09 نوفمبر 2024
حلب ليست نهاية الثورة
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
شهد مطلع الأسبوع الحالي تطوراتٍ عسكريةً مهمة على جبهة حلب، تمثلت في التقدم الملحوظ الذي حققه النظام والمليشيات الطائفية التي تقاتل إلى جانبه، بدعم من روسيا وإيران. وليس هذا الإنجاز الميداني منفصلاً عما حصل على جبهات القتال في المحافظة خلال سنة، في الوقت الذي سيؤثر فيه بقوة على التطورات اللاحقة.
يقف وراء التقدّم الذي حققه النظام التدخل العسكري الروسي بقوة، والذي يشكل أكثر من 70 في المائة من الجهد الناري، وظهر ذلك في صورةٍ واضحة في الأشهر الأخيرة، خلال معارك الكر والفر التي ميّزها التبادل السريع للمواقع العسكرية، وكان النظام يخسر الأرض في كل مرةٍ لا توفر له روسيا الغطاء الجوي الكثيف الذي استلزم، في الآونة الأخيرة، حشد قوة روسية كبيرة في قاعدة حميميم.
يرى القسم الأكبر من المتابعين أن لعبة تبادل المواقع في حلب باتت من الماضي، وما يشغله النظام من المدينة صار تحت سيطرته، بل إنه سوف يتقدّم من أجل استعادة كل ما خسره في حلب منذ عام 2012، وتفيد التقديرات بأن معادلة جديدة قيد التشكل في حلب سوف تتبلور ملامحها النهائية في الأسابيع المقبلة.
الخاسر في هذه المعادلة هو المعارضة السورية المسلحة التي ستجد نفسها أمام خياراتٍ محدودة، ولن يكون في مقدورها إدامة القتال في حلب، وستجد نفسها مجبرةً على الانسحاب من جبهة حلب، الأمر الذي يشكل تراجعاً كبيراً لها، ويفتح الطريق أمام طرح مستقبلها على بساط البحث، بعدما باتت غير قادرةٍ على الدفاع عن نفسها في وجه روسيا وإيران، وضعف قواها الذاتية وتشرذمها وعدم امتلاكها السلاح الذي يؤهلها لتعديل موازين القوى.
مهما قيل في حق هذه المعارضة من نقدٍ يصل إلى حد التجريح، فإنها لم تنهزم في المواجهة مع النظام لأسبابٍ ذاتية، وعلى الرغم من المآخذ الكثيرة عليها، فإنها قاتلت بشجاعة، وليس من حقّ أحد أن يعطي دروساً للذين واجهوا الغزاة الطائفيين، وضحّوا من أجل الحرية والخلاص من نظام الأسد الضالع في الإجرام والفساد والتبعية لإيران وروسيا.
كشف رد فعل النظام على الإنجاز الذي حققه في حلب عن قصر نفس، حين أعلن أحد أركانه أنه عازمٌ على إنهاء الوضع في شرق حلب، قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل.
ينطلق هذا الحساب من فرضية تلخص ثورة الشعب السوري بالمعارضة المسلحة. وليس جديداً أن مصلحة النظام كانت، على الدوام، في تحويل الثورة إلى عمل عسكري. ومن هنا، هو يريد أن يصوّر للعالم أن بسط سيطرته على حلب يعني نهاية الثورة السورية، نظراً لما تعنيه حلب من ثقلٍ في معادلة الثورة ضد النظام، وهذا إقفال للملف من طرف واحد، أي جانب النظام، وهو لا يلزم السوريين الذين ثاروا عليه في مارس/ آذار 2011، ومهما امتلك من أسباب القوة اليوم فهو لا يستطيع منع القطاع الواسع من السوريين من أن يبقوا على عهد الثورة.
إذا تم طي صفحة القتال العسكري في حلب، واستتب الوضع لصالح النظام، فلن يقود ذلك إلى نهاية الثورة، بل على العكس، هناك جملة من الاستحقاقات التي تعيد الموقف إلى نقطة الصفر، ولا سيما ما يترتّب على الحرب والدمار من فواتير باهظة، على النظام تسديدها قبل غيره.
