02 نوفمبر 2024
استنساخ السيسي في السودان
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
يبدو أن المجلس العسكري في السودان قرّر استنساخ تجربة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ فض اعتصام ميدان رابعة العدوية في 14 أغسطس/ آب 2013. وما حصل صباح الأحد الماضي في ميدان الاعتصام في الخرطوم يحيل على السيناريو المصري، مع اختلاف في بعض التفاصيل التي تتعلق بأعداد الضحايا من قتلى وجرحى، كانوا بالآلاف في حالة "رابعة". وصدرت من المجلس العسكري السوداني إشارات واضحة في اليوم الموالي، تذهب إلى تحريك الشارع من أجل تفويضٍ لتصعيد موقفه ضد التظاهرات السلمية، التي نجحت في إطاحة الرئيس السابق عمر البشير. والمطلوب من هذه الخطوة أن يتسلح المجلس العسكري بشرعية الشارع، كي يبقى في الحكم، ويوقف المسار الديموقراطي الذي قامت من أجله الثورة الشعبية، ويمارس كل التجاوزات، بما في ذلك قمع الحراك السلمي بالرصاص الحيّ.
شكّلت عملية فضّ الاعتصام بالنار صدمةً للأوساط كافة، لكونها جاءت من دون مقدّمات أو مبرّراتٍ تبيح للمجلس العسكري استخدام القوة لإنهاء الحراك السلمي، وهو ما ترتب عليه سقوط قرابة 60 قتيلاً وأكثر من مائة جريح. ويضاف إلى ذلك تراجع المجلس العسكري عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع قوى إعلان الحرية والتغيير، والخاص بترتيبات المرحلة الانتقالية، وتشكيل السلطة في هذه المرحلة، وحصة العسكر والمدنيين فيها. والأمر الأكثر إثارة للاهتمام صدور إشارات إلى نيةٍ صريحةٍ من المجلس العسكري لطيّ صفحة الحراك السلمي، والانفراد بالسلطة، وهذا ما يمكن تلمّسه من خلال العزف على وتر التفويض الشعبي.
جرى التغير في مواقف المجلس العسكري، بعد جولات خارجية قام بها رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان إلى الإمارات والاجتماع مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى السعودية واجتماعه مع ولي العهد محمد بن سلمان. وشارك البرهان في القمتين العربية والإسلامية في السعودية، وحظي بمعاملة خاصة، وعقد لقاءاتٍ مع بن سلمان. وبالإضافة إلى ذلك، نشطت الاتصالات بين الرئيس المصري وأعضاء المجلس العسكري، الأمر الذي طرح أسئلة بشأن سرّ الاهتمام السعودي الإماراتي المصري بالوضع السوداني، وما يمكن أن يسفر عنه في ظل مواقف الدول الثلاث من الثورات الشعبية التي شهدتها المنطقة العربية منذ إطاحة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 يناير/ كانون الثاني 2011. ويمكن التوقف هنا أمام ثلاث علامات أساسية في هذا المشهد: أن ثلاثي الثورة المضادة؛ السعودي الإماراتي المصري، ألقى بكل ثقله من أجل وأد الحراك السوداني. أن وجود القوات السودانية في السعودية ضرورة للأمن السعودي، في الحرب التي تشنّها السعودية والإمارات على اليمن. أن السعودية والإمارات قدمت إغراءات مالية كبيرة للمجلس العسكري، كي تبقى الخرطوم ضمن هذا السرب.
وعلى الرغم من الهجمة الشرسة ضد ثورة الشعب السوداني، من الخطأ الاعتقاد أن عملية فض الاعتصام في الخرطوم سوف تشكل نهاية للحراك الشعبي الذي تنامى، موجةً وراء أخرى، منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وإذا لم يتراجع المجلس العسكري عن هذا السلوك، فإن الموقف مرشّح للتطور على نحوٍ غير محسوب. وفي حين تتمسّك المعارضة بالميدان، يأتي إعلان المجلس العسكري عن تعليق التفاوض والتراجع عن الاتفاقات مع قوى إعلان الحرية، والدعوة لانتخابات بعد تسعة شهور، لينقل المسألة إلى مستوى متقدم من التصعيد، لا يمكن التحكّم بمساره ومآلاته.
