18 نوفمبر 2024
"حساسية" تركي الفيصل
يقول رئيس الاستخبارات السعودية السابق، الأمير تركي الفيصل، إن لديه حساسية تجاه مفردة الديمقراطية، مع تقديره إيجابياتها، ويؤكد أن حاله هذا لا يعني موقفاً من الديمقراطية، غير أنه يبرر حساسيته بأن هناك خصوصيات في بلاد معينة، لا تجعل للديمقراطية بيئة مناسبة فيها، وأوضح أنه يفضل مفهوم المشاركة الشعبية على مفهوم الديمقراطية، والتي قال، بصددها، إنها سلوك وثقافة عامة. أدلى الأمير السعودي بدلوه هذا في إحدى جلسات مؤتمر مؤسسة الفكر العربي، والذي اختُتم، الجمعة، في الصخيرات بالمغرب. وشاركه فيها، رئيس الحكومة اللبنانية السابق، فؤاد السنيورة، ووزيرا الخارجية السابقان، الكويتي الشيخ محمد صباح السالم الصباح، والمغربي محمد بن عيسى.
لم يكن متوقعاً من تركي الفيصل أن يعلن حماسه تجاه الديمقراطية، وولعه بها، لكن الحساسية التي أبلغنا أنه يقيم عليها تجاه الديمقراطية، مفهوماً على ما أوضح، بدت جديدةً بعض الشيء، لأنها في منطقة ملتبسة بين التحفظ والرفض. وأظنه لم يُقنع كثيرين من مستمعيه، ومن حضور المؤتمر، في "إيضاحه" موقفه، بالتأشير إلى أن ثمة إيجابيات محمودة تتوفر عليها الديمقراطية. ولمّا قال الكلام الشائع الذيوع، في بلادنا العربية الزاهرة، عن خصوصيات في هذا البلد العربي وذاك، لا تجعل الديمقراطية خياراً مناسباً وملائماً، بدا تبريرياً في شأن مسألةٍ غير مطروحة أصلاً، فلا أحد، في مؤتمر الصخيرات، وفي غيره، ينادي بالديمقراطية البريطانية في المملكة العربية السعودية. والمعهود في مداولات نخبٍ عريضةٍ في غير منتدى أو محفل، وفي وسائط الإعلام وغيرها، هو الإلحاح على حكمٍ رشيد في أوطاننا العربية في تدبير الدولة، وفي تسييرها شؤون المواطنين بالقانون، وبكيفيات العدالة التي تحمي بالناس من الظلم والاستبداد والتسلط، فتتعزّز في الأثناء قيمة المواطن، وتقوم حقوقه في الكرامة والعيش الذي توفر فيه الدولة شروط المواطنة الحقة. وفي هذا كله، ثمّة المحاسبة والمراقبة التي تنقذ البلاد والعباد من جرائم الفساد والفاسدين، والذين يستغلون مواقعهم في مراتب المسؤولية.
تصدر مثل هذه المطالب التي يشتهيها المواطن العربي في بلده عن انتماءٍ إلى وطنه، وصار شديد الوضوح أنَّ غيابها الفادح في غير مطرح عربي كان الدافع الجوهري الذي أشعل انتفاضات الربيع العربي في مصر وتونس واليمن وسورية وليبيا، وفي غيرها من بلدان عربيةٍ شهدت تعبيراتٍ جماهيرية احتجاجية، لكن الأوضاع فيها لم تمضِ إلى مثل الذي غالبته، لاحقاً، هذه الأوطان الخمسة.
لم يأت الأمير تركي الفيصل إلى شيء من هذا كله، ونحسبه يعرف أشواق الشعوب العربية إلى تعافي أوطانها ممّا ذكرنا، ومما لم نذكر من رزايا أخرى. ولأن الأمر على هذا النحو، في تيسيرٍ مبسط، مع التسليم بأن التفاصيل فيه عويصة ومركبة، فإن الأدعى والأوفق تفادي قصة الديمقراطية كلها، وحكاية المشاركة الشعبية، أيضاً، والذهاب إلى ما أشير إليه هنا، في هذه السطور، ببديهياته المعلومة، وفي البال أن ضيوفاً عديدين في مؤتمرات مؤسسة الفكر العربي، في دورته في الصخيرات المغربية، وقبلها في دبي في السنوات الثلاث الماضية، جاءوا على كل هذه الأمور، وبصراحةٍ ومن دون أي حساسية. كما أن التقرير العربي السابع للتنمية الثقافية، والذي أنجزته المؤسسة، وتم إطلاقه أخيراً، تضمن مساهمات من نخب عربية عريضة في هذا الخصوص. وهو تقريرٌ اختلف عن سابقيه، بالنظر إلى أنه اكتفى بآراء واجتهاداتٍ في موضوعه، فيما حضرت في التقارير السابقة دراسات ومسوحات وجهود على مستوى طيب من العلمية والأكاديمية في موضوعاتها.
