09 نوفمبر 2024
اغتيال ناجي في تلفزيون العربي
مالت الحلقة الخاصة عن ناجي العلي، والتي بثّها تلفزيون العربي، قبل أيام، في برنامجه "كنت هناك"، إلى ترجيح مسؤولية إسرائيل عن جريمة اغتيال الكاريكاتيرست الفلسطيني الشهير، في لندن قبل ثلاثين عاما. ولهذا الترجيح وجاهته وقرائنه، غير أن كاتبا نحريرا في صحيفةٍ بيروتيةٍ، أحيت ذكرى ناجي، أخيرا، بتخصيص ملفٍّ عن الراحل، أخبرنا أن العقل العربي الساذج وراء عدم تصديق أن ياسر عرفات هو من أوعز بالاغتيال، ذلك أنه "لم يكن ممكناً أن تتعايش سرديّة الرمز ناجي العلي مع سرديّة الرمز ياسر عرفات، فكان لا بدّ من أن يطلق الختيار النار على نقيضِه ليقتله". ويُغبط صاحب هذه الفكرة (المبتكرة؟) على فائض الثقة لديه، وهو يحسم أمرا لم تتوصل إليه أجهزةٌ مختصةٌ بالتحقيق في الجريمة، وإنْ يردّد جنابُه إشاعةً رائجةً، تقوم على ما هو معروف وذائع، عن توترٍ مشهور كان في العلاقة بين ناجي وعرفات، في تلك الآونة التي أطلق القاتل رصاصته الغادرة في شارع إيفز في حي نايتسبريدج في العاصمة البريطانية، بسبب رسومات الفنان الساخطة على القيادة الفلسطينية، وإحداها هازئة بشخص عرفات نفسه. وحسنا فعل خالد ناجي العلي، نجل الفنان، في حلقة "كنت هناك"، أنه أوضح أن تعيين القاتل ومن وراءه مسؤولية الشرطة، وليس من اختصاصه.
ربما يرى من يرى أن ما شوهد على شاشة "العربي" لم يكن متوازنا، من ناحية عدم تظهير ذلك الميل إلى مسؤولية ياسر عرفات عن تغييب ناجي العلي، غير أن المقصد الظاهر مما شوهد هو إسناد الدعوة التي أعلنها، قبل أيام، رئيس وحدة قيادة مكافحة الإرهاب في الشرطة البريطانية، دين هايدون، إلى من لديه أي معلوماتٍ تسعف في تعيين الحقيقة في الجريمة أن يوفّرها للشرطة، ذلك أن ملف القضية مفتوحٌ، وتتم مراجعته باستمرار، ومضي ثلاثين عاما عليه لا يعني أنه تم إغلاقه. وكان هذا الإعلان من مسؤول بريطاني مهني ومختص هو الجديد والأهم في الذكرى الثلاثين لرحيل ناجي العلي هذا العام، ما جعلها ذكرى خاصة، فلم تمرّ كما سابقاتها الموسمية كل عام. والظاهر أيضا أن مقصد حلقة "كنت هناك" في تلفزيون العربي هو عدم التعمية على فرضية المسؤولية الإسرائيلية عن الجريمة، تحت تأثير جاذبية فرضية مؤامرةٍ عرفاتية في القصة كلها. وفي البال أن فيلما وثائقيا عن واقعة الاغتيال الملغزة بثته قناة الجزيرة قبل سنوات (إخراج ساندرا الأبرص)، تحدث فيه مثقفون فلسطينيون معروفون عن "إيعاز" الزعيم الفلسطيني بقتل الفنان المعروف، لكنه أبرز، في الوقت نفسه، شواهد على اقتراف "الموساد" الجريمة، ومنها أن واحدا من المشبوهين الثلاثة (أورد الفيلم أسماءهم) كان على عمالةٍ معروفة بالجهاز الإسرائيلي، وهو الأمر الذي جاء عليه المناضل الفلسطيني، صلاح صلاح، في مشاركته في حلقة تلفزيون العربي.
لم تُشهر الشرطة البريطانية تفاصيل تحقيقاتها في الجريمة، وعلى ذمّة بسام أبو شريف، في مشاركته على شاشة "العربي"، لم تطلع لندن الجانب الفلسطيني على كل الخيوط التي تيسّرت لها في أثناء تحقيقاتها، ما قد يعود إلى أسبابٍ إجرائية وأمنية لها ضرورتها، غير أن من يجتهد في تتبع القضية لا بد أن يلحظ تقصيرا مهولا اقترفته منظمة التحرير بشأن مسؤوليتها المفترضة وواجبها البديهي في محاولة الوقوف على الحقيقة، ما يعود إلى الكسل التقليدي المتوطّن فيها منذ عقود، وإلى غياب الإرادة السياسية، وإلى إيثار عدم وجع الرأس الذي يمكن أن يسبّبه بحث جدي في الموضوع، سيتعرّض، على الأغلب، إلى ما كانت عليه أوجه الغضب الفلسطيني الرسمي والفتحاوي والعرفاتي من ناجي وظاهرته.
