03 نوفمبر 2024
مجدّداً .. عون مرشحاً رئاسياً
خلف لعبة الديمقراطية العادلة، كمنت التقسيمة الشهيرة في لبنان بين قوى 8 آذار وقوى 14 آذار، وكان الاصطفاف الإسلامي سعودياً إيرانياً. أما المسيحيون فتوزعوا بالتساوي بين التيارين.. الانشطار الطولاني "المنصِف" جعل قصر بعبدا خالياً منذ عامين، حيث عطَّل حتى الآن 46 جلسة نيابية مفترضة لانتخاب الرئيس. كان بعض النواب يأتون إلى مبنى البرلمان يشربون الشاي، ويتحدثون عن النفايات، ويعودون أدراجهم لعدم اكتمال النصاب المطلوب لبدء جلسة انتخاب الرئيس. الجنرال ميشيل عون مرشّحٌ لا يحظى بدعم مجموعة 8 آذار، ولا بدعم حركة أمل، حليفة حزب الله الذي، وعلى النقيض، يحرص على تعطيل أية جلسة برلمانية لا تضمن بشكل مؤكد ترشيح عون وفوزه! وهو التزامٌ عميقٌ عبر عنه أمين عام الحزب حسن نصر الله، من دون أن يقدّم مبررات كافيه له. ظل هذا الواقع بالركود نفسه منذ مغادرة الرئيس السابق ميشيل سليمان قصر الرئاسة، وحتى اقتُرِح، قبل حوالي سنة، ترشيح شخصيةٍ لم تكن مطروحةً ولا متوقعةً، وهي سليمان فرنجية.
أحدث هذا الترشيح تغضّناً ومزيداً من البلبلة، ولم يؤد إلى تجاوز وضعية الركود، إلى أن طرح سعد الحريري مبادرةً جديدةً ذات طبيعة انقلابية، وهي تبنيه ترشيح الجنرال ميشيل عون. وبهذا يزداد احتمال تغطية النقص "العددي" في المجلس النيابي اللبناني. وبالتالي، سيؤمن صعود عون إلى سدة الرئاسة. برّر الحريري ترشيحه عون برغبته في تجنيب البلاد حرباً أهلية، بعد أن اتفق معه على تحييد لبنان عن الحرب الدائرة في سورية، وأمّن لنفسه قبول عودته إلى رئاسة مجلس الوزراء. لم تقنع هذه المبرّرات حلفاء الحريري، كفؤاد السنيورة، كما تعالت أصواتٌ معترضةٌ داخل الكتلة النيابية السنية، ما قد يجعل موافقة السعودية على هذه المبادرة موضع شك، علماً أن الحريري لا يستطيع القيام بهذه المبادرة، من دون تلك الموافقة، والاختلاف العلني ضمن كتلة المستقبل الحريرية قد يحسمه موقفٌ معلنٌ من السعودية.
تنتج مباردة الحريري تكتلاً جديداً، يجعل عون وحزب الله والحريري في جانب، ونبيه بري وفرنجية وحزب الكتائب في جانب آخر، وهذا التكتل يتجاوز مقولة 8 وَ14 آذار، ويوجِد تحالفاتٍ جديدة ذات طبيعة نظرية ومؤقتة، فالوضع الإقليمي لا يسمح أبداً بتموضعٍ من هذا النوع. وإذا أفلح عون بالوصول إلى بعبدا، ثمّة نوعٌ آخر من التحالفات سينشأ، سيخلقه الصراع على الحصص الوزارية، وهي المهمة الأعقد، بعد تجاوز عقدة الرئيس. تبدو إيران راضيةً عن مثل هذا الإعلان، بتركيز وسائل إعلامها على "إنجازات" حزب الله، فيما أدلى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بتصريحٍ ملتبسٍ، شكّك فيه بنجاح المبادرة، من دون أن يدخل بالتفاصيل. وهذا الموقف مرشّح أن يتطور، ريثما يحين موعد الجلسة المقبلة في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
لتحقيق مبادرة الحريري، يتوجب تأمين حضور ثلثي أعضاء المجلس، وهو أمرٌ ممكنٌ نظرياً، فيما لو التزم كل أعضاء كتلة المستقبل رأيَ رئيسهم، وسيكون حضور كتلتي التغيير والإصلاح وحزب الله تحصيل حاصل، ومن المتوقع أن تحضر كتلة وليد جنبلاط ويصوّت معظمها لصالح عون. وكانت كتلة القوات اللبنانية قد أعلنت سابقاً عبر مصالحة "جعجع عون" قبولها عون مرشحاً رئاسياً، وتحت عناوين مبادرة الحريري نفسها. يفوق المجموع الإجمالي لمقاعد هذه الكتل السبعين مقعداً، ويمكن تأمين المقاعد الباقية من المستقلين وأحزاب الأرمن، علماً أن الرقم المطلوب هو 81 مقعداً، أي ثلثا مجموع مقاعد البرلمان البالغة 128 مقسومة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، على اختلاف مذاهب هؤلاء وأولئك.
