08 نوفمبر 2024
السلاح والسياسة في سوق ليبيا
وأنت تمد بصرك ناحية تطورات الأوضاع الليبية، وطغيان حديث السلاح والسياسة على صوت الثورة، من المهم أن تعود بالذاكرة قليلًا إلى الصورة المقابلة في سورية.
تبدأ المسألة عربيةً خالصة، كلام عن الأخوة والمصير المشترك، وحديث عن القومية العربية والأمن القومي العربي، ثم استدعاء لجثّةٍ متحللة اسمها جامعة الدول العربية.. ثم ينفضّ المولد ويسدل الستار معلنًا نهاية المشهد الأول، لتبدأ الدراما الحقيقية، بالممثلين الحقيقيين، وينتقل العرب إلى مقاعد المتفرّجين، والمشجعين لأطراف أخرى ليست عربية، تتسابق عسكريًا وسياسيًا على الأراضي السورية، في مباراة مفتوحة لا أحد يعرف، أو يريد لها نهاية.
في سورية، يلعب الآن كل من الروس والأميركان والأتراك والإيرانيون، فيما توارى العرب، بعيدًا غير مهتمين بالمشاهدة أو التشجيع حتى، بعد سنوات من الصخب والضجيج الأجوف عن تدخل عسكري عربي حاسم تمثل السعودية رأس الحربة فيه لوضع حد لمأساة الشعب السوري الشقيق.
في اليمن، لم يختلف الأمر كثيرًا، فبعد سنوات من مزحة "عاصفة الحزم" انتهى الأمر إلى أن الأطراف العربية التي حشدت واحتشدت وبنت التحالفات، تتسول الآن خروجًا آمنا من ملعب الصراع، تاركة الأمر للتجاذبات والتفاهمات الدولية.
شيء من هذا يتكرر في الملعب الليبي، وإن بصورة أخرى، إذ يبدو الأمر في ظاهره وكأن صراعًا مصريًا تركيًا يوشك أن يندلع على الأرض الليبية، وخصوصًا بعد تصديق البرلمان التركي على طلب إرسال قوات تركية إلى ليبيا، بمقتضى اتفاقية مع حكومة الوفاق، المعترف بها دوليًا، لمواجهة ميليشيات خليفة حفتر، المدعومة بالسلاح والسياسة والمال من محور مصري إماراتي سعودي، يتولى مهمة قتل مشروع الربيع العربي وإشعال النار في احتمالات نجاحه في أي نقطة على الخارطة العربية.
على أن مؤشرات تصاعد المواجهة في الساحة الليبية تقود إلى معطيات المعادلة السورية مرة أخرى، إذ تحضر روسيا مشحونة بدوافع الثأر لكرامتها التي أهينت في الجولة الأولى من الثورة الليبية حين وجدت نفسها خارج الملعب، لا مكان لها على مائدة اللعب بجوار الأميركيين والأوروبيين وهو الجرح الذي حاولت تضميده من خلال الاستيلاء على دور البطولة في مسرح الأزمة السورية.
لم تُخف تركيا أنها تجد نفسها مدفوعة للقفز في أتون اللعبة الليبية دفاعًا عن مصالحها الاستراتيجية في مياه البحر المتوسط، بمواجهة مشروعٍ آخر تتحالف فيه مصر مع الكيان الصهيوني واليونان وقبرص، وإن كانت تضع مشروع تدخلها في ليبيا في غلافٍ أنيق عنوانه التصدي لمشروع الانقلابات والثورات المضادة، وعدم السماح بتكرار المأساة في مصر، على يد جنرال صديق وشريك للجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي انتزع السلطة بانقلاب دموي في مصر، ترتب عليه ارتفاع حجم التبادل التجاري بين تركيا ومصر إلى أرقام قياسية متجاوزًا الخمسة مليارات دولار في آخر إحصاء رسمي معلن.
المقاربة المصرية للصراع الليبي تبدو باعثة على السخرية والرثاء معًا بالنظر إلى اللغة الدبلوماسية العرجاء الصادرة من القاهرة، والتي تكفي وحدها دليلًا على حالة التصاغر التي بلغتها مصر، إذ تبدو وكأنها تعترض على تدخل الحكومة الليبية نفسها في الشأن الليبي، وهي تستعرض التدخلات الإقليمية والدولية، مع أن القاصي والداني يعلم أن مصر غارقة، عسكريًا وسياسيًا، ومعها الإمارات في مغامرة الانقلابي المزروع خليفة حفتر، منذ سنوات.
في الموضوع الليبي هناك أوروبا بكامل استنفارها وجهوزيتها، كما تحضر الصين معززة بفوائض القوة الفوارة التي تبحث عن مجال حيوي للاختبار وحجز الأماكن في حوض المتوسط.
