09 نوفمبر 2024
كرة قدم فلسطينية في المنامة
"عندما يُمارس الأطفال كرة القدم، لا يكتفون بالابتسام فحسب، بل يمتنعون عن القيام بأشياء أخرى". هذه عظةٌ، ثمينةٌ ربما، بسَطها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، جياني إنفانتينو، أمام مستمعيه في ورشة "السلام من أجل الازدهار"، والتي استضافتها البحرين، وكان غرضُها (الورشة)، على ما قال أهلوها، أن ينعم الفلسطينيون بازدهارٍ كثير، في مقابل تسليمهم بالاحتلال، ونبذِهم حقهم في تقرير مصيرهم وحقوقا أخرى. غاب الفلسطينيون عن المنامة، رسميا وأهليا (إلا بضعة رجال أعمال شذّوا عن الإجماع الوطني)، وحضر إنفانتينو، في مسلكٍ مستغربٍ، وشارك في إشاعة الأوهام من الصنف إيّاه، عن أحلامٍ ستتحقق للفلسطينيين، مُستهديا بمستضيفه، جاريد كوشنير، فقد استخدم قاموس الأخير، لإشاعة المُراد نفسِه، أن يزدهر الفلسطينيون في ظلال الاحتلال الوارفة. قال المسؤول الدولي الأرفع عن كرة القدم في العالم "لنُعطِهم شيئا ملموسا، بعضَ الأمل، بعضَ الأحلام،..". وأيضا "نحن بصفتنا الرسمية (فيفا)، نستطيع تقديم شيءٍ ملموس، يستطيع الناس رؤيته، ..".
أنفق الرجل كلاما مسترسِلا من هذا القبيل، وهو الذي طلب منه الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، في رسالةٍ بعثها إليه رئيس الاتحاد، جبريل الرجوب، أن لا يشارك في جمع المنامة هذا. سأله: كيف يمكن لرئيس أعلى منظمّةٍ تدير شؤون كرة القدم القبول بالمشاركة في اجتماع سياسي، هدفُه تحديد مستقبل فلسطين، في غياب الفلسطينيين أنفسهم، وكأنهم غير موجودين..؟". أما السؤال الذي صار أدعى أن يوجّه إلى إنفانتينو: ما هي الأفعال الأخرى التي سيمتنع الأطفال (في فلسطين) عن القيام بها، عندما يتوفّر لهم أن يمارسوا كرة القدم؟ كأنه أرادنا أن نصير في حيص بيص، ونحن نتحزّر ما قصده في تلميحه هذا. هل هو الإرهاب، أم ترويع الإسرائيليين، أم إقلاق أمن دولة هؤلاء...؟
التزم إنفانتينو تماما بالمفهوم العام للورشة التي استقدموه إليها، الامتناع عن الإتيان على أي مسؤوليةٍ للاحتلال الإسرائيلي عن أوضاع الفلسطينيين المُطالَبين بأن يرتضوا الازدهار الذي يعدهم به كوشنير. لم يأتِ على أي مفردةٍ بشأنه، ولم يجد أي مدعاةٍ للتأشير إلى ما تقترفه سلطات المحتلين من انتهاكاتٍ منظورة، تعيق تطور الرياضة في الأراضي الفلسطينية، وتُعرقل حركة اللاعبين. وكان الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم قد رفع، قبل ستة أعوام، إلى "فيفا"، قائمةً مفصّلةً بممارسات إسرائيل التي تحول دون أن يشهد الفلسطينيون الازدهار في الرياضة الذي تمنّاه لهم إنفانتينو، وهو يحكي عن الآمال والأحلام، من قبيل اعتقال رياضيين، ومنع تشييد الملاعب، وفرض قيودٍ على توسعة المنشآت الرياضية، وذلك كله بقراراتٍ تعسّفيةٍ من الإدارة المدنية الإسرائيلية، واقتحام قواتٍ عسكرية لجيش الاحتلال ملاعب، واستنطاق مسؤولين فيها، وتفتيش غرف تبديل الملابس. وهناك رياضيون سقطوا شهداء في اعتداءات إسرائيلية. وبشأن الأطفال الفلسطينيين الذين يشغلون بال رئيس "فيفا"، وقد أرادنا أن نستشعر هذا فيه وهو يقول ما يقول في المنامة، يحدُث أن يُقدم جيش المحتلين على اعتقال أطفال منهم، بينما يلعبون كرة القدم، بحججٍ مصنوعة، كما جرى في بلدة تل قرب نابلس، قبل أعوام.
