09 نوفمبر 2024
العرب ومعركة اليونسكو
تبعد معركة خلافة البلغارية، إيرينا بوكوفا، في موقع مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) نحو عام ونصف العام، غير أن الظاهر أنها بدأت مبكراً، ولكن بين المرشحين العرب للمنصب، في وقتٍ لم تتضح بعد أسماء منافسيهم الآخرين، وفيما يتردّد أن إيطاليا تعتزم إعلان مرشحٍ منها، وإن أميركياً لاتينياً قد يتقدّم للمنافسة، مدعوماً من قارّته، لا شيء مؤكداً بعد، طالما أن هناك وقتاً كافياً لتحسّس الأمور، وقراءة المعطيات الراهنة والمتوقعة.
عربياً، الأمر مختلف، هناك أربعة أسماء مطروحة. ينشط وزير الثقافة القطري السابق، حمد بن عبد العزيز الكواري، ويزور جنوب إفريقيا ضمن جهوده لتأمين دعم إفريقي له، وقد أعلن، قبل أيام، في باريس ترشّحه، باسم بلاده، في احتفالٍ حضرته بوكوفا وشخصياتٌ عربية وأجنبية، ألقى فيه محاضرةً، أوضح فيها معالم برنامجه الذي يخوض بمقتضاه المعركة المرتقب أن تسخن قريباً، وكان قد حاز على ما يمكن حسبانه إسناداً خليجياً. أما الوزير اللبناني السابق، وأستاذ العلوم السياسية، غسّان سلامة، فقد أطلق ترشحه، من دون تسميةٍ من بلده، ويأمل (أو يطلب؟) أن تفعل الدولة اللبنانية ذلك، وإذا لم يتسنّ له ذلك، فسيضطر إلى تأمين ترشيحٍ من دولةٍ أخرى، الأمر الذي تجيزه قوانين المنافسة، والتي لا تجيز الترشح الشخصي (الأمين العام الأسبق، الإسباني فديريكو مايور، لم ترشّحه بلاده). أما اليمني أحمد الصياد، وهو سفير بلاده في اليونسكو، فالأخبار شحيحةٌ بشأنه، وليس مؤكّداً ما إذا كان "سيصمد" في الترشح إلى حين موعد الاقتراع. وفيما يرشّح لبنان مواطنته، فيرا خوري، وسط استهجانٍ من مثقفي بلدها، فإن وزير خارجية لبنان، جبران باسيل، يصرّح إنه عرف من وسائل الإعلام بترشح غسّان سلامة (!) الذي جاء التفاف المثقفين اللبنانيين حوله واسعاً، كما تم التعبير عنه في بيان مناصرةٍ، كان وراءه الروائي أمين معلوف.
هذه بإيجاز الخريطة الراهنة، المبكرة، لما يجوز تسميتها معركة العرب فيما بينهم لخوض منافسةٍ على منصب المدير العام لليونسكو في 2017. وكل الحق مع غسّان سلامة في تمنيه اتفاق العرب على مرشحٍ واحد، وفي إحالته إلى تنافس بحريني وأردني في معركة رئاسة "الفيفا". ومع الوجاهة البادية في تأشير سلامة إلى أن التنافس إنما يتم على برامج، فإن للحسابات السياسية والتداخلات الإقليمية الدولية تأثيراتها على مسار تصعيد مرشح معينٍ للفوز، ومحاربة آخر، بعيداً عن مسألتي الكفاءة والأهلية، وفي البال أن أسوأ أداء لمنظمة اليونسكو اختصّ به مديرها السابق، الياباني كويشيرو ماتسورا، والذي فاز بالمنصب في 1999، وكان من منافسيه العربيان، السعودي غازي القصيبي مرشح العرب في حينه، والمصري إسماعيل سراج الدين (مرشح بوركينا فاسو). وفي الموقعة التالية، في العام 2009، فازت إيرينا بوكوفا ببرنامجٍ لم يختلف كثيراً عن برنامج منافسها المصري، فاروق حسني، الذي كان مرشح العرب (شارك في مراحل أولى في المنافسة الجزائري محمد بجّاوي). وكانت المعركة صاخبةً وقويةً في حينه، على غير برودها في 2013، وقد شارك فيها العربيان، اللبناني جوزف مايلا والجيبوتي رشاد فارح. وإذا صحّ أن المغرب ومصر يعتزمان طرح مرشحيْن في منافسة العام المقبل، ما سيجعلهما مضافين إلى الأربعة المعلنين، فإن المشهد قد يصير كاريكاتورياً.
يوضح هذا الأرشيف غير البعيد أن منافسة العرب الراهنة فيما بينهم على إدارة اليونسكو ليست جديدةً، بل غير مستغربة، وهي تعكس الحال العربي المؤسف، والذي من تفاصيله مؤتمرات التنسيق والتشاور الوفيرة تحت مظلة جامعة الدول العربية، وكثرة المجالس الوزارية المشتركة، فيما ليس في وسعها أن تحسم أمراً جوهرياً، وإنْ يحسن التأشير إلى نجاحاتٍ مقدّرة، بذلها ممثلون عن دولهم العربية في اليونسكو في ملفاتٍ حسّاسةٍ وشديدة الأهمية، بشأن فلسطين مثلاً، كان منهم مندوبو السعودية والمغرب والأردن، أما منافسات المرشحين العرب على موقع المدير العام، فلنراقب ما سيستجد ونرى.
