08 نوفمبر 2024
هل تأكل الفصائل السورية بعضها؟
يحمل تحذير زعيم هيئة تحرير الشام، المدعو أبو محمد الجولاني، الأهالي في الشمال السوري من عدم الاعتماد على "نقاط المراقبة التركية إبّان استعداد النظام لاجتياح إدلب"، كثيرا من دلالات التوتر مع تركيا، مدّعيّاً أنهم الآن "يمدّون يدهم إلى جميع الفصائل ضد النظام وحلفائه" فهل بات تنظيمه الذي بدأ جبهة النصرة ثم فتح الشام والآن هيئة تحرير الشام سيصل إلى نهايته، بعد حروب ابتلاع فصائل المعارضة منذ أشهر، تلك التي يدعوها إلى التعاون الآن؟ فيما تشنّ أجهزته الأمنية في إدلب وريفها حملة لتصفية "الخصوم والمطالبين بالمصالحات" كما يشاع، ومع ذلك بدأت الفصائل المعارضة أخذ مواضعها مجدّداً لحسابات الشمال السوري الدولية المقبلة.
إذ بدأ "جيش الإسلام" بإنشاء معسكراته التدريبة، في عفرين تحت الوصاية التركية، كما اندمجت كبرى الفصائل، بداية من حركة أحرار الشام الإسلامية، ونور الدين زنكي، وجيش الأحرار الفاعل في منطقة إدلب، وكان في السابق متحالفاً مع هيئة تحرير الشام، وألوية صقور الشام وتجمع دمشق، ضمن تشكيل عسكري جديد، حمل اسم "الجبهة الوطنية للتحرير"، والذي يقال إنه تشكل بتوجيه تركي. ناهيك عن المواقع التي كان قد احتلها "فيلق الرحمن"، بعد طرده من الغوطة الشرقية إلى عفرين وبعض ريف حلب أخيرا، ذلك كله وهيئة تحرير الشام تراقب، وتصرّح إن "تركيا لا تضغط على الفصائل، إنما تأمر"، في إشارة إلى اندماج قوات المعارضة المتبقية شمالاً خارج مناطق "درع الفرات".
إذاً نحن أمام مستويات متفاوتة من الأهمية الجغرافية التي تتحكّم بمستقبلها تركيا، بالتنسيق مع "الدول الضامنة"، وهي: مناطق درع الفرات (جرابلس- أعزاز- الباب)، مناطق غصن
الزيتون (عفرين وريفها)، وجميعها مدن واقعة في الريف الحلبي، إضافة إلى بعض القطاعات من ريف إدلب وريف حماة وأطراف إدلب التي تنشط فيها "الجبهة الوطنية للتحرير"، وأخيراً إدلب وريف الساحل والشق الأكبر من ريف إدلب جميعها تحت إدارة "تحرير الشام" التي رفضت حلّ قواتها والاندماج حسب التوجيه التركي. بالتالي، يعتقد أن هناك سيناريوهات محتملة، سوف يكون أمام تركيا وقت قصير لدراستها.
والملاحظ أن تركيا تعمل بنحو كبير على توطين قوتها العسكرية إلى جانب مجالسها المدنية في مناطق "درع الفرات"، ولعل قرار البطاقات الشخصية الممغنطة التي أطلقت في مدينة الباب أخيرا هو أول ملامح التوطين التركي للسوريين في تلك المناطق، إذ تتصل جميع شبكات السجل المدني للمجلس المحلي لمدينة الباب مع شبكات معلوماتٍ في الداخل التركي، إضافة إلى حملة الترويج الكبيرة أخيرا لافتتاح جامعات تركية باختصاصات مختلفة، ضمن مناطق "درع الفرات"، كما أن زيادة فرص الاستقرار الأمني سوف يجعل مسألة توترها مجدّداً بعيداً على المدى المنظور، وكذلك الأمر في عفرين، قد لا تشهد صدامات مباشرة مع قوات النظام، أو حلفائه، حالياً. يدفعنا ذلك كله إلى القول إن مشروع "درع الفرات" الذي يحاول أن يمتدّ أيضاً إلى مدينتي منبج وتل رفعت شمال سورية، هو النموذج المشابه "لدولة شمال قبرص" التي تسعى تركيا إلى إقامتها بالتعاون مع المنظمات السياسية والهيئات العسكرية الحاصلة في أغلب قياداتها على الجنسية التركية، أو لديها ميزات الإقامة التركية، وبالتالي سنتجه نحو زوال مشروع التحرّر من طغيان النظام السوري إلى إحلال الحلفاء في موقع الخصوم، على الأقل في مثلث درع الفرات. ولكنْ ثمّة أوراق يجب حرقها لتستقر تلك المناطق، في مقدمتها "تحرير الشام" التي تتابع تركيا إعلامياً ردّات فعلها. وفي الوقت نفسه، تجري معها في الظل لقاءات مشتركة بين قادة وأمنيين! شهدنا على نتائجها مع انتشار نقاط المراقبة العسكرية للجيش التركي في مواقع تحت يد الهيئة في معظم ريف إدلب وريف حلب من جهة الجنوب، من دون عراقيل، علماً أن "الهيئة" كانت تلاحق كل عناصر المعارضة الذين شاركوا في عملية درع الفرات لمحاسبتهم، كي تظهر أمام الرأي العام رفضها الوصاية التركية!
