25 اغسطس 2024
الغناء الكوميدي.. وشادية
يأخذُنا الحديثُ عن الغناء الكوميدي العربي، على الفور، إلى شيخ الملحنين فيلمون وهبي الذي اشتغل في صناعة هذا الفن الراقي نصف قرن، من خلال شخصية "السبع مخول" التي اعتمدها الأخوان الرحباني في كل ما أبدعاه من مسرحيات وأفلام سينمائية، فأصبحا، بعد التجربة الأولى، يحرصان على تقديم الفقرة الخاصة بـ "السبع.." باعتبارها مشهديةً مرحة حققتْ شعبية قوية خلال زمن قصير، وقد سارتْ على شفاه الناس أغنياتُ فيلمون وهبي مثل: عندي دوا للذكا، وحياتك يا أبو لطوف، واللي بتحبو لطيفة، وسنفرلو عالسنفريان، وموال "من جور بغداد" جنباً إلى جنب مع أغانيه العظيمة التي تصل إلى مستوى "اسوارة العروس".
لن ننسَى، بالطبع، الشيخ إمام ورفقته الفنية مع الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، وأغانيه الكوميدية الساخرة، مثل "نيكسون بابا" و"شَيِّدْ قصورَك" و"فاليري جسكار دستان"، ثم نقف وقفة طويلة جداً مع الساخر الفكاهي الكبير زياد الرحباني، وفريقه الذي ضم عدداً كبيراً من الفنانين الكوميديين، أبرزُهم جوزيف صقر، مع الإشارة إلى أن زياد لم يأتِ، في مجال الغناء الساخر، من فراغ، فالأخوان الرحباني وفيروز قدموا في الخمسينات أغنية مزيجاً بين أغنية "تتينا" لشارلي شابلن وأغنية وديع الصافي "عاللوما" بطريقة مضحكة، عدا عن اسكتشاتهم الفكاهية، مثل "سهرة حب" التي اتُّهِمَ فيها وديع الصافي بحبه وردة حتى كاد أن يرمي نفسه، ذات مرة، من على سطح البلدية إكراماً لها، و"المصالحة" حيث تهرب جورية مع سعدو الفران بطريقة الخطيفة، وبذلك يكون سعدو قد (علق) بها، وأما وديع الصافي ونصري شمس الدين فقد فازا بالنجاة!
والحقيقة أن الغناء الكوميدي، أو الهزلي، لم يكن حكراً على فيلمون وهبي والأخوين الرحباني والشيخ إمام، فالأشقاء المصريون لم يقصّروا، بدليل الأغنية الشائعة التي تقول: يا أهل المَغْنَى، دماغنا وجعنا، دقيقة سكوت لله.. أضف إلى ذلك أن فريد الأطرش (1910- 1974) وشادية (1934) قدّما، في 1957، بطريقة الدويتو، أغنيةً كوميدية رفيعة المستوى في فيلم "أنت حبيبي" الذي كتب له السيناريو أبو السعود الأبياري وأخرجه يوسف شاهين، أقصد أغنية "يا سلام على حبّي وحبك"، من كلمات فتحي قورة، وألحان فريد الأطرش.
وعلى الرغم من أن كلمات الأغنية مفرطة في هزليتها، إلا أن اللحن الذي صيغت به جميل، وأنيق، ومليء بالتطريب، وقد تغلّب يوسف شاهين على جمالية اللحن وطربيته بصناعة ما يشبه "الفيديو كليب المبكر" للأغنية، إذ صَوَّرها بإيقاع كوميدي محبب، وجعلَ فريداً وشادية يقدّمانها بطريقةٍ تُبْرِزُ أنهما كانا يُمَثِّلان الحب تمثيلاً لإرضاء الأهل، كما هو مكتوب في سيناريو الفيلم.. وهذا، من جهة أخرى، يتناقض مع حالة القداسة التي كانت السينما المصرية تحيط بها موضوعة "الحب" فكيف يتجرأ هؤلاء ويغنون عن الحب بسخرية وتهكم؟
الأغنية، من جهة أخرى، تمثل حالة "ندّية" تامة بين الرجل والمرأة، فكل جملةٍ متهكمة يقولها المطرب الرجل "فريد" تجيبه عليها المطربة المرأة "شادية" بتهكم مماثل، حتى حينما يتطاول فريد ويقول: وبقول لو ربنا ياخدِكْ وبتعمل ايه يا حياتي؟ تجيبه شادية: انشالله أنت يا حبيبي، يا مناي وكل نصيبي.
