07 نوفمبر 2024
السيسي والغراب والسلَّم
أحمد عمر
كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."
ذكر عبد الفتاح السيسي في تسريب (من الثلاجة) حاجته إلى أذرع إعلامية، فاستخدم الاستعارة، وهو ضعيفٌ في الاستعارة والقرض إلا للرز والأباتشي، على شكل هباتٍ ومنح وشحاتة للقتل، أو للادِّخار من أجل المستقبل، ثم رأينا الإعلام المصري أذرع أخطبوطٍ مفترس، والويل للضحية، ثم رأينا الجزم في الإعلام المصري تنهال على رأس الشعب المصري. صار إياد مدني بطلاً، لكنه عاد وأبدى الندم على غلطته في حق الغنم، ومع ذلك لم ينج من أذرع الأخطبوط، فتذكّرت أيام موقعتي أم درمان مع السودان ومباراة كرة القدم مع الجزائر، حتى كاد الإعلام المصري أن يفسد العلاقة مع عدة أقطار عربية، منها المغرب العربي، بفتوات الإعلام.
معروفة للقاصي والداني حملة السيسي التجديدية للدين، وكانت يوماً صليبية غازية - على البخاري ومسلم ومكة المكرمة، فالنخبة المصرية الحاكمة تريد أن يحجّ الشعب إلى الأقصر وأبي الهول وأبي حصيرة وأبي الرز.
النكتة المصرية سلاح مدمّر مصري، لكنه للأسف لا ينفع للاستعمال الخارجي، فهو للداخل والأخوة العرب فقط. قال جمال حمدان إنَّ المعارضة المصرية هي معارضة النكتة.
يُقال إنَّ من أسسّ مصر كان حلوانياً، يبيع بسبوسة الرز. وفي قصة خلق العالم الفرعونية "الضحك هو الأسّ المكين". ويقول عالم الاجتماع المصري، أحمد أبو زيد، إن قدماء المصريين كانوا يعتقدون أن العالم خُلق من الضحك؛ فالإله الأكبر، حين أراد أن يخلق العالم، أطلق ضحكةً قوية، فكانت أرجاء العالم السبعة. ثم أطلق ضحكةً أخرى، فكان النور، ثم أطلق ضحكةً ثالثة، فكان الماء (في ثلاجة السيسي). وهكذا، حتى خلق الروح من الضحكة السابعة. لنتذكّر أن أشهر كاريكاتير على هذه البسيطة التي صارت معقدة هو رسم لغراب فرعوني يصعد السلم، صعد الغراب ولم ينزل، وقال: اللي ح يقرب لها ح أشيلو من وش الأرض.
انتبه مؤلف فيلم "زوجة رجل مهم" إلى أن الضحكة والكوميديا من وسائل الاستعباد والسيطرة والتشريد، عندما احتجت ميرفت أمين على بثِّ "مدرسة المشاغبين" لتخدير الشعب. ويذهب حيان السمان، في كتابه "خطاب الجنون" إلى أنَّ الضحك أحد وسائل الثورة والاحتجاج. ويصدق هذا وذاك، حسب توجيه مدفعية الضحك والسخرية، ومن المعلوم أنَّ الإعلام المصري استغنى عن خدمات توفيق عكاشة المسرحية، وهو ليس خسارة، فتوفيق عكاشة ليس فلتة، فهناك أحمد موسى، ومحمد الغيطي، وعمرو أديب وبقية فرقة حسب الله. وأعترف أني زعلت على إقصاء رانيا بدوي، فكلما ظهرتْ صحت منتشياً: مَدَدْ يا بدوي مَدَدْ، وأعترف أني أولعت بصوتها المفعم، والذي ذكّرني بصوت هيام في مونت كارلو أيام الصبا، للشرّ جاذبية شديدة قاتله الله. وهناك جاذبية أخرى، اسمها الإدمان، ورأيت فيلماً وثائقياً عن إدمان ماسحي الأحذية رائحة البويا، ويرى كثيرون أنَّ فضائية 25 يناير سقطت بسبب وقارِها، فالشغل في مصر يحب الخفيّة، خذ مثالَ برنامجِ مصر "كل يوم" للدويتو عمرو أديب ورانيا بدوي، كان عرضاً حقيقيا، يأكل بعقل المشاهد حلاوة وأحيانا بسبوسة.
يقول ميخائيل باختين إن الضحك يدمِّر الخوف، لكنه َدمَّر البلد كلها، البلد غارقةٌ في سيول الضحك، فعرض بطل شباك التذاكر يستمر للسنة الثالثة، والأغلب أن الدول العربية تتجنب الإساءة إليه، خوفاً من "العِدَّة" ومسافة السكة؟
مسافة السكة هي النكتة المصرية، فهي بلا سكّة، تتكاثر مثل الفطر، وتصل فوراً عبر الأثير، ولن تستطيع فضائيةٌ رصينةٌ مواجهة ثلاثين إعلامياً، لا يلتزمون بقواعد المرور، وينبحون على الصالحين.