وكان شرعيو "الهيئة" يدعون، قبل أيام، إلى الاعتماد على الفصائل، لا على الدعم التركي لها، إلا أن أمر التقارب بين "الدول الضامنة" لحسم مشهد هذه "الهيئة" بات وشيكاً. وبعد تصنيف الولايات المتحدة لها منظمة إرهابية، برّر ذلك بقوة لروسيا وتركيا التداول لتفكيكها بأي وسيلة، ويعتقد أن تركيا توّلت الأمر، إذ لا بد أن لها مصلحة في حملة الاغتيالات الكبيرة التي تستهدف قيادة الصف الأول في "الهيئة"، واستهداف مخازن الأسلحة في إدلب التابعة للهيئة، ومحاولات اغتيال الشرعيين المستمرّة حتى منذ أيام كان آخرها للمدعو أبو يقظان المصري، قائد قطاع البادية في الهيئة، وشرعي الجناح العسكري الذي تمت محاولة استهدافه الثلاثاء في قرية برنة في ريف حلب الجنوبي.
في المقابل، حرّكت الهيئة حملاتها بحثاً عن تلك الخلايا النائمة، ما أثار حفيظة الأهالي، والتصادم المستمر معهم. ومع تراجع قوة المعارضة المسلحة على الأرض، تلقت الهيئة ضربة بوفود فصائل تعاني معها الندية المزعومة "بالمنهج والتوجه والتمويل"، مثل جيش الإسلام
وفيلق الرحمن، لنعتبر أن هذا مربط الفرس، حيث يرجّح أن الفصائل المندمجة سوف تبدأ ابتلاع مواقع للهيئة، بدعم تركي لرفض الهيئة، بشكل جازم، أن تحلّ نفسها، كما سوف تطلق تركيا يد الفصائل المتخاصمة مع "تحرير الشام"، لتجنيدها ضدها، وما إنشاء معسكراتٍ لجيش الإسلام في عفرين إلا رسالة عسكرية واضحة للهيئة التي ستواجه مصير التفكيك بقوة سلاح "إخوة المنهج"! أو أن تتحول إدلب إلى "محجّ" للمتطرّفين من كل بقاع العالم، مع ظهور بوادر توجيه دعوة مزعومة إلى الجهاد ضد "بغي الهيئة على اخوتها في تنظيم داعش". وقد يتم استخدم تلك الحجة وتمويلها، حتى دوليّاً ،لاستمرار النزاع، وكسب أوراق إقليمية في الحرب السورية. وبالتالي، سيكون أمام تركيا خيار التدخل لرفع منسوب الاغتيالات، وإضعاف الهيئة بالتوتر الأمني، بذريعة حماية حدودها ستتدخل عسكرياً بشكل محدود، وتدفع القاعدة الشعبية للهيئة (المتهاوية أصلاً) إلى مطالبة فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" بالتدخل أيضاً، ولكن كل تلك الاحتمالات مبنيةٌ على التداعيات التي تزيد من حدّة التوتر في لعبة استغلال تشتت فصائل الشمال السوري، على اختلاف ولائها وتخبط قرارها وفصامها الثوري البعيد عن الشارع.
إذ بدأ "جيش الإسلام" بإنشاء معسكراته التدريبة، في عفرين تحت الوصاية التركية، كما اندمجت كبرى الفصائل، بداية من حركة أحرار الشام الإسلامية، ونور الدين زنكي، وجيش الأحرار الفاعل في منطقة إدلب، وكان في السابق متحالفاً مع هيئة تحرير الشام، وألوية صقور الشام وتجمع دمشق، ضمن تشكيل عسكري جديد، حمل اسم "الجبهة الوطنية للتحرير"، والذي يقال إنه تشكل بتوجيه تركي. ناهيك عن المواقع التي كان قد احتلها "فيلق الرحمن"، بعد طرده من الغوطة الشرقية إلى عفرين وبعض ريف حلب أخيرا، ذلك كله وهيئة تحرير الشام تراقب، وتصرّح إن "تركيا لا تضغط على الفصائل، إنما تأمر"، في إشارة إلى اندماج قوات المعارضة المتبقية شمالاً خارج مناطق "درع الفرات".
