هكذا انطلت علينا الحيلة وعليه وعليكم
سألتُ عن سبب منع الصيد في سواحل البحر الأحمر في مصر، وكان قد قيل للحفاظ على الثروة السمكية من أجل الأجيال القادمة. أما منع أهل غزّة منه فسببُه معروف، فتُذكر قصة الخاتم السحري، ولها عدّة روايات، وهي لدى المحققين موضوعة، مكذوبة، لكن ثمّة من استأنس بها، ووجدها مفيدة ومسلية، "وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"، تقول إحداها: كان سليمان قد وضع خاتمه تحت فراشه، فاختلسه الشيطان من تحته. قال مجاهد: أخذه الشيطان من يد سليمان، لأن سليمان سأل الشيطان وكان اسمه آصف (لم يذكر الراوي اسم الشيطان الثلاثي): كيف تضلّون الناس؟ فقال له الشيطان: أعطني خاتمك حتى أخبرك (للحقيقة دائماً ثمن باهظ)، فأعطاه خاتمه! (إشارة التعجّب مني)، فلما أخذ الشيطان الخاتم، جلس على كرسي سليمان، متشبّهاً بصورته (من غير مكياج، فللشيطان قدرة تصوّر) داخلاً على نسائه، يقضي بغير الحقّ، ويأمر بغير الصواب (لم تذكر الرواية إن كان قد باع أصول البلد أو استدان من البنك الدولي)، واختُلف في إصابته نساء سليمان، فحكي عن ابن عباس ووهب بن منبه: أنه كان يأتيهن في حيضهن (يا نهار أزرق). وقال مجاهد: منع من إتيانهن (وإلا راق على جوانب الشرف الرفيع الدم)، وزال عن سليمان ملكه (من غير شكّ)، فخرج هاربًا إلى ساحل البحر يتضيّف الناس، ويحمل سموك الصيادين بالأجر (أسماك)، وإذا أخبر الناس أنه سليمان (يا ناس يا عالم) أكذبوه.
قال قتادة: ثم إنَّ سليمان بعد أن استنكر بنو إسرائيل حكم الشيطان (وظلمه يا وابور) أخذ حوتًا (يعني سمكة) من صياد. قيل: إنه استطعمها. وقال ابن عباس: أخذَها أجرة في حمل حوت. وقيل: إن سليمان صادها، (كان الصيد مباحاً) فلما شقَّ بطنها (السمكة تذبح من بطنها) وجد خاتمه فيها، وذلك بعد أربعين يوماً من زوال مُلكه، وهي عدد الأيام التي عبد فيها الصنم في داره، وإنما وجد الخاتم في بطن الحوت، لأن الشيطان الذي أخذه ألقاه في البحر، حتى يضيّع "الباسوورد".
هذه واحدة من الروايات، ويمكن أن نذكر بالمرحوم أمين الحافظ الذي لقّبه السوريون بأبي عبدو الحجش لانخداعه بحيلة حافظ الأسد، والبعث، والتقدمية، والخاتم، وجازت حيلة ياسر جلال على محمّد مرسي لغفلته، فأعطاه الخاتم، (مع غياب الشبه بين ياسر جلال والمكسيسي!). هنا سألتُ: كيف سلّم سليمان خاتمه للشيطان، يا أستاذ عكبري، هل هو مغفّل؟ فقال لي: اسمي برقوقي وليس عكبري، وهي حكاية موضوعة، ولا تضعنَّ العصا في العجلة، فقلتُ: ألم تقل لي هذه نظرية دولية في الحكم! فسكت، فقلتُ: هل يُعقل أن تنطلي حيلة الشبيه على زوجات الملك سليمان التقيات الورعات، والمرأة تستطيع تمييز التوأم من توأمه، فقال البرقوقي: أنت تريد أن تفسد الحكاية. وهمس في أذني: إبليس كان فاسقاً ويحسن الرفث ويشاهد أفلاماً إباحية، تقول أبحاثٌ إنّ النساء يعشقن الأشقياء، ويزهدن في الأتقياء.
فأعود وأكرّر على راوي الحكاية مقبلاً غير مدبر: وكيف لمتصوّر في صورة ملك جليل ورع أن يأتي زوجاتِه في غير طُهرهن، ألم يرتبن فيه؟ فأخذني جانباً، وقال لي: يا عمّنا تبحث عن المنطق في حكاية، ورئيسنا لا يشبه الرؤساء في شيء، خرونج، أعجم لا يعرف العربية المحكية، وجعل نصف نساء البلد متسوّلات، واغتصب الآلاف في المعتقلات. ونصفّق له ونهتف: بالروح وبالدم نفديك... وتحدّثني عن الانخداع بحيلة الشبيه التوأم والحيض والنفاس، هو خاتم سحري، يا فندم، البدلة العسكرية خاتم سحري، السيف خاتم سحري.
ثم فكّر وقال: الناس تعبد العجل، والبقر، والفئران، مع أنها لا تشبه الرئيس، ولا تلبس خواتم سحرية، فهل أتيت سؤلك؟
قلت: فهمتُ أنهم منعوا الصيد، لأنهم يخافون أن نعثر على الخاتم في بطن سمكة يا أستاذ أترجاني.
قال: الجوع خاتم سحري أيضاً، الجوع يعني الخضوع، واسمي برقوقي وليس أترجاني.