أم كلثوم: سيرة كوكب الشرق
يكاد يكون مسلسل "أم كلثوم" الذي عُرض في شهر رمضان المبارك في العام 1999 أشهر وأنجح عمل في هذا المجال، وهو من إخراج إنعام محمد علي ومن بطولة "صابرين". هذه الأخيرة بذلت جهوداً جبّارة لتقمّص دور كوكب الشرق، ونجحت إلى حدّ بعيد في محاكاة حركاتها وتعابير وجهها وجسدها، وساعدها في ذلك كونها بدأت مشوارها الفني مغنيةً قبل أن تحترف التمثيل.
لكنّ الغريب في الأمر أنّها قررت الاعتزال بعد العمل وارتدت الحجاب، إذ أرادت – على حدّ تعبيرها – أن تشكر الله على نعمة النجاح، ثمّ عادت بعد فترة إلى التمثيل. أما المخرجة إنعام محمد علي فقد حفزها ذلك على تقديم أعمال أخرى من نوع السيرة الذاتية منها: قاسم أمين في العام 2002، ورجل من هذا الزمان في العام 2011، لكنّها لم تستطع أن تحقق مجدداً النجاح نفسه.
سعاد حسني: حافية على جسر الذهب
لا أحد يمكنه أن ينسى عبقرية سعاد حسني أو أن يتصوّر أيّ ممثلة أخرى في مكانها. لذا كانت مهمة تقمّصها شبه مستحيلة على الممثلة منى زكي التي لم تكن موهبتها الكبيرة كافية إطلاقاً لتتمكّن من انتعال الحذاء الزجاجي والمشي على جسر الذهب. ما أدّى إلى فشل مسلسل "السندريللا" في العام 2006، الذي أخرجه سمير سيف وجعله يتعرض إلى كم هائل وغير مسبوق من الانتقادات النقدية والجماهيرية على حد سواء.
أسمهان: الصوت العظيم المظلوم
كان اختيار المخرج شوقي الماجري للنجمة سلاف فواخرجي موفّقاً الى حد كبير. فقد تمكّنت من أداء دور "أسمهان" في المسلسل الذي تناول سيرتها الذاتية العام 2008. كما استطاعت أن تنقل إحساسها بمواطنتها إلى الجمهور عبر مختلف حالاتها وانفعالاتها. إلا أنّ تفصيلا مهماً يتمثّل في عدم استعمال أغنياتها الأصلية ظلم أهمّ ما في قصّة حياة اسمهان وهو "صوتها". إذ تمّت الاستعانة بصوت المطربة وعد البحيري التي قدّمت أغنياتها. غير أنّ جمال صوتها لم يكن كافياً لإقناع المشاهدين به. وقد احتوى العمل على عدد من الأخطاء التاريخية حاله حال معظم مسلسلات السيرة الذاتية.
ليلى مراد: القلب ليس دليلاً كافياً
تعرّض مسلسل "أنا قلبي دليلي" الذي عُرض في العام 2009 لانتقادات شديدة اللهجة. فقد استسلم مخرجه محمد زهير رجب على ما يبدو إلى دليل قلبه في عمله وارتكب أخطاءً بالجملة، أوّلها محاولة إقناع الجمهور بأداء صفاء سلطان التي لم تكن موفّقة إطلاقاً في تجسيد دور البطولة، إذ أهملت الاطلاع على حياة الشخصية وملامحها وصفاتها واعتنت فقط بمحاولة تقليد ابتسامتها بطريقة مائعة لا تتناسب مع خجل ليلى مراد الذي عُرِفَت به. كما أُسنِدَ دور رشدي أباظة إلى أحمد فلوكس الذي كان في واد والشخصية في واد آخر.
صباح: الحلم يصبح كابوساً
كان مسلسل "الشحرورة" الأكثر انتظاراً بين مسلسلات سنة 2011، إذ حلم الجميع بمشاهدته منذ أول إعلان عنه، خصوصاً أنّ بطلته "صباح" كانت الوحيدة التي أُنجِزَت سيرتها وهي ما تزال على قيد الحياة. ما يعني إمكانية تفادي كلّ الأخطاء التي تقع فيها هذه الأعمال عادة. غير أنّ الحلم تحوّل إلى كابوس عند عرضه. فرغم اجتهاد بطلته كارول سماحة في تقديم الدور بحرفية عالية، إلا أنّ المخرجين أحمد شفيق وإياد صالح لم يتمكّنا من عرض شيء آخر سوى "باروكات" رخيصة وأخطاء كبيرة عكست ضعف الانتاج وعدم الاعتناء بالعمل. ما أدّى بالصبّوحة إلى مهاجمته إعلامياً ووصفه بـ"المسلسل الخيالي" الذي لا يعبّر عن حياتها.
تحية: الأنانية تقتل كاريوكا
واجه مسلسل "كاريوكا" في العام 2012، الذي أخرجه عمر الشيخ، هجمة نقدية شرسة. وأرجع بعضهم فشله إلى بطلته وفاء عامر التي جسّدت شخصية الراقصة تحيّة وأصرّت على أن تضيف إلى فشلها الذريع في الأداء أنانيتها وتمسّكها بأداء الدور عبر مختلف مراحله العمرية رغم تقدّمها في السنّ. كما انتقد الجميع الماكياج الرديء الذي مسخ وجوه الممثلين وقدّم حياة راقصة بدون رقص. وكان مليئاً بالأخطاء الفادحة على الصعيدين التاريخي والدرامي، ما أفشل المسلسل نهائياً. ولم يعكس إطلاقاً قصّة حياة بطلته الحقيقية المتّفق على كونها من أغنى القصص إنسانياً ومن أشدّها تأثيراً ومأساوية.
وهكذا انتهت أغلب هذه الأعمال في أدراج مسلسلات السيرة الذاتية الفاشلة التي ما زلنا ننتظر أن تطول قائمتها أكثر في ظلّ ندرة الناجح منها. هذا ما لم تُتَّخَذ إجراءات قانونية صارمة ضد من تسوّل له نفسه استغلال حياة الفنانين الشخصية، وتجسيدهم في أعمال فاشلة تشوّه أجمل نجاحات الفن العربي.