يغلق انتخاب عون ملف الكرسي الرئاسي الشاغر، ويفتح ملفاتٍ أكثر تعقيداً وعمقاً، كملف لبنان نفسه الممزق بين ولاءاتٍ إقليمية لا يستطيع تجنبها، ومشاركته بما يستنزف كيانه المنهك. وعلى الرغم من أن المبادرة واضحةٌ، والإحصاء الرقمي كذلك، لكن ليس هناك أي ضمانٍ لعدم حصول تغيراتٍ ميلودرامية، قبل أن يعلن نبيه بري افتتاح الجلسة المصيرية نهاية الشهر الجاري.
أحدث هذا الترشيح تغضّناً ومزيداً من البلبلة، ولم يؤد إلى تجاوز وضعية الركود، إلى أن طرح سعد الحريري مبادرةً جديدةً ذات طبيعة انقلابية، وهي تبنيه ترشيح الجنرال ميشيل عون. وبهذا يزداد احتمال تغطية النقص "العددي" في المجلس النيابي اللبناني. وبالتالي، سيؤمن صعود عون إلى سدة الرئاسة. برّر الحريري ترشيحه عون برغبته في تجنيب البلاد حرباً أهلية، بعد أن اتفق معه على تحييد لبنان عن الحرب الدائرة في سورية، وأمّن لنفسه قبول عودته إلى رئاسة مجلس الوزراء. لم تقنع هذه المبرّرات حلفاء الحريري، كفؤاد السنيورة، كما تعالت أصواتٌ معترضةٌ داخل الكتلة النيابية السنية، ما قد يجعل موافقة السعودية على هذه المبادرة موضع شك، علماً أن الحريري لا يستطيع القيام بهذه المبادرة، من دون تلك الموافقة، والاختلاف العلني ضمن كتلة المستقبل الحريرية قد يحسمه موقفٌ معلنٌ من السعودية.
تنتج مباردة الحريري تكتلاً جديداً، يجعل عون وحزب الله والحريري في جانب، ونبيه بري وفرنجية وحزب الكتائب في جانب آخر، وهذا التكتل يتجاوز مقولة 8 وَ14 آذار، ويوجِد تحالفاتٍ جديدة ذات طبيعة نظرية ومؤقتة، فالوضع الإقليمي لا يسمح أبداً بتموضعٍ من هذا النوع. وإذا أفلح عون بالوصول إلى بعبدا، ثمّة نوعٌ آخر من التحالفات سينشأ، سيخلقه الصراع على الحصص الوزارية، وهي المهمة الأعقد، بعد تجاوز عقدة الرئيس. تبدو إيران راضيةً عن مثل هذا الإعلان، بتركيز وسائل إعلامها على "إنجازات" حزب الله، فيما أدلى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بتصريحٍ ملتبسٍ، شكّك فيه بنجاح المبادرة، من دون أن يدخل بالتفاصيل. وهذا الموقف مرشّح أن يتطور، ريثما يحين موعد الجلسة المقبلة في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
لتحقيق مبادرة الحريري، يتوجب تأمين حضور ثلثي أعضاء المجلس، وهو أمرٌ ممكنٌ نظرياً، فيما لو التزم كل أعضاء كتلة المستقبل رأيَ رئيسهم، وسيكون حضور كتلتي التغيير والإصلاح وحزب الله تحصيل حاصل، ومن المتوقع أن تحضر كتلة وليد جنبلاط ويصوّت معظمها لصالح عون. وكانت كتلة القوات اللبنانية قد أعلنت سابقاً عبر مصالحة "جعجع عون" قبولها عون مرشحاً رئاسياً، وتحت عناوين مبادرة الحريري نفسها. يفوق المجموع الإجمالي لمقاعد هذه الكتل السبعين مقعداً، ويمكن تأمين المقاعد الباقية من المستقلين وأحزاب الأرمن، علماً أن الرقم المطلوب هو 81 مقعداً، أي ثلثا مجموع مقاعد البرلمان البالغة 128 مقسومة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، على اختلاف مذاهب هؤلاء وأولئك.
يغلق انتخاب عون ملف الكرسي الرئاسي الشاغر، ويفتح ملفاتٍ أكثر تعقيداً وعمقاً، كملف لبنان نفسه الممزق بين ولاءاتٍ إقليمية لا يستطيع تجنبها، ومشاركته بما يستنزف كيانه المنهك. وعلى الرغم من أن المبادرة واضحةٌ، والإحصاء الرقمي كذلك، لكن ليس هناك أي ضمانٍ لعدم حصول تغيراتٍ ميلودرامية، قبل أن يعلن نبيه بري افتتاح الجلسة المصيرية نهاية الشهر الجاري.