شديدةٌ حساسيتنا، نحن المواطنين العرب، تجاه الجفاء عن الديمقراطية، مفهوماً ونظام حكم، لدى أهل السلطة في غير بلد عربي، وقد سوّغت تعقيب السطور السابقة على جملةٍ غير عابرة، أدلى بها مسؤول استخباراتٍ عربي سابق، مع الاحترام والتقدير.
لم يكن متوقعاً من تركي الفيصل أن يعلن حماسه تجاه الديمقراطية، وولعه بها، لكن الحساسية التي أبلغنا أنه يقيم عليها تجاه الديمقراطية، مفهوماً على ما أوضح، بدت جديدةً بعض الشيء، لأنها في منطقة ملتبسة بين التحفظ والرفض. وأظنه لم يُقنع كثيرين من مستمعيه، ومن حضور المؤتمر، في "إيضاحه" موقفه، بالتأشير إلى أن ثمة إيجابيات محمودة تتوفر عليها الديمقراطية. ولمّا قال الكلام الشائع الذيوع، في بلادنا العربية الزاهرة، عن خصوصيات في هذا البلد العربي وذاك، لا تجعل الديمقراطية خياراً مناسباً وملائماً، بدا تبريرياً في شأن مسألةٍ غير مطروحة أصلاً، فلا أحد، في مؤتمر الصخيرات، وفي غيره، ينادي بالديمقراطية البريطانية في المملكة العربية السعودية. والمعهود في مداولات نخبٍ عريضةٍ في غير منتدى أو محفل، وفي وسائط الإعلام وغيرها، هو الإلحاح على حكمٍ رشيد في أوطاننا العربية في تدبير الدولة، وفي تسييرها شؤون المواطنين بالقانون، وبكيفيات العدالة التي تحمي بالناس من الظلم والاستبداد والتسلط، فتتعزّز في الأثناء قيمة المواطن، وتقوم حقوقه في الكرامة والعيش الذي توفر فيه الدولة شروط المواطنة الحقة. وفي هذا كله، ثمّة المحاسبة والمراقبة التي تنقذ البلاد والعباد من جرائم الفساد والفاسدين، والذين يستغلون مواقعهم في مراتب المسؤولية.
تصدر مثل هذه المطالب التي يشتهيها المواطن العربي في بلده عن انتماءٍ إلى وطنه، وصار شديد الوضوح أنَّ غيابها الفادح في غير مطرح عربي كان الدافع الجوهري الذي أشعل انتفاضات الربيع العربي في مصر وتونس واليمن وسورية وليبيا، وفي غيرها من بلدان عربيةٍ شهدت تعبيراتٍ جماهيرية احتجاجية، لكن الأوضاع فيها لم تمضِ إلى مثل الذي غالبته، لاحقاً، هذه الأوطان الخمسة.
لم يأت الأمير تركي الفيصل إلى شيء من هذا كله، ونحسبه يعرف أشواق الشعوب العربية إلى تعافي أوطانها ممّا ذكرنا، ومما لم نذكر من رزايا أخرى. ولأن الأمر على هذا النحو، في تيسيرٍ مبسط، مع التسليم بأن التفاصيل فيه عويصة ومركبة، فإن الأدعى والأوفق تفادي قصة الديمقراطية كلها، وحكاية المشاركة الشعبية، أيضاً، والذهاب إلى ما أشير إليه هنا، في هذه السطور، ببديهياته المعلومة، وفي البال أن ضيوفاً عديدين في مؤتمرات مؤسسة الفكر العربي، في دورته في الصخيرات المغربية، وقبلها في دبي في السنوات الثلاث الماضية، جاءوا على كل هذه الأمور، وبصراحةٍ ومن دون أي حساسية. كما أن التقرير العربي السابع للتنمية الثقافية، والذي أنجزته المؤسسة، وتم إطلاقه أخيراً، تضمن مساهمات من نخب عربية عريضة في هذا الخصوص. وهو تقريرٌ اختلف عن سابقيه، بالنظر إلى أنه اكتفى بآراء واجتهاداتٍ في موضوعه، فيما حضرت في التقارير السابقة دراسات ومسوحات وجهود على مستوى طيب من العلمية والأكاديمية في موضوعاتها.
شديدةٌ حساسيتنا، نحن المواطنين العرب، تجاه الجفاء عن الديمقراطية، مفهوماً ونظام حكم، لدى أهل السلطة في غير بلد عربي، وقد سوّغت تعقيب السطور السابقة على جملةٍ غير عابرة، أدلى بها مسؤول استخباراتٍ عربي سابق، مع الاحترام والتقدير.