لكن ما هي قصة هذه الأغنيات وكيف أطلقها صنّاعها؟
"هلّت ليالي حلوة هنيّة" لفريد الأطرش:
حين وقف الموسيقار الكبير فريد الأطرش على مسرح قصر النيل في 12 أبريل/نيسان 1956، قدّم في وصلته الثالثة أغنيته الخالدة "هلّت ليالي حلوة وهنيّة"، هدية إلى جمهوره في شهر رمضان. كانت من كلمات الشاعر الكبير بيرم التونسي ومن ألحانه. وبقيت إلى يومنا هذا من الأغنيات التي ترتبط بحلول رمضان.
"وحوي يا وحوي" لأحمد عبد القادر:
في أزقّة مصر وذاكرة المصريين هناك أغنية لا يكتمل الترحيب برمضان إلا بسماعها. هي أغنية "وحوي يا وحوي" للمطرب أحمد عبد القادر التي ألّفها حسين حلمي المانستيرلي، ولحّنها أحمد شريف. ويُقال إنّ معنى "وحوي يا وحوي إياحة" مستمدّ من اللغة الفرعونية، حيث تعني "وح أوي" كلمة "أشرقت" وتعني "إياح" القمر. فالعبارة تعني الترحيب بشهر جديد، بلغة الفراعنة التي يفتخر المصريون أنّها لغة أجدادهم.
"رمضان جانا" لمحمد عبد المطلب:
"رمضان جانا وفرحنا بُو... بعد غيابو"، الذين تجاوزوا الثلاثين أو الأربعين لا بدّ أنهم سيتذكّرون تلك الكلمات التي كتبها حسين طنطاوي، ولحّنها محمود الشريف، وخلّدها بصوته، في بداية الخمسينيّات، المطرب محمد عبد المطلب، بأجر مقداره ستة جنيهات فقط. وقد لا يعلم كثيرون أنّ أحمد عبد القادر صاحب أغنية "وحوي يا وحوي" هو من قدّمها إليه وأعطاه فرصة غنائها في الإذاعة بعد أن رفض المسؤولون أن يغنّي الأغنيتين معاً في العام نفسه. فاستعان بعبد المطلب، وهكذا بات العمل من أشهر أيقونات شهر رمضان الغنائية، وبقي الناس يرددونها منذ ذلك الوقت وإلى يومنا هذا.
"سبحة رمضان" للثلاثي المرح:
كتب "سبحة رمضان" حسين طنطاوي، ولحّنها علي اسماعيل، وغنّتها فرقة الثلاثي المرح، المكوّنة من وفاء محمد مصطفى، وصفاء يوسف لطفي، وسناء الباروني. وهي فرقة لمع نجمها في الخمسينيّات أيضاً، وقدّمت أشهر أعمال شهر رمضان. وإضافة إلى "سبحة رمضان" لهم أغنية "أهو جه يا ولاد"، كما نجد أعمالاً كثيرة أخرى شهيرة منها "هنا مقص وهنا مقص" و"حلاوة شمسنا"، و"العتبة جزاز".
"المسحراتي لسيّد مكاوي:
لم يكتفِ سيّد مكّاوي بتقديم لحن "باب الغفران" كمشاركة منه في الأعمال الرمضانية، بل قدّم أيضا أغنيته الخالدة عن "المسحّراتي"، وكانت من ألحانه ومن تأليف فؤاد قاعود. وقد اكتسب منها هذا اللقب في عالم الفنّ. واستطاع أن يكون أوّل من يتطرّق إلى هذه المهنة التقليدية المرتبطة بالشهر الفضيل، ليثبت بها أنّ الفنّ فعلاً هو الحافظ الأوّل للتراث وللتقاليد.
"رمضان قال احمدوه" لصباح وفؤاد المهندس:
يصدح صوت صباح بتلك الأغنية الجميلة، التي تشاركت غناءها مع فؤاد المهندس. وتصف الأغنية معاناة النساء مع أزواجهنّ الذين يفكرون في الطعام طوال الوقت. إذ حاولت بواسطتها تقديم رسالة إلى الصائمين لينصبّ تفكيرهم في العبادات الدينية خلال هذا الشهر الفضيل، وليس في أصناف الطعام وكميّاته. ولمن لا يعرف فإنّ اسم الأغنية الأصلي هو "رمضان قال احمدوه"، غير أنّه تمّ تداولها بعنوان "الراجل ده حيجنني"، وهو عنوان فيلم لفؤاد المهندس مع زوجته شويكار، ولا علاقة له بهذه الأغنية التي كانت من ألحان الموسيقار الشهير، محمد الموجي، ومن كلمات حسين السيّد.
"الصيام مش كده" لشويكار وفؤاد المهندس:
غير بعيد عن موضوع أغنيته مع صباح السابقة نجد لفؤاد المهندس مع شويكار أغنية رمضانية أخرى تحمل عنوان "الصيام مش كده". وهي تتحدّث عن عصبية الرجال في أيّام الصوم، وصبر زوجاتهم على طلباتهم وحالاتهم النفسية. وذلك كمحاولة لمعالجة الظواهر الاجتماعية السلبية المترافقة مع الصيام. ويمكن القول: إنّ هذا النوع من الأغنيات يكشف عن جانب كبير من الاتجاه نحو الواقع، الذي ظهر مع بداية السبعينيّات، تزامناً مع بدء تغييرات كبيرة في المجتمع العربي وتوجّهاته الفنية.
"شوفوا رمضان" لهدى سلطان:
بصوتها الجميل، وبخفّة دم طفولية، أدّت هدى سلطان تلك الأغنية الرمضانية التي حملت عنوان "شوفوا رمضان"، وشاركها كورس أطفال ردّدوا خلفها الترحيب بهذا الشهر، على اعتباره فرصة لزرع قيم الخير والمحبّة في نفوسهم.
"حالو يا حالو" لنيللي :
قدّمت نيللي في فوازير الخطبة عام 1981 أغنية "حالو يا حالو" التي اختلف كثيرون حول معناها. فمنهم من يرى أنّها كلمة عربية أصلها فعل الأمر "حلو" من "حلوى"، في حين يؤكد باحثون أنّها كلمة قبطية تعني "افرح يا شيخ". لكن بغضّ النظر عن المعنى الاصلي فإنّ الأغنية باتت جزءاً من ذاكرة الشهر، طوال أكثر من ثلاثين عاماً.
"باب الغفران" لليلى مراد:
لا شكّ أنّه لا يمكن أن ننسى أغنية "باب الغفران" للفنانة الكبيرة، ليلى مراد. ذلك العمل الجميل الذي كتبه محمد فؤاد ولحّنه العبقري سيّد مكاوي، وحمل رسالة دينية سامية احتفالاً بحلول الشهر الكريم. تماماً مثلما حملتها أغنيات أخرى منها "يا بركة رمضان" لمحمد رشدي و"أيّام رمضان" لفاتن فريد، و"نرحب شهر الصوم" لعبد العزيز محمود. وهي أغنيات نفتقدها كثيراً اليوم، ونفتقد قيمتها الفنية وقيمها الأخلاقية مقارنة بالأعمال المعاصرة.