16 نوفمبر 2024
اتحاد حبيب الصايغ مجدّداً
ما هي اختصاصات وزير التسامح في الإمارات؟ يبدو أن الإجابة غير هيّنة، بدليل أن وزيرة الثقافة (وتنمية المعرفة) هناك، نورة الكعبي، ليست هي التي افتتحت أعمال المؤتمر السابع والعشرين للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، والذي استضافته أبوظبي الأسبوع الماضي، وإنما وزير التسامح، نهيان آل نهيان. ولعل الأمر يعودُ إلى الولع الذي تنخرط فيه الإمارات، منذ أناطت بنفسها رفعَ راية محاربة التطرّف والإرهاب، وانخرطت في مشروع تجديد الخطاب الديني (الإسلامي) بالشراكة مع أجهزة عبد الفتاح السيسي في مصر، وقد خلعت على 2019 اسم عام التسامح. والأرجح أن الاتحاد المتحدّث عنه، والذي صار منذ نحو خمس سنوات من ممتلكات أبوظبي، اختير له أن يُساهم في قصة التسامح هذه، بأن يكون موضوع ندوتِه على هامش المؤتمر العام "ثقافة التسامح وبناء الهوية بين الأنا والآخر". أما انعدام أهليّة كثيرين من المستضافين للحكي في هذا الشأن فأمرٌ آخر، وقد أبدى الوزير الإماراتي المختص، في كلمته الافتتاحية، تقديرَه لمستمعيه، والذين قال إنهم "اختاروا" هذا الموضوع، وخلع عليهم صفة "قادة الفكر والأدب في المنطقة" (!).
.. ولكن، من الحماقة أن يصدّق واحدُنا أن الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، حبيب الصايغ، إنما رتّب انعقاد هذا المؤتمر في أبوظبي، وسابقَه قبل ثلاث سنوات في أبوظبي أيضا، واجتماعاتٍ للمكتب الدائم في دبي والعين بينهما، شغفاً منه بالتسامح، وإنْ بنسخته الإماراتية غير الخافية التفاصيل. وإنّما القصة كلها أن تنعقد لشخصِه الأمانة العامة، وأن ينام هذا الاتحاد، منقوص القيمة والاعتبار والمكانة، في جيْب أبوظبي، وقد كان سنواتٍ (أنشئ في 1954)، في جيب البعث العراقي الآفل، وفي جيب البعث السوري الرميم، وإنْ مرّت عليه مراحل انتزَع في أثنائها شيئا من الاستقلالية واحترام النّفس. ولا يُنسى أن الصايغ طبخ بيانا ختاميا لاجتماع العين (سبتمبر/ أيلول 2017)، ونشره بعد سبعة أيامٍ من مغادرة الوفود المشاركة، وضمّنه إدانة ما سمّاه "تمويل النظام في قطر الإرهاب ودعمه"، في زعرنةٍ ظاهرةٍ، من شديد الأسف أن أحدا من رؤساء الاتحادات العربية لم يعترض عليها، سوى رئيس اتحاد كتّاب المغرب، عبد الرحيم العلام، الذي لم يُشارك في ذلك الاجتماع، ثم لم يُدْعَ إلى مؤتمر أبوظبي الأسبوع الماضي، بسبب مشكلاتٍ مهولةٍ بينه وبين الصايغ.
لا يكتفي رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، حبيب الصايغ، بولايته التي انتهت أمينا عاما للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، والتي "انتُخب" لها قبل ثلاث سنوات، ولا بولايةٍ جديدةٍ بالمدّة المعتادة نفسها، فهو ليس كما أسلافٌ له في هذه السنّة، وإنما يريد ولايةً جديدةً من أربع سنوات، وتتجدّد أيضا، بموجب واحدٍ من تعديلاتٍ على النظام العام للاتحاد العربي العتيد، أجراها مع الملتحقين بزعامته من رؤساء اتحاداتٍ عربية، وتم اعتمادها في مؤتمر استثنائي (؟)، في القاهرة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ومن هذه التعديلات، "انتخاب" ثلاثة نوّاب للأمين العام، بدل اثنيْن. وسارت الأمور كما يشتهي الرجل، وإنْ "تحفّظت" رابطة الكتاب الأردنيين على هذيْن التعديليْن. ومن أعاجيب مؤتمر أبوظبي الأسبوع الماضي، أنه، إلى إعادته ترسيم حبيب الصايغ أمينا عاما، أن أيا من وفود الاتحادات العربية الـ 16 المشارِكة لم تفتح أي نقاشٍ لتقرير الأمين العام عن حالة هذا الاتحاد، فتم الاكتفاءُ بتمريره وتوزيعه. وفي سلوكٍ شاذ آخر، لم يُقدّم للمؤتمرين تقريرٌ مالي.