إذاً نحن أمام مستويات متفاوتة من الأهمية الجغرافية التي تتحكّم بمستقبلها تركيا، بالتنسيق مع "الدول الضامنة"، وهي: مناطق درع الفرات (جرابلس- أعزاز- الباب)، مناطق غصن
والملاحظ أن تركيا تعمل بنحو كبير على توطين قوتها العسكرية إلى جانب مجالسها المدنية في مناطق "درع الفرات"، ولعل قرار البطاقات الشخصية الممغنطة التي أطلقت في مدينة الباب أخيرا هو أول ملامح التوطين التركي للسوريين في تلك المناطق، إذ تتصل جميع شبكات السجل المدني للمجلس المحلي لمدينة الباب مع شبكات معلوماتٍ في الداخل التركي، إضافة إلى حملة الترويج الكبيرة أخيرا لافتتاح جامعات تركية باختصاصات مختلفة، ضمن مناطق "درع الفرات"، كما أن زيادة فرص الاستقرار الأمني سوف يجعل مسألة توترها مجدّداً بعيداً على المدى المنظور، وكذلك الأمر في عفرين، قد لا تشهد صدامات مباشرة مع قوات النظام، أو حلفائه، حالياً. يدفعنا ذلك كله إلى القول إن مشروع "درع الفرات" الذي يحاول أن يمتدّ أيضاً إلى مدينتي منبج وتل رفعت شمال سورية، هو النموذج المشابه "لدولة شمال قبرص" التي تسعى تركيا إلى إقامتها بالتعاون مع المنظمات السياسية والهيئات العسكرية الحاصلة في أغلب قياداتها على الجنسية التركية، أو لديها ميزات الإقامة التركية، وبالتالي سنتجه نحو زوال مشروع التحرّر من طغيان النظام السوري إلى إحلال الحلفاء في موقع الخصوم، على الأقل في مثلث درع الفرات. ولكنْ ثمّة أوراق يجب حرقها لتستقر تلك المناطق، في مقدمتها "تحرير الشام" التي تتابع تركيا إعلامياً ردّات فعلها. وفي الوقت نفسه، تجري معها في الظل لقاءات مشتركة بين قادة وأمنيين! شهدنا على نتائجها مع انتشار نقاط المراقبة العسكرية للجيش التركي في مواقع تحت يد الهيئة في معظم ريف إدلب وريف حلب من جهة الجنوب، من دون عراقيل، علماً أن "الهيئة" كانت تلاحق كل عناصر المعارضة الذين شاركوا في عملية درع الفرات لمحاسبتهم، كي تظهر أمام الرأي العام رفضها الوصاية التركية!
وكان شرعيو "الهيئة" يدعون، قبل أيام، إلى الاعتماد على الفصائل، لا على الدعم التركي لها، إلا أن أمر التقارب بين "الدول الضامنة" لحسم مشهد هذه "الهيئة" بات وشيكاً. وبعد تصنيف الولايات المتحدة لها منظمة إرهابية، برّر ذلك بقوة لروسيا وتركيا التداول لتفكيكها بأي وسيلة، ويعتقد أن تركيا توّلت الأمر، إذ لا بد أن لها مصلحة في حملة الاغتيالات الكبيرة التي تستهدف قيادة الصف الأول في "الهيئة"، واستهداف مخازن الأسلحة في إدلب التابعة للهيئة، ومحاولات اغتيال الشرعيين المستمرّة حتى منذ أيام كان آخرها للمدعو أبو يقظان المصري، قائد قطاع البادية في الهيئة، وشرعي الجناح العسكري الذي تمت محاولة استهدافه الثلاثاء في قرية برنة في ريف حلب الجنوبي.
في المقابل، حرّكت الهيئة حملاتها بحثاً عن تلك الخلايا النائمة، ما أثار حفيظة الأهالي، والتصادم المستمر معهم. ومع تراجع قوة المعارضة المسلحة على الأرض، تلقت الهيئة ضربة بوفود فصائل تعاني معها الندية المزعومة "بالمنهج والتوجه والتمويل"، مثل جيش الإسلام