25 اغسطس 2024
جسم سياسي ديمقراطي جديد
قال سعيد: انتهتْ معركةُ حلب بانتصار الدولتين الغازيتين، إيران وروسيا، بمساعدة جيش ابن حافظ الأسد وتشكيلةٍ واسعة من المليشيات التي تأخذ أوامرها من الإرهابي قاسم سليماني، على جبهة فتح الشام وتشكيلة الفصائل الإسلامية الملتفة حولها. ومع انتهاء المعركة، وإجبار أهالي حلب الشرقية على مغادرة بيوتهم، من دون قيد أو شرط، أعلن الناطقُ الرسمي باسم بقايا الجيش السوري أن مدينة حلب قد طُهّرت من الإرهابيين، وقال ابنُ حافظ الأسد: هذا النصر ليس لسورية فقط، وإنما لروسيا وإيران أيضاً.
في هذه اللحظة التاريخية، بدأت أصوات الرفاق التقدميين تتعالى، مُطَالِبَةً بتشكيل جسم سياسي ديمقراطي جديد، وعلى هذا الأساس دعانا، أنا وثلاثة من الأشخاص (المُتَّهَمين) بأننا ديمقراطيون، إلى مقهى هادئ في منطقة بكركوي، صديقٌ عزيز منحدر من صفوف الحزب الشيوعي السوري، لنناقش أفضل السبل التي تؤدي بنا إلى تشكيل ذلك الجسم الديمقراطي الذي سيُحْدِثُ، برأيه، نوعاً من التوازن في الساحة السورية، بعدما أخفق المشروع الإسلامي، وسَبَّبَ لحلب، ولعموم سورية، الدمار والإبادة، ليس بسبب عدائه للغرب الكافر وحسب، بل ولمشاركته في تكريس المذهبية والعنصرية، وهَوَس فصائله بالتسلط على رقاب المواطنين السوريين في المناطق التي حُرِّرَتْ، في وقت سابق، من قبضة النظام.
وأوضح سعيد: أنا لا أشك أبداً بحسن نيات الصديق صاحب الدعوة، فهو رجل متواضع، وطيب، ومخلص، ولكنه، ومن دون أن يقصد، مارس علينا ما لا يقلّ عن ربع ساعة من الديكتاتورية الخطابية، إذ حدّثنا عن نضالات الحزب الشيوعي السوري في سبيل الديمقراطية، وكيف أن النظام الشمولي السوري كان يُنَكّل بالرفاق، ويلقيهم في غياهب السجون، للبرد والعتمة والفئران وأدوات التعذيب ووجوه السجانين التي تقطع الرزق. وبعد الخطابة، تذكّر أن عليه أن يكون ديمقراطياً، فأعطانا الفرصة لندلي بآرائنا، فاستلم الحديثَ صاحبٌ لنا عُرِفَ عنه أنه يناضل ضد الثوار والمعارضين أكثر مما يناضل ضد النظام وإيران وروسيا والحثالات التي فتكت، وما زالت تفتك، بالشعب السوري. لم يترك صاحبُنا أحداً من المعارضين الديمقراطيين الغائبين عن الجلسة إلا واتهمه بفسادٍ مالي، أو أخلاقي، أو سياسي، وبالنسبة للسيدات المعارضات فهو لا يعرف بينهن واحدةً لا تستخدم جسدها في سبيل الحصول على مغانم سياسية ومالية!
كان ثمّة فتى قادم لتوه من الداخل، بدأ حديثه بالسؤال الذي طرحته السيدة أم كلثوم قبل نصف قرن، وهو: أنتَ فين والحب فين؟ وحكى لنا باستفاضةٍ عن أن الديمقراطية قد تحوّلت، خلال السنوات الأخيرة، إلى ما يشبه "الأفيون"، لا يجرؤ معتنقها على إظهارها في أية مناسبة، وقد ملأ المتطرّفون الطرقات والمنعطفات بعباراتٍ من قبيل "الديمقراطية كفر" و"العلمانية شرك"... وأضاف قائلاً إن الفصائل المتشددة مستعدةٌ لأن تخسر بقية المدن السورية، وأن يخرج عناصرُها في الباصات الخضر، وليست مستعدةً أن تسمح لامرأة أن تخرج من دون غطاء رأس، مثلاً.
قال سعيد: بدوري، سألت صاحب الفكرة النبيلة عن الطريقة التي يتصوّر بموجبها تشكيل مثل ذلك الجسم، فذكر لي أسماء أشخاص سوريين، كلهم في الأصل يساريون وتقدميون، يمكن أن يحصلوا على تمويلٍ من جهة نظيفة، من رجال أعمال سوريين مثلاً، ويعقدوا مؤتمرهم في دولةٍ تسمح للسوريين بالدخول إليها بدون فيزا، ويعلنوا عن تشكيل هذا الجسم الديمقراطي الذي أصبح وجودُه بالغ الضرورة والأهمية. فما رأيك؟
قلت له: بغض النظر عن الخطأ الجسيم الذي ترتكبه أنت، حينما تقرر أن الشيوعيين واليساريين والتقدميين ديمقراطيون، وأن أموال رجال الأعمال نظيفة، أرى أنك تريد إنتاج طبخةٍ سبق لها أن احترقت، مستخدماً العناصر نفسها، والشروط الحرارية نفسها، والطباخين أنفسهم، مؤملاً، مع ذلك، بالحصول على نتائج مختلفة.
