09 نوفمبر 2024
في تكريم راسم بدران
أعلن المجلس الأعلى للثقافة، في مصر، قبل عام، تخصيص واحدةٍ من جوائز النيل السنوية (كان اسمها جائزة مبارك قبل ثورة يناير 2011)، رفيعة المنزلة، لمبدعٍ عربي، مع تكريم من تُمنح لهم، بفئاتها المختلفة، لمستحقّيها من الكتاب والأدباء والفنانين والأكاديميين المصريين. ولمّا مُنحت الجائزة، في دورتها الأولى العام الماضي، للتشكيلي السوري يوسف عبدلكي، كتب صاحب هذه السطور، في هذا المطرح، إن "اعتناء وزارة الثقافة المصرية، وكذا المجلس الأعلى للثقافة، ببعدٍ عربيٍّ خارج مصر لهذه الجائزة يشتمل على معطىً خاص، وهو أن ثمّة عقلا ناضجا ما زال باقيا في مقطعٍ من منظومة الدولة المصرية، يكترث بقيمة الرابطة الثقافية الخاصة التي تجمع الإبداع العربي عموما، ومنه المصري طبعا". ولا بأس من امتداح هذا الأمر الطيّب مجدّدا، بمناسبة إعلان المجلس، أول من أمس، عن حصول المعماري، الفلسطيني الأردني (هكذا تم تعريفُه)، راسم بدران، على جائزة النيل للمبدعين العرب لعام 2019. وتسرّب أنه اختير لهذا التكريم (نحو 30 ألف دولار وميدالية ذهبية) عالي القيمة معنًى ومغزًى، من بين أسماء عربية في غير حقل وموضوع (بينهم ماجدة الرومي)، وأنه تنافس في تصويتٍ أخير مع أستاذ الجغرافيا الكويتي، يوسف الغنيم.
يمكن القول، بكل ثقةٍ، إن هذه الجائزة المصرية، ذات البعد العربي المحمود، أصابت تماما في انتباهتها إلى فنانٍ عربيٍّ ثقيلِ المكانة في الحقل الإبداعي الذي أنجز فيه إسهاماتِه اللافتة. وصحّ تماما ما جاء في بيان المجلس الأعلى للثقافة أن راسم بدران هو "أحد أعلام العمارة العربية المعاصرة، وأحد أبرز رواد الفكر المعماري العربي المعاصر، عربيا وعالميا، بما أسّسه من خلال مدرسته الفكرية". وييسّر هذا التقدير العربي للمعماري المعروف مناسبةً للتذكير بالنقصان الفادح لحضور الثقافة العمرانية، لا سيما البعد الجمالي فيها، في الفضاء العربي العام، تربويا وتعليميا، وفي وسائط الإعلام المعنية بالتثقيف والتعريف بالفنون والإبداعات. ما يتّصل، بداهةً، بضعف مكانة الثقافة الجمالية عموما في الحياة العربية، سيّما مع الماثل قدّامنا من طوفان الرداءة التي تستهدف الذوق والذائقة. ومن اللطائف في أمر راسم بدران، المقدسي المولد (1945) ونجل الفنان الراحل جمال بدران، أنه يلحّ، في شغلِه وكتاباتِه ومحاضراتِه، على مواءمة البديع من التراثي بالمعاصر منه، وعلى انسجامٍ بين الرائق من العتيق والحديث، بعينٍ معنيةٍ بالأناقة والجمال، بالاتساع، بالقوة، بالانفتاح.