ووسط هذا الزحام وفي قلب هذا الغبار الكثيف، يبقى السؤال: أين ليبيا وإلى أين تمضي؟
تبدأ المسألة عربيةً خالصة، كلام عن الأخوة والمصير المشترك، وحديث عن القومية العربية والأمن القومي العربي، ثم استدعاء لجثّةٍ متحللة اسمها جامعة الدول العربية.. ثم ينفضّ المولد ويسدل الستار معلنًا نهاية المشهد الأول، لتبدأ الدراما الحقيقية، بالممثلين الحقيقيين، وينتقل العرب إلى مقاعد المتفرّجين، والمشجعين لأطراف أخرى ليست عربية، تتسابق عسكريًا وسياسيًا على الأراضي السورية، في مباراة مفتوحة لا أحد يعرف، أو يريد لها نهاية.
في سورية، يلعب الآن كل من الروس والأميركان والأتراك والإيرانيون، فيما توارى العرب، بعيدًا غير مهتمين بالمشاهدة أو التشجيع حتى، بعد سنوات من الصخب والضجيج الأجوف عن تدخل عسكري عربي حاسم تمثل السعودية رأس الحربة فيه لوضع حد لمأساة الشعب السوري الشقيق.
في اليمن، لم يختلف الأمر كثيرًا، فبعد سنوات من مزحة "عاصفة الحزم" انتهى الأمر إلى أن الأطراف العربية التي حشدت واحتشدت وبنت التحالفات، تتسول الآن خروجًا آمنا من ملعب الصراع، تاركة الأمر للتجاذبات والتفاهمات الدولية.
شيء من هذا يتكرر في الملعب الليبي، وإن بصورة أخرى، إذ يبدو الأمر في ظاهره وكأن صراعًا مصريًا تركيًا يوشك أن يندلع على الأرض الليبية، وخصوصًا بعد تصديق البرلمان التركي على طلب إرسال قوات تركية إلى ليبيا، بمقتضى اتفاقية مع حكومة الوفاق، المعترف بها دوليًا، لمواجهة ميليشيات خليفة حفتر، المدعومة بالسلاح والسياسة والمال من محور مصري إماراتي سعودي، يتولى مهمة قتل مشروع الربيع العربي وإشعال النار في احتمالات نجاحه في أي نقطة على الخارطة العربية.
على أن مؤشرات تصاعد المواجهة في الساحة الليبية تقود إلى معطيات المعادلة السورية مرة أخرى، إذ تحضر روسيا مشحونة بدوافع الثأر لكرامتها التي أهينت في الجولة الأولى من الثورة الليبية حين وجدت نفسها خارج الملعب، لا مكان لها على مائدة اللعب بجوار الأميركيين والأوروبيين وهو الجرح الذي حاولت تضميده من خلال الاستيلاء على دور البطولة في مسرح الأزمة السورية.
لم تُخف تركيا أنها تجد نفسها مدفوعة للقفز في أتون اللعبة الليبية دفاعًا عن مصالحها الاستراتيجية في مياه البحر المتوسط، بمواجهة مشروعٍ آخر تتحالف فيه مصر مع الكيان الصهيوني واليونان وقبرص، وإن كانت تضع مشروع تدخلها في ليبيا في غلافٍ أنيق عنوانه التصدي لمشروع الانقلابات والثورات المضادة، وعدم السماح بتكرار المأساة في مصر، على يد جنرال صديق وشريك للجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي انتزع السلطة بانقلاب دموي في مصر، ترتب عليه ارتفاع حجم التبادل التجاري بين تركيا ومصر إلى أرقام قياسية متجاوزًا الخمسة مليارات دولار في آخر إحصاء رسمي معلن.
المقاربة المصرية للصراع الليبي تبدو باعثة على السخرية والرثاء معًا بالنظر إلى اللغة الدبلوماسية العرجاء الصادرة من القاهرة، والتي تكفي وحدها دليلًا على حالة التصاغر التي بلغتها مصر، إذ تبدو وكأنها تعترض على تدخل الحكومة الليبية نفسها في الشأن الليبي، وهي تستعرض التدخلات الإقليمية والدولية، مع أن القاصي والداني يعلم أن مصر غارقة، عسكريًا وسياسيًا، ومعها الإمارات في مغامرة الانقلابي المزروع خليفة حفتر، منذ سنوات.
في الموضوع الليبي هناك أوروبا بكامل استنفارها وجهوزيتها، كما تحضر الصين معززة بفوائض القوة الفوارة التي تبحث عن مجال حيوي للاختبار وحجز الأماكن في حوض المتوسط.
ووسط هذا الزحام وفي قلب هذا الغبار الكثيف، يبقى السؤال: أين ليبيا وإلى أين تمضي؟