تتحمّل السعودية والإمارات ومصر مسؤولية مباشرة عما سوف يترتب على التصعيد في السودان. ويبدو من تدخل الأطراف الثلاثة في الشأن الداخلي السوداني، أن النتائج لن تكون أفضل مما هي عليه من التدخلات في اليمن وليبيا، التي أدت إلى حروبٍ أهليةٍ مفتوحة.
شكّلت عملية فضّ الاعتصام بالنار صدمةً للأوساط كافة، لكونها جاءت من دون مقدّمات أو مبرّراتٍ تبيح للمجلس العسكري استخدام القوة لإنهاء الحراك السلمي، وهو ما ترتب عليه سقوط قرابة 60 قتيلاً وأكثر من مائة جريح. ويضاف إلى ذلك تراجع المجلس العسكري عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع قوى إعلان الحرية والتغيير، والخاص بترتيبات المرحلة الانتقالية، وتشكيل السلطة في هذه المرحلة، وحصة العسكر والمدنيين فيها. والأمر الأكثر إثارة للاهتمام صدور إشارات إلى نيةٍ صريحةٍ من المجلس العسكري لطيّ صفحة الحراك السلمي، والانفراد بالسلطة، وهذا ما يمكن تلمّسه من خلال العزف على وتر التفويض الشعبي.
جرى التغير في مواقف المجلس العسكري، بعد جولات خارجية قام بها رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان إلى الإمارات والاجتماع مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى السعودية واجتماعه مع ولي العهد محمد بن سلمان. وشارك البرهان في القمتين العربية والإسلامية في السعودية، وحظي بمعاملة خاصة، وعقد لقاءاتٍ مع بن سلمان. وبالإضافة إلى ذلك، نشطت الاتصالات بين الرئيس المصري وأعضاء المجلس العسكري، الأمر الذي طرح أسئلة بشأن سرّ الاهتمام السعودي الإماراتي المصري بالوضع السوداني، وما يمكن أن يسفر عنه في ظل مواقف الدول الثلاث من الثورات الشعبية التي شهدتها المنطقة العربية منذ إطاحة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 يناير/ كانون الثاني 2011. ويمكن التوقف هنا أمام ثلاث علامات أساسية في هذا المشهد: أن ثلاثي الثورة المضادة؛ السعودي الإماراتي المصري، ألقى بكل ثقله من أجل وأد الحراك السوداني. أن وجود القوات السودانية في السعودية ضرورة للأمن السعودي، في الحرب التي تشنّها السعودية والإمارات على اليمن. أن السعودية والإمارات قدمت إغراءات مالية كبيرة للمجلس العسكري، كي تبقى الخرطوم ضمن هذا السرب.
وعلى الرغم من الهجمة الشرسة ضد ثورة الشعب السوداني، من الخطأ الاعتقاد أن عملية فض الاعتصام في الخرطوم سوف تشكل نهاية للحراك الشعبي الذي تنامى، موجةً وراء أخرى، منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وإذا لم يتراجع المجلس العسكري عن هذا السلوك، فإن الموقف مرشّح للتطور على نحوٍ غير محسوب. وفي حين تتمسّك المعارضة بالميدان، يأتي إعلان المجلس العسكري عن تعليق التفاوض والتراجع عن الاتفاقات مع قوى إعلان الحرية، والدعوة لانتخابات بعد تسعة شهور، لينقل المسألة إلى مستوى متقدم من التصعيد، لا يمكن التحكّم بمساره ومآلاته.
تتحمّل السعودية والإمارات ومصر مسؤولية مباشرة عما سوف يترتب على التصعيد في السودان. ويبدو من تدخل الأطراف الثلاثة في الشأن الداخلي السوداني، أن النتائج لن تكون أفضل مما هي عليه من التدخلات في اليمن وليبيا، التي أدت إلى حروبٍ أهليةٍ مفتوحة.
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
26 أكتوبر 2024
19 أكتوبر 2024
12 أكتوبر 2024