ويحسُن هنا تذكير إنفانتينو بأن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب "فيفا"، منذ سنوات، بمساءلة الاتحاد الإسرائيلي على سماحه بوجود أنديةٍ مقامة على أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، العضو في "فيفا" منذ 1998، (في المستوطنات)، بموجب دستور "فيفا" الذي يحظر على الدول "أن تقيم أندية كرة قدم في أرض كيانٍ سياسيٍّ آخر، عضو في "فيفا"، وإشراكها في ألعابها، من دون موافقة الكيان السياسي"، غير أن الاتحاد الدولي لكرة القدم أعلن "النأي" بنفسه عن هذه المسألة، أي عن إنشاء أندية إسرائيلية على أراضٍ يعتبرها الاتحاد نفسُه تابعة للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، ورفض فرض عقوباتٍ على هذه الأندية.
..، إذن، لم يكن جياني إنفانتينو في المنامة رجل رياضة. كان ملتحقا بمشروعٍ سياسي خائبٍ وكاذب. ولذلك، لا تُقبض بضاعتُه التي حاول بيعها هناك. أما قصة كرة القدم في فلسطين فطويلةٌ وملتبسة، منذ كان لاعبو منتخب فلسطين المشارك في كأس العالم في إيطاليا في 1934 يهودا وإنكليزا.. وهذا ملفٌ مثيرٌ وبعيد.
التزم إنفانتينو تماما بالمفهوم العام للورشة التي استقدموه إليها، الامتناع عن الإتيان على أي مسؤوليةٍ للاحتلال الإسرائيلي عن أوضاع الفلسطينيين المُطالَبين بأن يرتضوا الازدهار الذي يعدهم به كوشنير. لم يأتِ على أي مفردةٍ بشأنه، ولم يجد أي مدعاةٍ للتأشير إلى ما تقترفه سلطات المحتلين من انتهاكاتٍ منظورة، تعيق تطور الرياضة في الأراضي الفلسطينية، وتُعرقل حركة اللاعبين. وكان الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم قد رفع، قبل ستة أعوام، إلى "فيفا"، قائمةً مفصّلةً بممارسات إسرائيل التي تحول دون أن يشهد الفلسطينيون الازدهار في الرياضة الذي تمنّاه لهم إنفانتينو، وهو يحكي عن الآمال والأحلام، من قبيل اعتقال رياضيين، ومنع تشييد الملاعب، وفرض قيودٍ على توسعة المنشآت الرياضية، وذلك كله بقراراتٍ تعسّفيةٍ من الإدارة المدنية الإسرائيلية، واقتحام قواتٍ عسكرية لجيش الاحتلال ملاعب، واستنطاق مسؤولين فيها، وتفتيش غرف تبديل الملابس. وهناك رياضيون سقطوا شهداء في اعتداءات إسرائيلية. وبشأن الأطفال الفلسطينيين الذين يشغلون بال رئيس "فيفا"، وقد أرادنا أن نستشعر هذا فيه وهو يقول ما يقول في المنامة، يحدُث أن يُقدم جيش المحتلين على اعتقال أطفال منهم، بينما يلعبون كرة القدم، بحججٍ مصنوعة، كما جرى في بلدة تل قرب نابلس، قبل أعوام.
ويحسُن هنا تذكير إنفانتينو بأن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب "فيفا"، منذ سنوات، بمساءلة الاتحاد الإسرائيلي على سماحه بوجود أنديةٍ مقامة على أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، العضو في "فيفا" منذ 1998، (في المستوطنات)، بموجب دستور "فيفا" الذي يحظر على الدول "أن تقيم أندية كرة قدم في أرض كيانٍ سياسيٍّ آخر، عضو في "فيفا"، وإشراكها في ألعابها، من دون موافقة الكيان السياسي"، غير أن الاتحاد الدولي لكرة القدم أعلن "النأي" بنفسه عن هذه المسألة، أي عن إنشاء أندية إسرائيلية على أراضٍ يعتبرها الاتحاد نفسُه تابعة للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، ورفض فرض عقوباتٍ على هذه الأندية.
..، إذن، لم يكن جياني إنفانتينو في المنامة رجل رياضة. كان ملتحقا بمشروعٍ سياسي خائبٍ وكاذب. ولذلك، لا تُقبض بضاعتُه التي حاول بيعها هناك. أما قصة كرة القدم في فلسطين فطويلةٌ وملتبسة، منذ كان لاعبو منتخب فلسطين المشارك في كأس العالم في إيطاليا في 1934 يهودا وإنكليزا.. وهذا ملفٌ مثيرٌ وبعيد.