في سخرية ممزوجة بالمرارة، استقبل ناشطون
مصريون تصريحات وزير الزراعة، عز الدين أبو ستيت، والتي قال فيها إن "مصر وصلت بسلامة الله إلى منطقة الفقر المائي، ولا بديل من مشروعات تحلية المياه لمواجهة الزيادة السكانية، وثبات
الموارد المائية"، متهكمين بالقول إنه "إنجاز جديد يضاف إلى قائمة إنجازات الرئيس
عبد الفتاح السيسي، الذي فشل في التفاوض مع إثيوبيا حول بناء سد النهضة".
وأفاد أبو ستيت، في مؤتمر تحلية المياه الذي نظمه مركز بحوث الصحراء، مساء الثلاثاء، بأن نصيب المواطن المصري انخفض إلى أقل من 600 متر مكعب من المياه، ما يعني أنه سينخفض إلى أقل من 400 متر مكعب بحلول عام 2050، مشدداً على أهمية توجه بلاده نحو مشروعات تحلية المياه، ليس فقط من البحر، ولكن كذلك من خلال تحلية المياه الجوفية المالحة في الآبار غير المتجددة.
وقال مصطفى الديب، على صفحته الشخصية بموقع التواصل "فيسبوك"، معلقاً: "ما تقلقوش، السيسي محلف رئيس وزراء إثيوبيا إنه مش هايضر المصريين!". في حين قال إبراهيم الأمين: "وأدي إنجاز كمان يضاف للرئيس السيسي من ضمن الإنجازات اللي قام بيها"، وقالت سلوى حجازي مستنكرة: "حمد لله على السلامة!، ما هو من يوم ما شفنا وشه العكر، والفقر أصابنا"، في إشارة إلى السيسي.
وسخر إسلام محمد بالقول: "مش قد الشيلة يا مرسي سيبها. أقوال مأثورة للمواطنين الشرفاء!"، بينما قال محمد رمضان: "اللي كان بيسأل مصر رايحة على فين؟، اتفضل انزل، وصلنا خلاص". وقال السيد الشرقاوي: "طبعاً عاوزين فلوس للتحلية، وبالتالي ضرائب جديدة، ورفع أسعار المياه والكهرباء، وطبعاً كله بيصب في المصلحة. طب ما تولعوا فينا واخلصوا، والله جبنا آخرنا وأكتر!".
وقال محمود وهبة: "الوزير يتحدث عن الفقر المائي، وكأنه مفاجأة هبطت من السماء، بينما الفاعل معروف، واسمه السيسي، والذي لم يذكره الوزير بكلمة. فهو الذي وافق على سد النهضة، وهو فقط يقوم بإعداد الشعب لما سيحدث". وأيده محمد إبراهيم قائلاً: "وبالنسبة لمشروع المليون ونصف المليون فدان؟، والأسمنت اللي عاوزاه الكباري اللي عمال يبنيها، ومش بيلحقوا يسلموها عشان بتقع وبيرمموها".
من جهته، قال هاني إبراهيم: "هذا تصريح خطير لوزير الزراعة، والسؤال هل فعلاً تحلية مياه البحر هي الحل؟"، مستطرداً: "العجز المائي الحقيقي في مصر يُقاس بحساب الموارد المائية المتاحة الأساسية، وتوزيعها على عدد السكان. أي أن الحساب الصحيح هو توزيع 60 مليار متر مكعب من المياه (55.5 مليارا من مياه النيل + 4.5 مليارات جوفية وحصاد أمطار) على 100 مليون مواطن مصري حالياً".
وأوضح إبراهيم، في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي بموقع "فيسبوك"، أن "العجز الحقيقي في مصر يبلغ نحو 40 مليار متر مكعب سنوياً، باعتبار أن خط الفقر المائي أقل من 1000 متر مكعب لكل فرد".
وتابع: "فواقد المياه في مصر تتجاوز 10 مليارات متر مكعب من المياه سنوياً، متضمنة نسبة البخر من بحيرة السد العالي، وفواقد البخر من مجرى نهر النيل والترع، وصولاً إلى الحقل. وهناك حلول لتقليل معدل البخر من خلال إنشاء محطات شمسية عائمة في بحيرة السد العالي، وعلى مجرى النهر والترع، بالإضافة إلى تنظيم حملة قومية لتقليل ورد النيل، وخفض نسب التلوث في مياه النيل".
وزاد إبراهيم: "حصاد الأمطار على السواحل الشمالية، وسلاسل جبال البحر الأحمر، وسيناء، قد يساهم بموازنة مائية في حالة استثماره جيداً"، محذراً من أن العجز الحالي سيزداد مع تشغيل السد الإثيوبي، لأن كل مليار متر مكعب محتجزة من المياه وراء سد النهضة، تُعادل انخفاضا قدره 10 أمتار سنوياً في نصيب المواطن المصري من المياه.
من جهته، قال جمال سيام: "هذه المعلومة معروفة للجميع، وربما توقعناها منذ سنوات، إلا أن ورودها على لسان أكبر مسؤول زراعي لا شك يحمل معنى خاصا، فالدولة تعلم تماماً أبعاد الأزمة المائية. ومع ذلك، رد فعلها إزاء الأزمة لا يتناسب مطلقاً مع خطورتها، والوزير لم يذكر شيئاً عن حجم الاستثمارات في مجالات التحلية والتنقية".
وأضاف سيام: "من المعلوم أن تكلفة التحلية لن تقل عن 10 جنيهات للمتر المكعب، ما يجعل المياه المحلاة غير اقتصادية للإنتاج الزراعي. ولن يكون أمام المزارعين في مصر، في حالة عدم توافر المياه العذبة، إلا استخدام المياه المتاحة من أي مصدر، حتى لو كانت بنوعية سيئة، الأمر الذي سيكون له آثار بيئية وصحية خطيرة، فضلاً عن ضرب تنافسية الزراعة في مقتل".