يكرّر صاحب هذه الكلمات، بمناسبة التنويه هنا بحلقة تلفزيون العربي، ما كتبه غير مرة، في غير صحيفة ومجلة، بشأن الملحّ فلسطينيا في ما يتعلق بالفنان الحاذق الذي اغتيل عن 51 عاما، وهو جمع تراثه كله (8 آلاف رسم منشور من بين 40 ألفاً على ما كتب عارفون)، ونشره مبوّبا ومصنفا، وتيسيره أمام الأجيال الفلسطينية والعربية. وكذلك إبقاء قضية اغتياله حيّة، والدفع باتجاه حسم الحقيقة كاملة ومؤكدة، فلا تبقى على الغموض الذي تقيم فيه قضايا اغتيال وقتل وتغييب شهيرة عربيا، لا يُراد لحقائقها أن تنجلي وتنكشف.
ربما يرى من يرى أن ما شوهد على شاشة "العربي" لم يكن متوازنا، من ناحية عدم تظهير ذلك الميل إلى مسؤولية ياسر عرفات عن تغييب ناجي العلي، غير أن المقصد الظاهر مما شوهد هو إسناد الدعوة التي أعلنها، قبل أيام، رئيس وحدة قيادة مكافحة الإرهاب في الشرطة البريطانية، دين هايدون، إلى من لديه أي معلوماتٍ تسعف في تعيين الحقيقة في الجريمة أن يوفّرها للشرطة، ذلك أن ملف القضية مفتوحٌ، وتتم مراجعته باستمرار، ومضي ثلاثين عاما عليه لا يعني أنه تم إغلاقه. وكان هذا الإعلان من مسؤول بريطاني مهني ومختص هو الجديد والأهم في الذكرى الثلاثين لرحيل ناجي العلي هذا العام، ما جعلها ذكرى خاصة، فلم تمرّ كما سابقاتها الموسمية كل عام. والظاهر أيضا أن مقصد حلقة "كنت هناك" في تلفزيون العربي هو عدم التعمية على فرضية المسؤولية الإسرائيلية عن الجريمة، تحت تأثير جاذبية فرضية مؤامرةٍ عرفاتية في القصة كلها. وفي البال أن فيلما وثائقيا عن واقعة الاغتيال الملغزة بثته قناة الجزيرة قبل سنوات (إخراج ساندرا الأبرص)، تحدث فيه مثقفون فلسطينيون معروفون عن "إيعاز" الزعيم الفلسطيني بقتل الفنان المعروف، لكنه أبرز، في الوقت نفسه، شواهد على اقتراف "الموساد" الجريمة، ومنها أن واحدا من المشبوهين الثلاثة (أورد الفيلم أسماءهم) كان على عمالةٍ معروفة بالجهاز الإسرائيلي، وهو الأمر الذي جاء عليه المناضل الفلسطيني، صلاح صلاح، في مشاركته في حلقة تلفزيون العربي.
لم تُشهر الشرطة البريطانية تفاصيل تحقيقاتها في الجريمة، وعلى ذمّة بسام أبو شريف، في مشاركته على شاشة "العربي"، لم تطلع لندن الجانب الفلسطيني على كل الخيوط التي تيسّرت لها في أثناء تحقيقاتها، ما قد يعود إلى أسبابٍ إجرائية وأمنية لها ضرورتها، غير أن من يجتهد في تتبع القضية لا بد أن يلحظ تقصيرا مهولا اقترفته منظمة التحرير بشأن مسؤوليتها المفترضة وواجبها البديهي في محاولة الوقوف على الحقيقة، ما يعود إلى الكسل التقليدي المتوطّن فيها منذ عقود، وإلى غياب الإرادة السياسية، وإلى إيثار عدم وجع الرأس الذي يمكن أن يسبّبه بحث جدي في الموضوع، سيتعرّض، على الأغلب، إلى ما كانت عليه أوجه الغضب الفلسطيني الرسمي والفتحاوي والعرفاتي من ناجي وظاهرته.
يكرّر صاحب هذه الكلمات، بمناسبة التنويه هنا بحلقة تلفزيون العربي، ما كتبه غير مرة، في غير صحيفة ومجلة، بشأن الملحّ فلسطينيا في ما يتعلق بالفنان الحاذق الذي اغتيل عن 51 عاما، وهو جمع تراثه كله (8 آلاف رسم منشور من بين 40 ألفاً على ما كتب عارفون)، ونشره مبوّبا ومصنفا، وتيسيره أمام الأجيال الفلسطينية والعربية. وكذلك إبقاء قضية اغتياله حيّة، والدفع باتجاه حسم الحقيقة كاملة ومؤكدة، فلا تبقى على الغموض الذي تقيم فيه قضايا اغتيال وقتل وتغييب شهيرة عربيا، لا يُراد لحقائقها أن تنجلي وتنكشف.