في أغنية شادية "مين قال لك تسكن في حارتنا" التي كتبها حسين السيد، ولحّنها محمد الموجي، تصل المصارحة الكوميدية مع الحبيب إلى حد أن تطلب منه أن "يعزّل ويسيب الحتة".. والسبب أن هذا الحبيب الرائع قد سبب للفتاة نوعاً من الصرع أو الخبل، فما عادت تعرف كيف "تلتم على روحها"، ولا تميز بين الأشخاص المحيطين بها، فتجهل أعمارهم وأجناسهم ومكانتهم. تقول: يجي أبوي يعوز فنجال قهوة، أعملْ لُهْ شاي وأدّيه لأمّي، وخيالك يجي على سَهْوة، ما افرقش ما بين خالتي وعمي!
لن ننسَى، بالطبع، الشيخ إمام ورفقته الفنية مع الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، وأغانيه الكوميدية الساخرة، مثل "نيكسون بابا" و"شَيِّدْ قصورَك" و"فاليري جسكار دستان"، ثم نقف وقفة طويلة جداً مع الساخر الفكاهي الكبير زياد الرحباني، وفريقه الذي ضم عدداً كبيراً من الفنانين الكوميديين، أبرزُهم جوزيف صقر، مع الإشارة إلى أن زياد لم يأتِ، في مجال الغناء الساخر، من فراغ، فالأخوان الرحباني وفيروز قدموا في الخمسينات أغنية مزيجاً بين أغنية "تتينا" لشارلي شابلن وأغنية وديع الصافي "عاللوما" بطريقة مضحكة، عدا عن اسكتشاتهم الفكاهية، مثل "سهرة حب" التي اتُّهِمَ فيها وديع الصافي بحبه وردة حتى كاد أن يرمي نفسه، ذات مرة، من على سطح البلدية إكراماً لها، و"المصالحة" حيث تهرب جورية مع سعدو الفران بطريقة الخطيفة، وبذلك يكون سعدو قد (علق) بها، وأما وديع الصافي ونصري شمس الدين فقد فازا بالنجاة!
والحقيقة أن الغناء الكوميدي، أو الهزلي، لم يكن حكراً على فيلمون وهبي والأخوين الرحباني والشيخ إمام، فالأشقاء المصريون لم يقصّروا، بدليل الأغنية الشائعة التي تقول: يا أهل المَغْنَى، دماغنا وجعنا، دقيقة سكوت لله.. أضف إلى ذلك أن فريد الأطرش (1910- 1974) وشادية (1934) قدّما، في 1957، بطريقة الدويتو، أغنيةً كوميدية رفيعة المستوى في فيلم "أنت حبيبي" الذي كتب له السيناريو أبو السعود الأبياري وأخرجه يوسف شاهين، أقصد أغنية "يا سلام على حبّي وحبك"، من كلمات فتحي قورة، وألحان فريد الأطرش.
وعلى الرغم من أن كلمات الأغنية مفرطة في هزليتها، إلا أن اللحن الذي صيغت به جميل، وأنيق، ومليء بالتطريب، وقد تغلّب يوسف شاهين على جمالية اللحن وطربيته بصناعة ما يشبه "الفيديو كليب المبكر" للأغنية، إذ صَوَّرها بإيقاع كوميدي محبب، وجعلَ فريداً وشادية يقدّمانها بطريقةٍ تُبْرِزُ أنهما كانا يُمَثِّلان الحب تمثيلاً لإرضاء الأهل، كما هو مكتوب في سيناريو الفيلم.. وهذا، من جهة أخرى، يتناقض مع حالة القداسة التي كانت السينما المصرية تحيط بها موضوعة "الحب" فكيف يتجرأ هؤلاء ويغنون عن الحب بسخرية وتهكم؟
الأغنية، من جهة أخرى، تمثل حالة "ندّية" تامة بين الرجل والمرأة، فكل جملةٍ متهكمة يقولها المطرب الرجل "فريد" تجيبه عليها المطربة المرأة "شادية" بتهكم مماثل، حتى حينما يتطاول فريد ويقول: وبقول لو ربنا ياخدِكْ وبتعمل ايه يا حياتي؟ تجيبه شادية: انشالله أنت يا حبيبي، يا مناي وكل نصيبي.
في أغنية شادية "مين قال لك تسكن في حارتنا" التي كتبها حسين السيد، ولحّنها محمد الموجي، تصل المصارحة الكوميدية مع الحبيب إلى حد أن تطلب منه أن "يعزّل ويسيب الحتة".. والسبب أن هذا الحبيب الرائع قد سبب للفتاة نوعاً من الصرع أو الخبل، فما عادت تعرف كيف "تلتم على روحها"، ولا تميز بين الأشخاص المحيطين بها، فتجهل أعمارهم وأجناسهم ومكانتهم. تقول: يجي أبوي يعوز فنجال قهوة، أعملْ لُهْ شاي وأدّيه لأمّي، وخيالك يجي على سَهْوة، ما افرقش ما بين خالتي وعمي!