٤ صور لمصر المقلوبة

17 أكتوبر 2014

صورة محمد سلطان ووالده

+ الخط -

أربع صور انتشرت على مدار ٤٨ ساعة مضت، تلخص مصر في عصرها السيسي:
الأولى داخل المحكمة: الرئيس المنتخب محمد مرسي يظهر في قفص المحاكمة، بعد أسابيع من الاختفاء المثير للقلق، حتى أن حملات انطلقت، مجدداً، تسأل "أين الرئيس المختطف؟" مدفوعة بهواجس قوية عن احتمالية تصفيته، في زحام الأحداث المتلاحقة.
يقف مرسي، الذي لا يزال مجرد متهم، ومساعدوه، في قاعة المحكمة، يبتسمون في أسىً، وهم يكتشفون تلك الطاقات الكوميدية المتفجرة داخل ساحات القضاء، فيما لا يسمح لأي من المتهمين بالرد على رشقات مكثفة من النكات الزاعقة في أروقة العدالة الضاحكة.
الصورة الثانية خارج المحكمة: الرئيس المخلوع بثورة شعبية في يناير ٢٠١١، حسني مبارك، يرتدي أفخم ما عنده، ويظهر بكامل سواد شعره، وتورد وجنتيه، على صفحات جريدة انقلابية مستقلة، ليدلي بحوار كامل شامل، يخاطب فيه الجماهير، وكأنه الرئيس الفعلي.
في فقرة كاشفة من الحوار يقول "علشان كده، أنا لما تخليت عن الحكم، قلت أسلم الأمور للمجلس العسكري، لأنه مش بس عنده كفاءة لإدارة البلد، ولكن، لأنه يعرف حجم التضحيات التي بُذلت لحماية الأرض والوطن، وعارف كمان إن عندنا أعداء وخصوم، والحمد لله إن الجيش المصري هو الوحيد الثابت والمتماسك من بين القوى في المنطقة كلها، ولسّه بيضحى علشان بلده"
مبارك يخرج لسانه للجميع، مرة أخرى، ويؤكد أنه كان مصدر السلطات، حتى وهو خارج القصر!
 الصورة الثالثة من داخل المحكمة: جسد الشاب محمد صلاح سلطان، فوق سرير متحرك أمام القضاة، وهو صاحب أطول فترة إضراب عن الطعام داخل المعتقلات المصرية، وتظهر الصورة كيف تآكل جسده، حتى صار في وزن طفل، بينما والده المعتقل مثله يحتضن ما تبقى منه، فيما القاضي يختبئ من المشهد داخل أوراق القضية.
ومحمد سلطان، شاب مصري يبلغ 26 عاماً، ويحمل الجنسيّة الأميركيّة، وهو نجل الدكتور صلاح سلطان، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلاميّة في مصر، والمعتقل حالياً. وحصل محمد على شهادة البكالوريوس في العلوم الاقتصاديّة من جامعة ولاية أوهايو، وكان يعمل مديراً للتطوير المؤسسي في شركة خدمات بتروليّة، وقد عاد إلى مصر خلال ثورة 25 يناير 2011، لتنتهي الجلسة برفض المحكمة إخلاء سبيله على ذمة القضية، ليواصل الذبول حتى النهاية، بينما قاعات المحاكم تضج بالضحكات من قفشات سدنة العدالة الساخرة من قوة بنيان الإخوان المعتقلين.
الصورة الرابعة: وهي لعبد الرحمن الأبنودي، شاعر كل العصور، المستمتع ببحبوحة السفر والعلاج على نفقة الرؤساء، في أفخر الأماكن وأفخمها، تنقلها صحيفة الشروق المصرية على النحو التالي:
تم نقل الشاعر عبد الرحمن الأبنودي إلى مستشفى الجلاء العسكري، التابع للجيش الثاني بالإسماعيلية، لإجراء الفحوصات اللازمة بعد الأزمة الصحية التي ألمت به، وفى مرحلة ثانية قد يتم نقل «الأبنودي» إلى المركز الطبي العالمي.
كان الرئيس عبدالفتاح السيسى، قد بادر بالاتصال بالشاعر، يوم الخميس الماضي....
وطلب الرئيس من «الأبنودى» اختيار أي مكان يفضل العلاج فيه بمصر أو الخارج، تقديراً لدوره فى إثراء الثقافة المصرية والعربية. وخلال الاتصال الهاتفي، لم يكن «الأبنودي» متحمساً للانتقال إلى أي مستشفى، مفضلاً البقاء فى منزله بالإسماعيلية، لكن الرئيس داعبه قائلاً «سوف ننقلك بالقوة إلى أي مستشفى لأن صحتك غالية على كل المصريين».
تأمل الصور مليّاً، واستمتع بسياحة رخيصة في ربوع مصر الفاشية.

 

 

وائل قنديل (العربي الجديد)
وائل قنديل
كاتب صحافي مصري من أسرة "العربي الجديد" عروبي الهوية يؤمن بأنّ فلسطين قضية القضايا وأنّ الربيع العربي كان ولا يزال وسيبقى أروع ما أنجزته شعوب الأمة