04 نوفمبر 2024
محاربون لكن ظرفاء
يعلم عبد الفتاح السيسي جيدًا، ويعلم الطبّالون الذين يقرعون طبول الحرب حوله وتحت قدميه، أنه ليست هناك احتمالات حرب في ليبيا، بين أنقرة والقاهرة، لكنها الرغبة المحمومة في إثارة أكبر قدر ممكن من الغبار، وتكوين سحب كثيفة محمّلة بأبخرة الهستريا الوطنية، في هذا الوقت بالذات من السنة، كما هي العادة في كل يناير من كل عام.
يدرك العالم كله، ويعلم السيسي أن الاتفاقية الموقعة بين تركيا وحكومة ليبيا الشرعية لا تستهدف مصر من قريب أو من بعيد، إذ تنصّ على إرسال أنقرة قوات غير قتالية كمستشارين ومدرّبين لقوات الحكومة المعترف بها في حربها ضد مليشيات الجنرال المنقلب، خليفة حفتر، في طرابلس، وهي اتفاقيةٌ لا يحقّ لأحد، بما في ذلك الأمم المتحدة الاعتراض عليها، بحسب المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسّان سلامة، كونها من القرارات السيادية لكل دولة.
يعلم هؤلاء بيقين تام أن الغزو التركي والأطماع العثمانية في الأراضي المصرية ليست سوى بالونات معبأة بأرخص أنواع الكذب وأردئها، تطيّرها أبواق عبد الفتاح السيسي في فضاء الهلوسة الوطنية المشتعل بالجنون هذه الأيام... لكنها الفرصة التي يجب ألا تفوت لابتزاز الجميع باسم الأمن القومي، وإرهاب الكل بفزّاعة خطر العدوان الخارجي على السيادة والريادة والتراب الوطني.. إلى آخر هذا الكلام الفارغ من أي معنى حقيقي أو قيمة محترمة، في ظل وباء الوطنية الرخيصة المنتشر هذه الأيام.
وفي هذا المناخ المعبأ بالأبخرة السامّة، من المهم أن إعادة صياغة الأمور في نقاط موجزة ومحدّدة:
1- رفضنا زجّ الجنود المصريين في حرب ضد تركيا في ليبيا لا يعني تأييدًا لأردوغان أو التصفيق له. كل ما في الأمر، وهو ما لا يفهمه الأغبياء من هنا وهناك، أننا نرى دماء جنودنا أغلى من أن تُهدر في معركة المنتصر فيها مهزوم، إذ أن طرفيها ليسا عدوّين من الأساس، ولا يجب أن يكونا كذلك.
2- هناك فرقٌ بين رفضك زجّ جيش بلدك في حربٍ عبثيةٍ يريدها حاكم يهين العسكرية والمدنية معًا وأن تجدها فرصة لممارسة سخرية مهينة ومؤذية للشعور العام. وأعني بالتحديد لوثة "الكوميكس" المزيّف التي اندلعت على نطاقٍ واسع، تمارس تدليسًا على الجمهور باستعمال اللوغو الخاص بصحف ومواقع معروفة في ترويج تصريحات مكذوبة منسوبة للمسؤولين الأتراك والمصريين.
3- يساورني شعورٌ هو مزيج من الشفقة والاحتقار والأسى على من يتصوّر قدرته على شراء حرية أصدقائه من المعتقلين والسجناء السياسيين بالتطوّع برقصة نفاق في سيرك الوطنية المزيفة، إذ ليس مطلوبًا ولا مفروضًا على أية معارضة مصرية حقيقية أن تكون جزءً من هذا الهراء، ولا طرفًا في أوسع عملية إحراق للوعي لصالح مجموعة من القتلة والنصابين.
4- تدخّل أردوغان عسكريًا بناءً على اتفاق مع حكومة ليبيا الشرعية هو أمرٌ يخصّ الأتراك والليبيين، لا شأن لنا به، وما يهمّنا هو سلامة جنود جيش مصر، أبنائنا وإخوتنا. من حقنا، بل من واجبنا، أن نقول لا لكل من يضارب بدمائهم في بورصة الانتهازية السياسية لكي يربح شخص واحد، أو مجموعة أشخاص، بينما يخسر الوطن كله.
5- لا نريد جرحًا غائرًا آخر، بعد خمسين عامًا من حرب اليمن، على الرغم من أن الذهاب إليها كان محاطًا بسياج أخلاقي وحضاري أجلى وأجلّ بكثير من المغامرة بصفقة السباحة في بحر الرمال الليبي، واسألوا اليمنيين أنفسهم، بمختلف أجيالهم وانتماءاتهم.
6- نرفض إرسال الجنود المصريين للحرب، لأن أحدًا لم يبادر بالعدوان على وطننا، ولو تبيّن أن الرئيس التركي قد حرّك قواته لمحاربة مصر، أو غزوها، كما ينعق سفلة الميكروفونات والشاشات، سيكون كاتب هذه السطور على أول رحلةٍ إلى مصر، ليخرج من المطار رأسًا إلى مركز للمقاومة الشعبية متطوعًا للدفاع عن ترابها حتى الموت.. أو إلى السجن، وهذا هو الاحتمال الأقرب، بالنظر إلى أنه في ظل هذا الجنون من المؤكّد أنه لن يكون هناك خروج من المطار أصلًا.