يجب إعادة الديمقراطية إلى المجتمع السوري حتماً. ولكن كيف؟ يجب أن نفكر بهذا، ونعمل لأجل تحقيقه.
في هذه اللحظة التاريخية، بدأت أصوات الرفاق التقدميين تتعالى، مُطَالِبَةً بتشكيل جسم سياسي ديمقراطي جديد، وعلى هذا الأساس دعانا، أنا وثلاثة من الأشخاص (المُتَّهَمين) بأننا ديمقراطيون، إلى مقهى هادئ في منطقة بكركوي، صديقٌ عزيز منحدر من صفوف الحزب الشيوعي السوري، لنناقش أفضل السبل التي تؤدي بنا إلى تشكيل ذلك الجسم الديمقراطي الذي سيُحْدِثُ، برأيه، نوعاً من التوازن في الساحة السورية، بعدما أخفق المشروع الإسلامي، وسَبَّبَ لحلب، ولعموم سورية، الدمار والإبادة، ليس بسبب عدائه للغرب الكافر وحسب، بل ولمشاركته في تكريس المذهبية والعنصرية، وهَوَس فصائله بالتسلط على رقاب المواطنين السوريين في المناطق التي حُرِّرَتْ، في وقت سابق، من قبضة النظام.
وأوضح سعيد: أنا لا أشك أبداً بحسن نيات الصديق صاحب الدعوة، فهو رجل متواضع، وطيب، ومخلص، ولكنه، ومن دون أن يقصد، مارس علينا ما لا يقلّ عن ربع ساعة من الديكتاتورية الخطابية، إذ حدّثنا عن نضالات الحزب الشيوعي السوري في سبيل الديمقراطية، وكيف أن النظام الشمولي السوري كان يُنَكّل بالرفاق، ويلقيهم في غياهب السجون، للبرد والعتمة والفئران وأدوات التعذيب ووجوه السجانين التي تقطع الرزق. وبعد الخطابة، تذكّر أن عليه أن يكون ديمقراطياً، فأعطانا الفرصة لندلي بآرائنا، فاستلم الحديثَ صاحبٌ لنا عُرِفَ عنه أنه يناضل ضد الثوار والمعارضين أكثر مما يناضل ضد النظام وإيران وروسيا والحثالات التي فتكت، وما زالت تفتك، بالشعب السوري. لم يترك صاحبُنا أحداً من المعارضين الديمقراطيين الغائبين عن الجلسة إلا واتهمه بفسادٍ مالي، أو أخلاقي، أو سياسي، وبالنسبة للسيدات المعارضات فهو لا يعرف بينهن واحدةً لا تستخدم جسدها في سبيل الحصول على مغانم سياسية ومالية!
كان ثمّة فتى قادم لتوه من الداخل، بدأ حديثه بالسؤال الذي طرحته السيدة أم كلثوم قبل نصف قرن، وهو: أنتَ فين والحب فين؟ وحكى لنا باستفاضةٍ عن أن الديمقراطية قد تحوّلت، خلال السنوات الأخيرة، إلى ما يشبه "الأفيون"، لا يجرؤ معتنقها على إظهارها في أية مناسبة، وقد ملأ المتطرّفون الطرقات والمنعطفات بعباراتٍ من قبيل "الديمقراطية كفر" و"العلمانية شرك"... وأضاف قائلاً إن الفصائل المتشددة مستعدةٌ لأن تخسر بقية المدن السورية، وأن يخرج عناصرُها في الباصات الخضر، وليست مستعدةً أن تسمح لامرأة أن تخرج من دون غطاء رأس، مثلاً.
قال سعيد: بدوري، سألت صاحب الفكرة النبيلة عن الطريقة التي يتصوّر بموجبها تشكيل مثل ذلك الجسم، فذكر لي أسماء أشخاص سوريين، كلهم في الأصل يساريون وتقدميون، يمكن أن يحصلوا على تمويلٍ من جهة نظيفة، من رجال أعمال سوريين مثلاً، ويعقدوا مؤتمرهم في دولةٍ تسمح للسوريين بالدخول إليها بدون فيزا، ويعلنوا عن تشكيل هذا الجسم الديمقراطي الذي أصبح وجودُه بالغ الضرورة والأهمية. فما رأيك؟
قلت له: بغض النظر عن الخطأ الجسيم الذي ترتكبه أنت، حينما تقرر أن الشيوعيين واليساريين والتقدميين ديمقراطيون، وأن أموال رجال الأعمال نظيفة، أرى أنك تريد إنتاج طبخةٍ سبق لها أن احترقت، مستخدماً العناصر نفسها، والشروط الحرارية نفسها، والطباخين أنفسهم، مؤملاً، مع ذلك، بالحصول على نتائج مختلفة.
يجب إعادة الديمقراطية إلى المجتمع السوري حتماً. ولكن كيف؟ يجب أن نفكر بهذا، ونعمل لأجل تحقيقه.