28 ديسمبر 2021
من دفتر القاع الفلسطيني
يبدو أن القاع الفلسطيني بات يحوي قيعانا كثيرة من التردّي والتراجعات بدل المراجعات، والتمادي في التمفصل والتنازع في ما بين الفصائل، بحيث لم يبق من الفضائل ما يمكن الركون إليه، في حلّ المسائل، حتى زادها الخلاف السياسي والتصارعات التنظيمية تعميقاً للانقسام الأفقي، بعد أن انقضى الانقسام العامودي، ورسا على ما رست عليه سفن التناحر السلطوي، والمصالح السلطوية بين طرفي النظام السياسي الفلسطيني، بجغرافيتيه وديمغرافيتيه اللتين اصطبغتا بالدم، وبألوان الأيديولوجيا وتلويناتها المختلفة.
وها هي تفرخ من جديد، حتى داخل اللون الواحد أو الفصيل الواحد، مولدة مسائل عديدة في الانقسام والاختلاف والخلاف، وباتت حركة فتح مجموعة من الفصائل، بينما عدة فصائل، ممن استحقت غضب "صاحب القرار" الفلسطيني، محرومة من مستحقات الصندوق القومي، بأمر من قرار فرديّ، له طابع الانتقام، يجافي المنطق والحق، ولا يستند إلى ما هو سياسي، ولا إلى ما هو تنظيمي أو قانوني، وسط فوضى في المستويات القيادية للسلطة الفلسطينية، وغياب القرارات الفاعلة في مؤسسات منظمة التحرير، حتى بات التجرؤ عليها من نواقص كثيرة، تحيق بكامل الوضع الوطني البائس والمشرذم.
لا يمكن احتساب الخطوة المفاجئة بحق الجبهتين الشعبية والديمقراطية سوى محاولة للتملص من العمل الجبهوي ومقتضياته، ومن ضرورة رص الصف القيادي، والمحافظة على الحد الأدنى من المسؤولية، عن قيادة ما تبقى سليماً من الوضع الوطني، وتصريف شؤون منظمة التحرير، أو ما تبقى من هياكلها المتآكلة، حتى "فتح"، تنظيماً وحزباً للسلطة، باتت تتجاذبها مجموعة من التيارات والأجنحة، على الرغم من تماسكها الشكلي، وهو تماسك سلطوي، أكثر منه تنظيميا، أو على أسس برنامج سياسي موحد ومتماسك.
مهما تكن الأسباب التي استدعت وقف مخصصات أطرافٍ أساسية في منظمة التحرير، عقاباً لها على مواقفها السياسية، فإن غياب السياسة وتغييب الحياة السياسية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، ونخبها العاملة في مؤسساتها، يجافي منطق بناء المؤسسات، ويقلب مسؤولية منظمة
التحرير عن السلطة، ليجعل من الأخيرة، ومن أفرادٍ منها، وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس، يتحملون وحدهم مسؤولية ما آلت إليه المؤسسات الفلسطينية والوضع الوطني الفلسطيني؛ الآخذ بالتردّي أكثر فأكثر في قيعان ما تحت قاع ما انحدرت إليه الحركة الوطنية الفلسطينية، في سياق تحولها من حركة تحرّر إلى هوامش سلطةٍ قابلة للتأويل والتحويل، وانحدارها أكثر نحو فقدانها ركائزها وبُناها التي قامت على قواعد اتفاقات أوسلو، وما آلت وتؤول إليه تلك الاتفاقات التي لم تعد ملزمة لأي من الحكومات الإسرائيلية، بقدر ما تستثمرها الأخيرة في مواجهة الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية، على الرغم من تمسك السلطة الفلسطينية بالتنسيق الأمني المتواصل، وما ترتب عليه من إفشال هبة القدس وعمليات مسلّحة ومقاومة شعبية، في وقت تلزم السلطة الفلسطينية فيه نفسها، بل ولتبالغ بالتمسك بتلك الاتفاقات وما ترتب عليها، من دون أي طائل للمصلحة الوطنية الفلسطينية، وذلك يتطلب الرجوع إلى الشعب ومؤسساته الوطنية، لبحث كيفية مواجهة الاحتلال وتجديدها، بدل الخضوع أو الركون إلى قرارات فردية أو فئوية، باتت تضفي مزيداً من الألوان الباهتة إلى لوحةٍ باهتة في الأصل.
