة هذا العمل نخبة من نجوم الدراما السورية، من بينهم الراحل خالد تاجا، وجمال سليمان، وتيم حسن، ونادين سلامة، وجولييت عواد، وباسل خياط، وغيرهم. حقق المسلسل شهرة واسعة، وأصبح مرجعاً فنياً في تناول معاناة الفلسطينيين.
كما قدمت الدراما السورية أعمالاً أخرى مثل "عائد إلى حيفا" المستوحى من رواية غسان كنفاني التي تحمل العنوان نفسه، حيث أخرجه باسل الخطيب، ولعب دور البطولة فيه سلوم حداد ونورمان أسعد. عاد الخطيب لاحقاً ليقدم مسلسل "أنا القدس"، الذي ركز على محاولات تهويد القدس وطمس معالمها العربية. كذلك برز مسلسل "سفر الحجارة" للكاتب هاني السعدي والمخرج يوسف رزق، الذي تناول الانتفاضة الفلسطينية.
حتى عندما لم تكن فلسطين محور العمل، كانت حاضرة في مسلسلات سورية عبر خطوط درامية موازية، كما فعل الكاتب الفلسطيني السوري حسن سامي يوسف في أعماله مثل "الغفران" و"زمن العار"، حيث تناول فيها الحصار المفروض على قطاع غزة وأوضاع الفلسطينيين.
لكن مع اندلاع ثورات الربيع العربي، بدأت ملامح هذا التوجه تتغير. تراجعت القضية الفلسطينية في الدراما السورية والعربية لصالح قضايا أخرى تتعلق بالصراعات الداخلية في دول المنطقة. أصبح الحديث عن الحرب السورية وتبعاتها الاجتماعية والسياسية هو الموضوع الرئيسي في معظم الأعمال الدرامية المحلية والعربية والمشتركة. ومع صعود موجة التطبيع العربي مع إسرائيل، بات من الصعب تقديم أعمال تتناول القضية الفلسطينية. إذ إن المنصات والدول التي تساهم في إنتاج القسم الأكبر من المسلسلات العربية، اختارت تحييد نفسها تماماً عن الخطاب المساند للفلسطينيين، أو ذاك الذي ينقل الرواية الفلسطينية، حتى لو من باب المعالجة الإنسانية لا السياسية أو الوطنية، وبالتالي باتت فلسطين غائبة تماماً عن أي سيناريو أو سياق درامي عربي.
آخر محاولات تقديم عمل درامي يتناول شخصية فلسطينية كانت عبر مسلسل "الأمير الأحمر" الذي كان يسعى الكاتب الراحل حسن سامي يوسف لكتابته، ليروي قصة علي حسن سلامة، أحد قياديي منظمة التحرير الفلسطينية. لكن المشروع تعثر بعد أن أُجل لأجل غير مسمى من قبل منصة شاهد السعودية، ولم يُنجز حتى وفاة الكاتب قبل أشهر.
اليوم، نجد أن الدراما السورية والعربية باتت تتجنب التطرق للقضية الفلسطينية بشكل مباشر، وهو ما قد يعود إلى المخاوف من إثارة الجدل السياسي أو التأثير على فرص بيع المسلسلات في بعض المحطات العربية. ومع التجهيزات والتحضيرات الجارية اليوم لتقديم أعمال سورية في موسم رمضان المقبل يتبين أن أغلبها تبتعد مجدداً عن طرح القضية الفلسطينية في خطوة متوقعة، في ظل سعي أغلب المنتجين لبيع مسلسلاتهم للعرض على قنوات عربية، اختارت التطبيع مع الاحتلال والترويج لروايته بشكل واضح، حتى وسط حرب إبادة بحجم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.