ذكر القرآن الكريم في آياتٍ كثيرة سخرية المشركين من الأنبياء عليهم السلام، وأحد أهم أدوات إسقاط مرسي وثورة يناير كان سلاح السخرية الفتّاك الذي جعل مصر في السلطانية، والترومّاي.
يصعد الغراب كل يوم درجة أعلى في السلم بقدميه وأسنانه، ولدى مصر أجنحة عملاقة معطّلة ومضيّعة.
يا ما جاب الغراب لأمه.
معروفة للقاصي والداني حملة السيسي التجديدية للدين، وكانت يوماً صليبية غازية - على البخاري ومسلم ومكة المكرمة، فالنخبة المصرية الحاكمة تريد أن يحجّ الشعب إلى الأقصر وأبي الهول وأبي حصيرة وأبي الرز.
النكتة المصرية سلاح مدمّر مصري، لكنه للأسف لا ينفع للاستعمال الخارجي، فهو للداخل والأخوة العرب فقط. قال جمال حمدان إنَّ المعارضة المصرية هي معارضة النكتة.
يُقال إنَّ من أسسّ مصر كان حلوانياً، يبيع بسبوسة الرز. وفي قصة خلق العالم الفرعونية "الضحك هو الأسّ المكين". ويقول عالم الاجتماع المصري، أحمد أبو زيد، إن قدماء المصريين كانوا يعتقدون أن العالم خُلق من الضحك؛ فالإله الأكبر، حين أراد أن يخلق العالم، أطلق ضحكةً قوية، فكانت أرجاء العالم السبعة. ثم أطلق ضحكةً أخرى، فكان النور، ثم أطلق ضحكةً ثالثة، فكان الماء (في ثلاجة السيسي). وهكذا، حتى خلق الروح من الضحكة السابعة. لنتذكّر أن أشهر كاريكاتير على هذه البسيطة التي صارت معقدة هو رسم لغراب فرعوني يصعد السلم، صعد الغراب ولم ينزل، وقال: اللي ح يقرب لها ح أشيلو من وش الأرض.
انتبه مؤلف فيلم "زوجة رجل مهم" إلى أن الضحكة والكوميديا من وسائل الاستعباد والسيطرة والتشريد، عندما احتجت ميرفت أمين على بثِّ "مدرسة المشاغبين" لتخدير الشعب. ويذهب حيان السمان، في كتابه "خطاب الجنون" إلى أنَّ الضحك أحد وسائل الثورة والاحتجاج. ويصدق هذا وذاك، حسب توجيه مدفعية الضحك والسخرية، ومن المعلوم أنَّ الإعلام المصري استغنى عن خدمات توفيق عكاشة المسرحية، وهو ليس خسارة، فتوفيق عكاشة ليس فلتة، فهناك أحمد موسى، ومحمد الغيطي، وعمرو أديب وبقية فرقة حسب الله. وأعترف أني زعلت على إقصاء رانيا بدوي، فكلما ظهرتْ صحت منتشياً: مَدَدْ يا بدوي مَدَدْ، وأعترف أني أولعت بصوتها المفعم، والذي ذكّرني بصوت هيام في مونت كارلو أيام الصبا، للشرّ جاذبية شديدة قاتله الله. وهناك جاذبية أخرى، اسمها الإدمان، ورأيت فيلماً وثائقياً عن إدمان ماسحي الأحذية رائحة البويا، ويرى كثيرون أنَّ فضائية 25 يناير سقطت بسبب وقارِها، فالشغل في مصر يحب الخفيّة، خذ مثالَ برنامجِ مصر "كل يوم" للدويتو عمرو أديب ورانيا بدوي، كان عرضاً حقيقيا، يأكل بعقل المشاهد حلاوة وأحيانا بسبوسة.
يقول ميخائيل باختين إن الضحك يدمِّر الخوف، لكنه َدمَّر البلد كلها، البلد غارقةٌ في سيول الضحك، فعرض بطل شباك التذاكر يستمر للسنة الثالثة، والأغلب أن الدول العربية تتجنب الإساءة إليه، خوفاً من "العِدَّة" ومسافة السكة؟
مسافة السكة هي النكتة المصرية، فهي بلا سكّة، تتكاثر مثل الفطر، وتصل فوراً عبر الأثير، ولن تستطيع فضائيةٌ رصينةٌ مواجهة ثلاثين إعلامياً، لا يلتزمون بقواعد المرور، وينبحون على الصالحين.
ذكر القرآن الكريم في آياتٍ كثيرة سخرية المشركين من الأنبياء عليهم السلام، وأحد أهم أدوات إسقاط مرسي وثورة يناير كان سلاح السخرية الفتّاك الذي جعل مصر في السلطانية، والترومّاي.
يصعد الغراب كل يوم درجة أعلى في السلم بقدميه وأسنانه، ولدى مصر أجنحة عملاقة معطّلة ومضيّعة.
يا ما جاب الغراب لأمه.
دلالات
أحمد عمر
كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."
أحمد عمر
مقالات أخرى
24 أكتوبر 2024
10 أكتوبر 2024
26 سبتمبر 2024