لا تنفلتُ الإبرة من بين أنامله رغم الوخزات الرفيعة التي تُدميها، ينهمك حاسر الرأس، منزوياً في ركن قليل الإضاءة لحياكة "نعال القش"، تُطوقه من كل جانب خيوط "الرافيا" الصلبة، وقد رتب بعناية أكواماً ملونة منها، فيما تلاحق عيناه دون تعب الإبرة التي يغرسّها بقوة، متلهفا لإنهاء "خفي الرافيا" قبل مغيب الشمس. وسط الأحياء العتيقة في مدينة الصويرة الساحلية، حيث تزكم الأنوف روائح "خشب العرعار" ورذاذ البحر، و"قش الرافيا"، يصُفُ "محمد عبد الستار" البالغ من العمر 62 سنة، النعال المصنوعة من هذا العشب الاستوائي بعناية على واجهة دكانه، ملونة بزخارف متقنة، وقففاً مزينة بألوان زاهية، يقبل عليها السُياح الأجانب بشكل واسع، لجمال منظرها، وصحية ملبسها، خاصة لمن يعانون من بعض الأمراض الجلدية.