7- وأخيرًا، كل هذا الدجل سوف يمرّ، وسيبحث هؤلاء المجاهدون الظرفاء عن أوهام قومية جديدة يبتزّونك بها.
يدرك العالم كله، ويعلم السيسي أن الاتفاقية الموقعة بين تركيا وحكومة ليبيا الشرعية لا تستهدف مصر من قريب أو من بعيد، إذ تنصّ على إرسال أنقرة قوات غير قتالية كمستشارين ومدرّبين لقوات الحكومة المعترف بها في حربها ضد مليشيات الجنرال المنقلب، خليفة حفتر، في طرابلس، وهي اتفاقيةٌ لا يحقّ لأحد، بما في ذلك الأمم المتحدة الاعتراض عليها، بحسب المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسّان سلامة، كونها من القرارات السيادية لكل دولة.
يعلم هؤلاء بيقين تام أن الغزو التركي والأطماع العثمانية في الأراضي المصرية ليست سوى بالونات معبأة بأرخص أنواع الكذب وأردئها، تطيّرها أبواق عبد الفتاح السيسي في فضاء الهلوسة الوطنية المشتعل بالجنون هذه الأيام... لكنها الفرصة التي يجب ألا تفوت لابتزاز الجميع باسم الأمن القومي، وإرهاب الكل بفزّاعة خطر العدوان الخارجي على السيادة والريادة والتراب الوطني.. إلى آخر هذا الكلام الفارغ من أي معنى حقيقي أو قيمة محترمة، في ظل وباء الوطنية الرخيصة المنتشر هذه الأيام.
وفي هذا المناخ المعبأ بالأبخرة السامّة، من المهم أن إعادة صياغة الأمور في نقاط موجزة ومحدّدة:
1- رفضنا زجّ الجنود المصريين في حرب ضد تركيا في ليبيا لا يعني تأييدًا لأردوغان أو التصفيق له. كل ما في الأمر، وهو ما لا يفهمه الأغبياء من هنا وهناك، أننا نرى دماء جنودنا أغلى من أن تُهدر في معركة المنتصر فيها مهزوم، إذ أن طرفيها ليسا عدوّين من الأساس، ولا يجب أن يكونا كذلك.
2- هناك فرقٌ بين رفضك زجّ جيش بلدك في حربٍ عبثيةٍ يريدها حاكم يهين العسكرية والمدنية معًا وأن تجدها فرصة لممارسة سخرية مهينة ومؤذية للشعور العام. وأعني بالتحديد لوثة "الكوميكس" المزيّف التي اندلعت على نطاقٍ واسع، تمارس تدليسًا على الجمهور باستعمال اللوغو الخاص بصحف ومواقع معروفة في ترويج تصريحات مكذوبة منسوبة للمسؤولين الأتراك والمصريين.
3- يساورني شعورٌ هو مزيج من الشفقة والاحتقار والأسى على من يتصوّر قدرته على شراء حرية أصدقائه من المعتقلين والسجناء السياسيين بالتطوّع برقصة نفاق في سيرك الوطنية المزيفة، إذ ليس مطلوبًا ولا مفروضًا على أية معارضة مصرية حقيقية أن تكون جزءً من هذا الهراء، ولا طرفًا في أوسع عملية إحراق للوعي لصالح مجموعة من القتلة والنصابين.
4- تدخّل أردوغان عسكريًا بناءً على اتفاق مع حكومة ليبيا الشرعية هو أمرٌ يخصّ الأتراك والليبيين، لا شأن لنا به، وما يهمّنا هو سلامة جنود جيش مصر، أبنائنا وإخوتنا. من حقنا، بل من واجبنا، أن نقول لا لكل من يضارب بدمائهم في بورصة الانتهازية السياسية لكي يربح شخص واحد، أو مجموعة أشخاص، بينما يخسر الوطن كله.
5- لا نريد جرحًا غائرًا آخر، بعد خمسين عامًا من حرب اليمن، على الرغم من أن الذهاب إليها كان محاطًا بسياج أخلاقي وحضاري أجلى وأجلّ بكثير من المغامرة بصفقة السباحة في بحر الرمال الليبي، واسألوا اليمنيين أنفسهم، بمختلف أجيالهم وانتماءاتهم.
6- نرفض إرسال الجنود المصريين للحرب، لأن أحدًا لم يبادر بالعدوان على وطننا، ولو تبيّن أن الرئيس التركي قد حرّك قواته لمحاربة مصر، أو غزوها، كما ينعق سفلة الميكروفونات والشاشات، سيكون كاتب هذه السطور على أول رحلةٍ إلى مصر، ليخرج من المطار رأسًا إلى مركز للمقاومة الشعبية متطوعًا للدفاع عن ترابها حتى الموت.. أو إلى السجن، وهذا هو الاحتمال الأقرب، بالنظر إلى أنه في ظل هذا الجنون من المؤكّد أنه لن يكون هناك خروج من المطار أصلًا.
7- وأخيرًا، كل هذا الدجل سوف يمرّ، وسيبحث هؤلاء المجاهدون الظرفاء عن أوهام قومية جديدة يبتزّونك بها.