معلّلة زين العابدين وبورقيبة بالوصل
حوادث الشجار في البرلمانات كثيرة، وهي في البرلمان الأردني غير قليلة، والعربي معروفٌ بعنفوانه، إلا برلمانات الطغاة، فهي مضبوطةٌ مثل الساعة، وسبب انضباط أعضاء البرلمانات العربية أنهم منتخبون من النظام، فبرلمان الأسد الذي أُطلق عليه اسم مجلس الشعب، وهو بتسمية المنام أولى، يشبه فرقة طلائعية. وكان مجلس الشعب المصري في عهد حسني مبارك يتمتع بفسحة من ديمقراطية "أيام الزمن الجميل". وكل مرة نظنُّ أنَّ السيل قد بلغ الزبى نجد أن هناك سيلا أزبى. ويعجز الخيال عن تخيّل زمان أشدّ من زمان الأسد، فالأسد من الطغيان في نهاية، وأعاذ الله مصر من أسدٍ يقصفها بالبراميل.
الشجارات والخصومات في البرلمانات ليست علامة شرٍّ، ولا تخلو من بِشارة، فأن يتخاصم نائبان في برلمان خيرٌ من أن تتخاصم فئتان من الشعب، والأوْلى من الاثنين حلّ الخصومات بالتصويت.
هي المرّة الأولى التي تخرج فيها فتوّة نسائية في برلمان عربي وتتحدّى الدولة، وتضع العصيّ في دواليب الدولة والمسامير تحتها. والسيدة هي نائبة حزب الدستوريين الأحرار. السيدة عبير موسي، مثلها مثل وحش الحكايات الذي يمنع الناس من الماء. ويعلم الله أنَّ الرجل، شابًا أو شيخًا، لتخضرُّ نفسه عند رؤية جميلة، وقد رأيتم كيف أن عبد الفتاح السيسي "الدكر" لم يملك نفسه، فاخضرّت أمام المذيعة فتغزَّل بها، لكنَّ النفس لتصفرّ عند رؤية هذه الفتوّة، فهي وكتلتها الدهنية البرلمانية تعارضان مناقشة مشروع اتفاقية صندوق قطر للتنمية مع تونس، لأنَّ قطر دولة إخوانية وفيها فضائية الجزيرة، والإمارات التي تنصر كتلتها بالدهون والشحوم تريد أبعد من الكيد لأختها قطر، والغرض تعطيل تونس التي بها رمق ديمقراطي، والناجية الوحيدة من الانقلابات حتى تاريخه.
وقد كتب صحافيو صحف السعودية والإمارات الشطّار، دفاعًا عنها، وتعاطفوا مع اللطمة التي نالتها على كتفها، فخرجت وهي مضمّدة، ومعها كيسُ مصلٍ كما في الأفلام الهندية التي لو أصيب فيها البطل بسقوطه عن السلّم، فإنَّ المخرج يربط رأسه ويرسم نقطةً حمراء على الضمّادة. تجنّب الصحافيون الذين نسوا آلاف النساء المغتصبات في سورية والأسيرات في مصر أنَّ هذه الولية تلجأ إلى وسائل غير ديمقراطية، كالولولة والرقع بالصوت وإفساد الاجتماعات بغير الاقتراع، وقد ردّ عليها زميلان لها، أصلحها الله، لم يملكا نفسيهما عند الغضب، بأساليب غير ديمقراطية. وقوانين العالم غير المعلنة تفرِّق بين الذكر والأنثى، وتجعل للقوارير درجة أعلى أو أدنى.
المرأة عند العرب حرام من أيام الجاهلية. وفي الإسلام لا يكرّمهن إلا كريم ولا يظلمهن إلا لئيم. وقوة الرجل العضلية غير قوة المرأة، لكنَّ صوت المرأة غير صوت الرجل، فللمرأة قوة ناعمة لا يُستهان بها، وقد جاءت هذه الوليّة محصّنةً بزيّ لاعبي الهوكي. وهي تُحسن التمثيل، ولجأت إلى أسلوبٍ يتبعه العساكر السوريون مع خصومهم، فيلبسون ثيابًا مدنية في الإجازة، ويتحرشون بخصومهم، حتى يضطرّوهم إلى الاعتداء عليهم، فيشكونهم إلى القضاء، والقضاء في الدول العربية مع العسكري على المدني، كأنّ المدني نازحٌ ولاجئ وحقوقه أدنى، فيتورّط المدني الذي لا يعرف القانون أو يجهل أن المتحرّش به عسكري، ويسعى إلى استرضائه وتقبيل يديه وجزمته ورشوته، كي يتنازل عن القضيّة.
وعن القوة الناعمة أذكر شهادتين: الأولى لهدى بركات، قالت فيها إنَّ المرأة بوصفها قاصرًا لا تُحاسب محاسبة الذكر "ونحن مدلّلات جدًا، ولا نلقى صعوباتٍ في النشر، والمرأة تبيع وينشر لها بسهولة، وكتابة الرجال أفضل، وإن كانت النساء أكثر شهرة ونشرًا وسفرًا وترجمة". وذكرت، في حوارها مع "أخبار الأدب"، أنها تعبر الحواجز من غير هويّة. أما الرجل المسكين فلا يستطيع ترك جماعته السياسية، فيلقى العقاب. المثال الثاني لفاطمة أوفقير، قال لها عبد الحليم حافظ متعجبًا: كيف استطعت معاشرة جنرالٍ مرعب؟ فقالت: كان خروفًا وديعًا، وأنا ركّبتُ له قرونًا.
ويلٌ للرجال من القرون التي تركّبُها لهم النساء، ويلٌ لمن تُستأصل قرونُهم.