09 نوفمبر 2024
عزمي بشارة ورابطة الكتّاب الأردنيين
فازت قائمةٌ بمقاعد الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين كاملة، في الانتخابات التي انتظمت قبل أيام، فكانت خسارة القائمة المنافسة استثنائية. ثم اندلعت موجةٌ عاتية من التشفّي بالخاسرين وتكتليْ قائمتهم، ومارس هؤلاء، في المقابل، حملة تشنيع عنيفة ضد الفائزين وتكتليْ قائمتهم. وبدا، في الأثناء، أن منسوب العطب في الرابطة مهول، دلّت عليه، أيضاً، ما سبق هذه الانتخابات، وما واكبها، من اتهاماتٍ ومكايداتٍ ونكاياتٍ، يمكن إيجازها في العنوان السوري المعلوم، فالذين خسروا شبيحةٌ يناصرون القتل الذي يرتكبه بشار الأسد في سورية، فيما الذين فازوا دواعش ظلاميون. وكانت متابعة هذه الأجواء المقيتة، وبمثل هذه اللغة الرديئة في أثنائها، منذ شهور، مسليةً ومؤسفة، غير أنها باتت، تالياً، تبعث على القلق من هذا القاع الذي صار يقيم فيه السجال السياسي بين نخبةٍ مثقفةٍ، يجمعها تشكيلٌ مدنيٌ كان، في أطوار مضت، وطنياً ديمقراطياً شجاعاً، استحقَّ مكانة طيبة في المجتمع المحلي الأردني، وفي الفضاء الثقافي العربي.
كان مضحكاً وهزلياً أن يتردّد، قبل أسابيع من الواقعة الانتخابية، أن ثمة تكتلاً في الرابطة يتبع الدكتورعزمي بشارة الذي لم يستحِ بعضهم في ترويج أنه بعث أموالاً للتأثير في اتجاهات الناخبين. وقد فاضت الثرثرة في هذا الكلام إلى خارج الرابطة، فصار مسموعاً في أوساط نقابيةٍ أردنيةٍ أخرى. ومن المعيب أن يبلغ تجريح كتّابٍ وأدباء بكتّاب وأدباءَ زملاء لهم هذه الدرجة من الاتهامية، بأنهم يُشترون بالمال. وما أن انقشع غبار الاقتراع، حتى وصف بعض الخاسرين، ومشايعون لهم، فوز منافسيهم بأنه فوزٌ لعزمي بشارة، بل إن زعيم أحد تكتلي القائمة الخائبة، توعّد، بلهجةٍ توحي بأن كاتبها شرطي في مخفر، كلَّ من يعتقد بأن نتائج الانتخابات تعني حلول عزمي بشارة ضيفاً على الرابطة، بأن يعلم مسبقاً أن "الرابطة لن تكون مقراً لداعش، لا هي ولا أي مقهى أو زاروب في عمّان". وهنا، تجب نصيحة الزميل، صاحب هذا الوعيد، بأن يكون أكثر حذراً، عندما تفلت أعصابه، لأن كلاماً مثل هذا قد يأخذه إلى مطارح قانونية غير مستحبّة.
سيق تهديد الزميل القاص عقب الانتخابات ضمن منظومةٍ من العزف النشط ضد عزمي بشارة، بلغ التورم لدى أصحابه مرتبةً تجعلهم يظنون أن الكلام الكبير الذي يثرثرون به عن التنوير والظلامية، عن قطر والداعشية، عن اليسار النظيف واليسار غير النظيف، وما إلى ذلك من أساطير في مداركهم وأفهامهم، له سوقه، ويُحمل على موضع الجد عند عزمي بشارة الذي يعرف هذا الكلام بشأنه لأول مرةٍ من هذه السطور، عند قراءتها في "العربي الجديد"، كما أي قارئ. وهنا، أفيد زملائي في رابطة الكتاب الأردنيين من رهط هذا الجنون بأن تهنئتهم له بالفوز في الانتخابات لم تصل إليه، إذ لم يدر بأن هذه الانتخابات وقعت، وأن فلاناً فاز وعلاناً خسر.
كتّاب البترودولار والمارينز هم من صاروا يتولون شؤون رابطة الكتاب الأردنيين، بحسب أنصار بشار الأسد فيها، وهذه صفةٌ في هؤلاء، لا ينبغي أن يداروها، فهي ليست من اختراع قناة الجزيرة التي دلَّ تقرير بثته عن الرابطة على "مجهود قطري" في الانتخابات، بحسب أحدهم. وهي انتخاباتٌ كانت نتائجها "محسومةً سلفاً لصالح الدوحة"، كما جهر بذلك الكاتب اليساري الأردني الذي أوقفت صحيفة لبنانية، قبل أيام، نشر مقالاته فيها، بعد عنصريةٍ ظاهرةٍ في أحدها. بلا أي حياء، يكتب زميلنا (السابق) في الرابطة أن أغلبية المثقفين في هذا التشكيل المدني الديمقراطي (سابقاً؟) صاروا خدماً للبترودولار، ويزيّنون داعش والنصرة. ويتشاطر في إسفافه عن عزمي بشارة، باعتباره أحد من سقطت الرابطة في (مستنقعهم)، ويجعل من هذا الأمر سبباً لاستقالته من عضوية الرابطة. وهنا، ليس ثمة أي شطط في مخاطبة الزميل المستقيل هذا، ورفاقه (وشركاه) المصابين بفوبيا عزمي بشارة، بأنهم يحتاجون إلى شفاءٍ من سقمٍ مقيم فيهم، والنصيحة لهم، فرداً فرداً، أن يتسلوا بشواغل أخرى، فالذي أعرفه عن الدكتور بشارة أنه ليس لديه فائض من الوقت ينفقه في متابعة ثرثراتهم وسُبابهم، نجحوا في أي انتخابات أم خابوا.