إلى هنا، يمكن القول إن ما يجري في الوضع الوطني الفلسطيني بات يفتقد، اليوم وأكثر من أي وقت مضى، تطبيق مبدأ الشراكة الوطنية، فهل هذا ما أرادت أن توصلنا إليه اتفاقات أوسلو وتداعياتها على النظام السياسي، وتلك الانقسامات والشروخ العامودية والأفقية في مكونات الحركة الوطنية الفلسطينية؟ ولماذا يضفي بعضٌ القياديين نوعا من القداسة على اتفاقات سياسية مع العدو، ليس لها طابع القانون الدستوري، فحتى هذا يمكن تعديله أو تغييره، ولا يمكن تقديسه بالمطلق؟ أم أن الأمر له علاقة بالذين لا يريدون أن يتغيروا أو يغيروا، على الرغم من رؤية السفينة الفلسطينية وهي تغرق؟
تراكم الخلافات السياسية وتباينها بين مكونات الحركة الوطنية وفصائل منظمة التحرير، واستمرار تلك التباينات والتحولات النوعية التي أدت وتؤدي إليها سياسات التفرّد في اتخاذ القرار، كان لا بد لذلك كله من إيصال الوضع الفلسطيني الراهن إلى عنق زجاجة المأزق، كنتاج لمفاقمة الأزمات التي لم يسع صاحب أو أصحاب القرار إلى معالجتها، بل تركت إلى أن باتت عصية على المعالجة الجدية؛ حتى إن تداعياتها ما برحت تشتغل، وهي إنْ بقيت كذلك، لن تقود سوى إلى المجهول، أو إلى.. كارثةٍ أكثر من معلومة.
وها هي تفرخ من جديد، حتى داخل اللون الواحد أو الفصيل الواحد، مولدة مسائل عديدة في الانقسام والاختلاف والخلاف، وباتت حركة فتح مجموعة من الفصائل، بينما عدة فصائل، ممن استحقت غضب "صاحب القرار" الفلسطيني، محرومة من مستحقات الصندوق القومي، بأمر من قرار فرديّ، له طابع الانتقام، يجافي المنطق والحق، ولا يستند إلى ما هو سياسي، ولا إلى ما هو تنظيمي أو قانوني، وسط فوضى في المستويات القيادية للسلطة الفلسطينية، وغياب القرارات الفاعلة في مؤسسات منظمة التحرير، حتى بات التجرؤ عليها من نواقص كثيرة، تحيق بكامل الوضع الوطني البائس والمشرذم.
لا يمكن احتساب الخطوة المفاجئة بحق الجبهتين الشعبية والديمقراطية سوى محاولة للتملص من العمل الجبهوي ومقتضياته، ومن ضرورة رص الصف القيادي، والمحافظة على الحد الأدنى من المسؤولية، عن قيادة ما تبقى سليماً من الوضع الوطني، وتصريف شؤون منظمة التحرير، أو ما تبقى من هياكلها المتآكلة، حتى "فتح"، تنظيماً وحزباً للسلطة، باتت تتجاذبها مجموعة من التيارات والأجنحة، على الرغم من تماسكها الشكلي، وهو تماسك سلطوي، أكثر منه تنظيميا، أو على أسس برنامج سياسي موحد ومتماسك.
مهما تكن الأسباب التي استدعت وقف مخصصات أطرافٍ أساسية في منظمة التحرير، عقاباً لها على مواقفها السياسية، فإن غياب السياسة وتغييب الحياة السياسية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، ونخبها العاملة في مؤسساتها، يجافي منطق بناء المؤسسات، ويقلب مسؤولية منظمة
إلى هنا، يمكن القول إن ما يجري في الوضع الوطني الفلسطيني بات يفتقد، اليوم وأكثر من أي وقت مضى، تطبيق مبدأ الشراكة الوطنية، فهل هذا ما أرادت أن توصلنا إليه اتفاقات أوسلو وتداعياتها على النظام السياسي، وتلك الانقسامات والشروخ العامودية والأفقية في مكونات الحركة الوطنية الفلسطينية؟ ولماذا يضفي بعضٌ القياديين نوعا من القداسة على اتفاقات سياسية مع العدو، ليس لها طابع القانون الدستوري، فحتى هذا يمكن تعديله أو تغييره، ولا يمكن تقديسه بالمطلق؟ أم أن الأمر له علاقة بالذين لا يريدون أن يتغيروا أو يغيروا، على الرغم من رؤية السفينة الفلسطينية وهي تغرق؟
تراكم الخلافات السياسية وتباينها بين مكونات الحركة الوطنية وفصائل منظمة التحرير، واستمرار تلك التباينات والتحولات النوعية التي أدت وتؤدي إليها سياسات التفرّد في اتخاذ القرار، كان لا بد لذلك كله من إيصال الوضع الفلسطيني الراهن إلى عنق زجاجة المأزق، كنتاج لمفاقمة الأزمات التي لم يسع صاحب أو أصحاب القرار إلى معالجتها، بل تركت إلى أن باتت عصية على المعالجة الجدية؛ حتى إن تداعياتها ما برحت تشتغل، وهي إنْ بقيت كذلك، لن تقود سوى إلى المجهول، أو إلى.. كارثةٍ أكثر من معلومة.