10 نوفمبر 2024
سورية وإطلاق الحوار
أغلقت سنة 2016 على إعلانٍ ثالث لوقف إطلاق نارٍ شاملٍ فوق الأراضي السورية.. الأمر يختلف قليلاً في المرة الأخيرة عن سابقيْه، فقد جاء الإقرار بعد اجتماعاتٍ بين روسيا وإيران وتركيا، ولهذه الدول قواتٌ عسكريةٌ على الأرض، ولها تداخل مباشر وفعال، ولكل منها مصالح قوية، بعضها متعارض. جرى الاتفاق بغياب قوى إقليمية ودولية مؤثرة، وإن لم تمتلك قوات عسكرية في الميدان، ولكن انجاز الاتفاق بغيابها لا يعني أنها غير موافقة. أما توقيع الإعلان فقد تم بواسطة قادة الفصائل العسكرية الرئيسية، واستُثني تنظيم الدولة الإسلامية. تبدو كل هذه الفعاليات ذات شكل عسكري، ابتداءً من الأطراف الراعية والضامنة، وهما روسيا وتركيا، المنخرطتان عسكرياً، ومن ثم الأطراف المقاتلة على الأرض، مثل جيش النظام مع المليشيات المتحالفة معه، وجبهات المعارضة المسلحة.
وعلى الرغم من بعض الاعتراضات التي رافقت الإعلان، إلا أن الالتزام يبدو واضحاً على الجبهات الرئيسية حتى هذه اللحظة. لا تتضمن الوثائق التي وقع عليها الطرفان بنوداً كثيرة، ولكنها تحمل التزاماً بتشكيل وفد، والبدء بالحوار لإقرار خريطة طريق. التوقيع على وقف إطلاق النار ليس مشكلةً لأحد، فيمكن العودة عنه، أو إليه في أية لحظة، وتحت أية ذريعة، وتشكيل الوفود أيضا مسألة في غاية السهولة. العقبة في خريطة الطريق، وهو الطريق الذي غابت معالمه بغياب كل آثار المدن الرئيسية والفرعية، الواقعة تحت تأثير القصف، وسُجل فيها نصف مليون قتيل، وتشريد لنصف السوريين المسجلين رسمياً في دوائر نفوس وزارة الإدارة المحلية.
المطلوب، بحسب الاتفاق الطازج، من جهات عسكرية الطابع ونزقة الطباع، إقرار خريطة طريق لمن تبقى في سورية، للخروج من تحت الأنقاض، وبداية حياة جديدة. تبدو المسألة عسيرةً لأن الطريق المطلوب رسم خريطة لها غائبة الملامح ومقطعة الأوصال، والتوقيع ذاته الذي أعقب أعنف هجوم على مدينةٍ عريقةٍ كحلب انتهى بتهجير ربع قاطنيها، بعد أن تحوّل جزؤها الأكبر إلى كومةٍ من الحجارة. التباينات واسعةٌ جداً بين الأطراف الموقعة للوثائق، وهي تبايناتٌ ستجعل الوصول إلى خريطة طريق موحدةٍ مهمة شديدة الصعوبة، تصل إلى مرتبة المستحيل، بالإضافة إلى وجود أطرافٍ عسكريةٍ أخرى، ذات حضور واسع وفعال، من الصعب على أي خريطة طريقٍ الظهور إلى الحياة، قبل أن يُعرف مصيرها، كتنظيم الدولة الإسلامية، وقوات سورية الديمقراطية، وهما قوتان إرهابيتان، بحسب تعاريف مختلفة للدول الراعية والجهات الموقعة على الإعلان. أما الخلاف الرئيس، والذي قد لا تتوفر له حلول مقبولة، فهو بشار الأسد نفسه، الذي لا زالت قوى المعارضة تصرّ على اختفائه بشكل كلي. أما طرف النظام، فلا يرى لنفسه وجوداً إلا بترؤس بشار الأسد زمام السلطة، وبالطريقة التي توحي بها قافية اسمه "إلى الأبد"، بالإضافة إلى الوضع الغائم للقوى السياسية المعارضة، الممثلة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، والذي لا يقترب منه الاتفاق، وكأنه مدعوٌّ، بطريقةٍ خفيةٍ، إلى أن يحل نفسه، حيث لا مكان متوافرا له في المشهد العسكري الحالي. وهذا ما يمكن أن يُدخل الحل ضمن مضمار "الخطير"، وقد اصطبغ كل شيء بلون عسكري، ما يعني أن المشهد كله أصبح معقداً، ونحن نتحدث عن تطبيق الديمقراطية.