دعْك من الاكتراث بـ"وثيقة السعديات" التي اختتم المؤتمر بها أعمالَه، وبهذه التسمية العجيبة لبيانٍ ختامي، عندما يُنسب إلى منتجعٍ سياحي، ولا بفائض الدجل الذي تبدّى في بعض نقاطها السبع، من قبيل أن الأدباء والكتاب العرب يروْن أن الثقافة تجمع ما تفرّقه السياسة (هل الأمين العام ونوابُه مقتنعون فعلا بذلك؟)، ودعْك من أرطال الإنشائيات فيها، وانظر إلى أفضل ما صنعه المؤتمر، وهو أنه لم يشتمل على تقديم تقريرٍ بشأن الحريات، كما ظل يحدُث في مؤتمراتٍ سابقة، وأن الوثيقة الختامية لم تأت أبدا على هذا الشأن، وأن الاتحاد حجب جائزة الشخصية العربية المدافعة عن الحقوق والحريات.. وهذا كله صنيعٌ مقدّرٌ حقا، فكيف يمكن أن نهضم أن هذا الاتحاد مؤسسةٌ مدنيةٌ معنيةٌ حقا بحرية الإنسان العربي، سيما في ظلال حبيب الصايغ.
لا يكتفي رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، حبيب الصايغ، بولايته التي انتهت أمينا عاما للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، والتي "انتُخب" لها قبل ثلاث سنوات، ولا بولايةٍ جديدةٍ بالمدّة المعتادة نفسها، فهو ليس كما أسلافٌ له في هذه السنّة، وإنما يريد ولايةً جديدةً من أربع سنوات، وتتجدّد أيضا، بموجب واحدٍ من تعديلاتٍ على النظام العام للاتحاد العربي العتيد، أجراها مع الملتحقين بزعامته من رؤساء اتحاداتٍ عربية، وتم اعتمادها في مؤتمر استثنائي (؟)، في القاهرة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ومن هذه التعديلات، "انتخاب" ثلاثة نوّاب للأمين العام، بدل اثنيْن. وسارت الأمور كما يشتهي الرجل، وإنْ "تحفّظت" رابطة الكتاب الأردنيين على هذيْن التعديليْن. ومن أعاجيب مؤتمر أبوظبي الأسبوع الماضي، أنه، إلى إعادته ترسيم حبيب الصايغ أمينا عاما، أن أيا من وفود الاتحادات العربية الـ 16 المشارِكة لم تفتح أي نقاشٍ لتقرير الأمين العام عن حالة هذا الاتحاد، فتم الاكتفاءُ بتمريره وتوزيعه. وفي سلوكٍ شاذ آخر، لم يُقدّم للمؤتمرين تقريرٌ مالي.
دعْك من الاكتراث بـ"وثيقة السعديات" التي اختتم المؤتمر بها أعمالَه، وبهذه التسمية العجيبة لبيانٍ ختامي، عندما يُنسب إلى منتجعٍ سياحي، ولا بفائض الدجل الذي تبدّى في بعض نقاطها السبع، من قبيل أن الأدباء والكتاب العرب يروْن أن الثقافة تجمع ما تفرّقه السياسة (هل الأمين العام ونوابُه مقتنعون فعلا بذلك؟)، ودعْك من أرطال الإنشائيات فيها، وانظر إلى أفضل ما صنعه المؤتمر، وهو أنه لم يشتمل على تقديم تقريرٍ بشأن الحريات، كما ظل يحدُث في مؤتمراتٍ سابقة، وأن الوثيقة الختامية لم تأت أبدا على هذا الشأن، وأن الاتحاد حجب جائزة الشخصية العربية المدافعة عن الحقوق والحريات.. وهذا كله صنيعٌ مقدّرٌ حقا، فكيف يمكن أن نهضم أن هذا الاتحاد مؤسسةٌ مدنيةٌ معنيةٌ حقا بحرية الإنسان العربي، سيما في ظلال حبيب الصايغ.