وبحسب مختصّين، متابعين لمنجزات راسم بدران، الفكرية منها والعملية، طوال أربعة عقود، لطالما تجلّت موهبته الفنية في اعتنائه، في تصميماته المعمارية، بالبعد الثقافي، والخصوصيات الاجتماعية، والبيئات العامة، وفي تشديدِه على حضور هويةٍ عُمرانيةٍ للمكان، للمدن، وعلى إيقاعٍ حضاريٍّ في هذا كله. ولعل هذه الأمور، وغيرها مما يدريه العارفون، هي التي جعلته يُحرز عدة جوائز عربية وعالمية (جائزة الآغا خان للعمارة الإسلامية مثلا)، وجعلت جامعاتٍ وأكاديمياتٍ عديدة، في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا (في الهند مثلا)، تستضيفه في محاضراتٍ يلقيها، وللمشاركة في ورشات بحث، فضلا عن عضويته في لجان تحكيمٍ رفيعة. كما انكتبت عنه أبحاثٌ ومؤلفاتٌ، جاءت على أسلوبه المعاصر الذي يستلهم مفردات العمارة التراثية، وعلى موهبته الفنية وفرادتها في تظهير قوة الفكرة المعمارية، لا سيما في تصميماته في عمّان وبغداد وبيروت وغيرها، والتي تبدّى في بعضها الاتصال البصري بين الفراغات، واستشعار إيحاءاتٍ جماليةٍ في المكعبات، وفي التعامل الحر مع المساحات الكبيرة، وغير ذلك من خياراتٍ فنيةٍ، رسّخت راسم بدران اسما لافتا في الفن المعماري العربي، منذ دراسته واختصاصه في ألمانيا التي شارك فيها في تصميم منشآتٍ خدميةٍ متطوّرةٍ لمجمّع الملاعب الأولمبي في ميونيخ للدورة الأولمبية في عام 1972، ثم نيْله (في ألمانيا) الجائزة الأولى للمسابقة العالمية لتصميم سكن الدخل المحدود في 1973.
.. فوزٌ مستحقٌّ وتكريمٌ في محلّه إذن، تُبادر إليه مصر، في لحظة خرابٍ قُطريٍّ عربي معلوم، نحو فنانٍ عربي كبير.
وبحسب مختصّين، متابعين لمنجزات راسم بدران، الفكرية منها والعملية، طوال أربعة عقود، لطالما تجلّت موهبته الفنية في اعتنائه، في تصميماته المعمارية، بالبعد الثقافي، والخصوصيات الاجتماعية، والبيئات العامة، وفي تشديدِه على حضور هويةٍ عُمرانيةٍ للمكان، للمدن، وعلى إيقاعٍ حضاريٍّ في هذا كله. ولعل هذه الأمور، وغيرها مما يدريه العارفون، هي التي جعلته يُحرز عدة جوائز عربية وعالمية (جائزة الآغا خان للعمارة الإسلامية مثلا)، وجعلت جامعاتٍ وأكاديمياتٍ عديدة، في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا (في الهند مثلا)، تستضيفه في محاضراتٍ يلقيها، وللمشاركة في ورشات بحث، فضلا عن عضويته في لجان تحكيمٍ رفيعة. كما انكتبت عنه أبحاثٌ ومؤلفاتٌ، جاءت على أسلوبه المعاصر الذي يستلهم مفردات العمارة التراثية، وعلى موهبته الفنية وفرادتها في تظهير قوة الفكرة المعمارية، لا سيما في تصميماته في عمّان وبغداد وبيروت وغيرها، والتي تبدّى في بعضها الاتصال البصري بين الفراغات، واستشعار إيحاءاتٍ جماليةٍ في المكعبات، وفي التعامل الحر مع المساحات الكبيرة، وغير ذلك من خياراتٍ فنيةٍ، رسّخت راسم بدران اسما لافتا في الفن المعماري العربي، منذ دراسته واختصاصه في ألمانيا التي شارك فيها في تصميم منشآتٍ خدميةٍ متطوّرةٍ لمجمّع الملاعب الأولمبي في ميونيخ للدورة الأولمبية في عام 1972، ثم نيْله (في ألمانيا) الجائزة الأولى للمسابقة العالمية لتصميم سكن الدخل المحدود في 1973.
.. فوزٌ مستحقٌّ وتكريمٌ في محلّه إذن، تُبادر إليه مصر، في لحظة خرابٍ قُطريٍّ عربي معلوم، نحو فنانٍ عربي كبير.