قد يكون راغب علامة من أكثر النجوم الذين يحيطون أنفسهم بهالة سياسية. حتّى أنّ اسمه طرح أكثر من مرّة في كواليس الإعلام والسياسة ليكون وزيراً للسياحة. فالنجم الخمسيني، منذ بداياته، ارتبط بعلاقات صداقة مع عدد كبير من السياسيين، في لبنان والعالم العربي. وكان الفنّ بالنسبة إليه بوّابة لصداقة السياسيين، الذين بدورهم يحبّون مدّ جسور تواصل مع الفنانين، بإغراء من شعبيتهم الكبيرة بين اللبنانيين - الناخبين.
راغب علامة لا ينفي طموحه السياسي، بل يروّج لنفسه عبر تغريدات تتناول الأوضاع السياسية والاجتماعية في لبنان. وآخر نشاطاته المشاركة في اعتصام عناصر الدفاع المدني اللبناني، فحمل مطالبهم إلى متابعيه أونلاين، وامتدح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري على اعتباره "ساهم في تثبيتهم داخل ملاك الدولة اللبنانية". وعلامة صديق لرئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، وزار رئيس الوزراء الحالي تمام سلام مهنّئاً بتولّيه رئاسة الحكومة. هذا إلى جانب نشاطاته ومناصبه الفخرية مع منظمات الأمم المتحدة.
أما عاصي الحلاني فيختلف حضوره في الميدان السياسي. له صديقان هما وزيرا الداخلية السابقان مروان شربل وزياد بارود. وهما غير محسوبين على طرف سياسي. ويؤكّد الحلاني، في تصريحاته ومقابلاته، أنّه مع "وحدة لبنان". وساند صديقيه شربل وبارود في حملات سياسية غير خلافية. وهو أيضاً عيّنته الأمم المتحدة سفيراً للتنمية في لبنان. والواضح أنّه أقلّ نشاطاً، في هذا الجانب، من زميله راغب علامة.
الفنانة ماجدة الرومي تاهت في تأييدها للسياسيين اللبنانيين وتقلّبت. البداية كانت بتأييدها العماد ميشال عون، قبيل انتهاء مرحلة الحرب اللبنانية. وغنّت له قصيدة محمود درويش الشهيرة: "حاصر حصارك لا مفرّ". ثم أنكرت أنّها غنّتها له. وبعد اتفاق الطائف باتت من مؤيّدي الرئيس الراحل رفيق الحريري. وتقرّبت بعد وفاته من عائلة الحريري، فشاركت في افتتاح "أسواق بيروت" بداية التسعينيات. وفي المقابل لا تحظى ماجدة الرومي بشعبية كبيرة في الوسط المؤيّد لحزب الله لأنّها محسوبة على فريق 14 مارس / آذار.
أما الفنانة جوليا بطرس فزارت الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بعد حرب يوليو / تموز 2006. وزارت الرئيس السوري بشّار الأسد في العام 2008. وغنّت بعد حرب 2006 "أحبّائي" التي كتبها نصر الله بعناصر "حزب الله"، وفيها تقول: "أقبّل نبل أقدامكم". وكان لها ما أرادت، فاستطاعت إدخال زوجها الياس أبي صعب عضواً في الحكومة الحالية، وزيرا للتربية والتعليم العالي. لكنّها كما تغنّي لجمهور 8 مارس / آذار، غنّت العام الماضي على مسرح البلاتيا (يملكه زوجها) في منطقة كسروان ذات الأكثرية المسيحية، التي لا تؤيّد بالضرورة مواقف جوليا السياسية.
الفنانة إليسّا تبدو أكثر الفنانات تشدّداً في المواقف السياسية. فابنة القرية اللبنانية المسيحية دير الأحمر، في البقاع، تؤيّد منذ طفولتها رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع. وهي إلى ذلك تجاهر اليوم بمواقفها السياسية. وكانت من أوّل داعميه حين أعلن ترشّحه إلى رئاسة الجمهورية. وتلتقيه باستمرار بين وقت وآخر. ولا تهادن إليسّا أبداً في موقفها المتشدّد ضدّ حزب الله. فهي معترضة وغاضبة جداً من مشاركته في القتال في سورية. وتدعوه دائماً الى الانخراط في اللعبة السياسية اللبنانية وترك الأجندات الخارجية جانباً. وأكثر من ذلك: أوقعت نفسها مراراً في فخّ التصريحات النارية ضدّ الحزب وجمهوره، ما ولّد انقساماً كبيراً بين صفوف اللبنانيين حول شعبيتها.
يصحّ القول إنّ الفنانة نجوى كرم نأت بنفسها عن السياسة، واعتمدت على مبدأ أنّها فنّانة لجميع اللبنانيين.فلم تدخل يوماً في دائرة ضيّقة ولم تتّخذ موقفاً سياسياً متشدّداً. وإن كانت في السابق مؤيّدة للنظام السوري، إلا أنّها بعد انطلاق الثورة استطاعت التفلّت من "وصمة" اقترابها من نظام الأسد، والتزمت الصمت غير آبهة باتهامات طالتها بأنّها غنّت للنظام. وهو اتهام لم تنفِهِ، لكنّها تخطتّه بذكاء، كي لا تكون محسوبة على طرف دون آخر، في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع وما ستنتهي إليه الأزمة السورية. لكنّ ذلك لم يقلّل من نفوذها لدى الزعماء السياسيين في لبنان، المحسوبين على سورية أو من هم في المقلب الآخر. فالجميع هنا يحترمها.
وكذلك فعل فارس كرم الذي كان من مؤيّدي النظام السوري، ونأى بنفسه بعد بلوغ الأزمة عامها الأوّل، وفضّل الصمت وعدم الإدلاء بأيّ موقف سياسي قد يُحسب أو يُحاسَب عليه، أو يحدّ من شعبيته في لبنان وسورية، لأنّ "الشعبية"، بالنسبة للجميع، هي "مصدر الرزق"، بيعاً للألبومات ولبطاقات الحفلات. فالصمت بالنسبة لآل كرم، ولغيرهم من الفنانين الصامتين، أجدى في زمن الانقسامات القاسية بين الموالين والمعارضين في لبنان والوطن العربي.