قد تكون حلب مرآة سورية، ولكنها لم تعد مفتاح الحل في ظلّ تسارع الموقف العام. حلب خطة حرب نموذجية: حصار، تجويع، وقوة نارية هائلة. ولكن ذلك يبقى في حلب وحدها، والحسابات في بقية المناطق منفصلة كليا، ولكل حسابٍ أجله.
يقف وراء التقدّم الذي حققه النظام التدخل العسكري الروسي بقوة، والذي يشكل أكثر من 70 في المائة من الجهد الناري، وظهر ذلك في صورةٍ واضحة في الأشهر الأخيرة، خلال معارك الكر والفر التي ميّزها التبادل السريع للمواقع العسكرية، وكان النظام يخسر الأرض في كل مرةٍ لا توفر له روسيا الغطاء الجوي الكثيف الذي استلزم، في الآونة الأخيرة، حشد قوة روسية كبيرة في قاعدة حميميم.
يرى القسم الأكبر من المتابعين أن لعبة تبادل المواقع في حلب باتت من الماضي، وما يشغله النظام من المدينة صار تحت سيطرته، بل إنه سوف يتقدّم من أجل استعادة كل ما خسره في حلب منذ عام 2012، وتفيد التقديرات بأن معادلة جديدة قيد التشكل في حلب سوف تتبلور ملامحها النهائية في الأسابيع المقبلة.
الخاسر في هذه المعادلة هو المعارضة السورية المسلحة التي ستجد نفسها أمام خياراتٍ محدودة، ولن يكون في مقدورها إدامة القتال في حلب، وستجد نفسها مجبرةً على الانسحاب من جبهة حلب، الأمر الذي يشكل تراجعاً كبيراً لها، ويفتح الطريق أمام طرح مستقبلها على بساط البحث، بعدما باتت غير قادرةٍ على الدفاع عن نفسها في وجه روسيا وإيران، وضعف قواها الذاتية وتشرذمها وعدم امتلاكها السلاح الذي يؤهلها لتعديل موازين القوى.
مهما قيل في حق هذه المعارضة من نقدٍ يصل إلى حد التجريح، فإنها لم تنهزم في المواجهة مع النظام لأسبابٍ ذاتية، وعلى الرغم من المآخذ الكثيرة عليها، فإنها قاتلت بشجاعة، وليس من حقّ أحد أن يعطي دروساً للذين واجهوا الغزاة الطائفيين، وضحّوا من أجل الحرية والخلاص من نظام الأسد الضالع في الإجرام والفساد والتبعية لإيران وروسيا.
كشف رد فعل النظام على الإنجاز الذي حققه في حلب عن قصر نفس، حين أعلن أحد أركانه أنه عازمٌ على إنهاء الوضع في شرق حلب، قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل.
ينطلق هذا الحساب من فرضية تلخص ثورة الشعب السوري بالمعارضة المسلحة. وليس جديداً أن مصلحة النظام كانت، على الدوام، في تحويل الثورة إلى عمل عسكري. ومن هنا، هو يريد أن يصوّر للعالم أن بسط سيطرته على حلب يعني نهاية الثورة السورية، نظراً لما تعنيه حلب من ثقلٍ في معادلة الثورة ضد النظام، وهذا إقفال للملف من طرف واحد، أي جانب النظام، وهو لا يلزم السوريين الذين ثاروا عليه في مارس/ آذار 2011، ومهما امتلك من أسباب القوة اليوم فهو لا يستطيع منع القطاع الواسع من السوريين من أن يبقوا على عهد الثورة.
إذا تم طي صفحة القتال العسكري في حلب، واستتب الوضع لصالح النظام، فلن يقود ذلك إلى نهاية الثورة، بل على العكس، هناك جملة من الاستحقاقات التي تعيد الموقف إلى نقطة الصفر، ولا سيما ما يترتّب على الحرب والدمار من فواتير باهظة، على النظام تسديدها قبل غيره.
قد تكون حلب مرآة سورية، ولكنها لم تعد مفتاح الحل في ظلّ تسارع الموقف العام. حلب خطة حرب نموذجية: حصار، تجويع، وقوة نارية هائلة. ولكن ذلك يبقى في حلب وحدها، والحسابات في بقية المناطق منفصلة كليا، ولكل حسابٍ أجله.
دلالات
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
02 نوفمبر 2024
26 أكتوبر 2024
19 أكتوبر 2024