عربياً، الأمر مختلف، هناك أربعة أسماء مطروحة. ينشط وزير الثقافة القطري السابق، حمد بن عبد العزيز الكواري، ويزور جنوب إفريقيا ضمن جهوده لتأمين دعم إفريقي له، وقد أعلن، قبل أيام، في باريس ترشّحه، باسم بلاده، في احتفالٍ حضرته بوكوفا وشخصياتٌ عربية وأجنبية، ألقى فيه محاضرةً، أوضح فيها معالم برنامجه الذي يخوض بمقتضاه المعركة المرتقب أن تسخن قريباً، وكان قد حاز على ما يمكن حسبانه إسناداً خليجياً. أما الوزير اللبناني السابق، وأستاذ العلوم السياسية، غسّان سلامة، فقد أطلق ترشحه، من دون تسميةٍ من بلده، ويأمل (أو يطلب؟) أن تفعل الدولة اللبنانية ذلك، وإذا لم يتسنّ له ذلك، فسيضطر إلى تأمين ترشيحٍ من دولةٍ أخرى، الأمر الذي تجيزه قوانين المنافسة، والتي لا تجيز الترشح الشخصي (الأمين العام الأسبق، الإسباني فديريكو مايور، لم ترشّحه بلاده). أما اليمني أحمد الصياد، وهو سفير بلاده في اليونسكو، فالأخبار شحيحةٌ بشأنه، وليس مؤكّداً ما إذا كان "سيصمد" في الترشح إلى حين موعد الاقتراع. وفيما يرشّح لبنان مواطنته، فيرا خوري، وسط استهجانٍ من مثقفي بلدها، فإن وزير خارجية لبنان، جبران باسيل، يصرّح إنه عرف من وسائل الإعلام بترشح غسّان سلامة (!) الذي جاء التفاف المثقفين اللبنانيين حوله واسعاً، كما تم التعبير عنه في بيان مناصرةٍ، كان وراءه الروائي أمين معلوف.
هذه بإيجاز الخريطة الراهنة، المبكرة، لما يجوز تسميتها معركة العرب فيما بينهم لخوض منافسةٍ على منصب المدير العام لليونسكو في 2017. وكل الحق مع غسّان سلامة في تمنيه اتفاق العرب على مرشحٍ واحد، وفي إحالته إلى تنافس بحريني وأردني في معركة رئاسة "الفيفا". ومع الوجاهة البادية في تأشير سلامة إلى أن التنافس إنما يتم على برامج، فإن للحسابات السياسية والتداخلات الإقليمية الدولية تأثيراتها على مسار تصعيد مرشح معينٍ للفوز، ومحاربة آخر، بعيداً عن مسألتي الكفاءة والأهلية، وفي البال أن أسوأ أداء لمنظمة اليونسكو اختصّ به مديرها السابق، الياباني كويشيرو ماتسورا، والذي فاز بالمنصب في 1999، وكان من منافسيه العربيان، السعودي غازي القصيبي مرشح العرب في حينه، والمصري إسماعيل سراج الدين (مرشح بوركينا فاسو). وفي الموقعة التالية، في العام 2009، فازت إيرينا بوكوفا ببرنامجٍ لم يختلف كثيراً عن برنامج منافسها المصري، فاروق حسني، الذي كان مرشح العرب (شارك في مراحل أولى في المنافسة الجزائري محمد بجّاوي). وكانت المعركة صاخبةً وقويةً في حينه، على غير برودها في 2013، وقد شارك فيها العربيان، اللبناني جوزف مايلا والجيبوتي رشاد فارح. وإذا صحّ أن المغرب ومصر يعتزمان طرح مرشحيْن في منافسة العام المقبل، ما سيجعلهما مضافين إلى الأربعة المعلنين، فإن المشهد قد يصير كاريكاتورياً.
يوضح هذا الأرشيف غير البعيد أن منافسة العرب الراهنة فيما بينهم على إدارة اليونسكو ليست جديدةً، بل غير مستغربة، وهي تعكس الحال العربي المؤسف، والذي من تفاصيله مؤتمرات التنسيق والتشاور الوفيرة تحت مظلة جامعة الدول العربية، وكثرة المجالس الوزارية المشتركة، فيما ليس في وسعها أن تحسم أمراً جوهرياً، وإنْ يحسن التأشير إلى نجاحاتٍ مقدّرة، بذلها ممثلون عن دولهم العربية في اليونسكو في ملفاتٍ حسّاسةٍ وشديدة الأهمية، بشأن فلسطين مثلاً، كان منهم مندوبو السعودية والمغرب والأردن، أما منافسات المرشحين العرب على موقع المدير العام، فلنراقب ما سيستجد ونرى.