شكل الإعلان المقتضب المصرّ على وقف النار، وبالوضع الراهن، يبدو كأنه غاية بحد ذاتها، وليس وسيلةً لبدء المفاوضات، والشروع برسم معالم طريق الخروج، تريد منه روسيا تثبيت شكل جغرافي محدّد، وتسجيل بضع نقاط في الأمم المتحدة التي أصدرت للتو قراراً يثني على إعلان وقف النار. يساهم الإعلان، بالفعل، في تثبيت خطوط وقف النار، وربما تعميقها، وقد تتحول مباحثات خرائط الطريق في أستانا إلى محادثات هدنةٍ، تُضبط فيها المعابر، وتُرَسّم فيها الحدود. وهذه بكلام صريح محادثاتُ تقسيمٍ مؤقت، قد يتحوّل إلى وضع نهائي. وبهذا، نكون قد كسبنا وقفاً للنار مقابل خسارة سورية موحدة، وإلى الأبد.
وعلى الرغم من بعض الاعتراضات التي رافقت الإعلان، إلا أن الالتزام يبدو واضحاً على الجبهات الرئيسية حتى هذه اللحظة. لا تتضمن الوثائق التي وقع عليها الطرفان بنوداً كثيرة، ولكنها تحمل التزاماً بتشكيل وفد، والبدء بالحوار لإقرار خريطة طريق. التوقيع على وقف إطلاق النار ليس مشكلةً لأحد، فيمكن العودة عنه، أو إليه في أية لحظة، وتحت أية ذريعة، وتشكيل الوفود أيضا مسألة في غاية السهولة. العقبة في خريطة الطريق، وهو الطريق الذي غابت معالمه بغياب كل آثار المدن الرئيسية والفرعية، الواقعة تحت تأثير القصف، وسُجل فيها نصف مليون قتيل، وتشريد لنصف السوريين المسجلين رسمياً في دوائر نفوس وزارة الإدارة المحلية.
المطلوب، بحسب الاتفاق الطازج، من جهات عسكرية الطابع ونزقة الطباع، إقرار خريطة طريق لمن تبقى في سورية، للخروج من تحت الأنقاض، وبداية حياة جديدة. تبدو المسألة عسيرةً لأن الطريق المطلوب رسم خريطة لها غائبة الملامح ومقطعة الأوصال، والتوقيع ذاته الذي أعقب أعنف هجوم على مدينةٍ عريقةٍ كحلب انتهى بتهجير ربع قاطنيها، بعد أن تحوّل جزؤها الأكبر إلى كومةٍ من الحجارة. التباينات واسعةٌ جداً بين الأطراف الموقعة للوثائق، وهي تبايناتٌ ستجعل الوصول إلى خريطة طريق موحدةٍ مهمة شديدة الصعوبة، تصل إلى مرتبة المستحيل، بالإضافة إلى وجود أطرافٍ عسكريةٍ أخرى، ذات حضور واسع وفعال، من الصعب على أي خريطة طريقٍ الظهور إلى الحياة، قبل أن يُعرف مصيرها، كتنظيم الدولة الإسلامية، وقوات سورية الديمقراطية، وهما قوتان إرهابيتان، بحسب تعاريف مختلفة للدول الراعية والجهات الموقعة على الإعلان. أما الخلاف الرئيس، والذي قد لا تتوفر له حلول مقبولة، فهو بشار الأسد نفسه، الذي لا زالت قوى المعارضة تصرّ على اختفائه بشكل كلي. أما طرف النظام، فلا يرى لنفسه وجوداً إلا بترؤس بشار الأسد زمام السلطة، وبالطريقة التي توحي بها قافية اسمه "إلى الأبد"، بالإضافة إلى الوضع الغائم للقوى السياسية المعارضة، الممثلة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، والذي لا يقترب منه الاتفاق، وكأنه مدعوٌّ، بطريقةٍ خفيةٍ، إلى أن يحل نفسه، حيث لا مكان متوافرا له في المشهد العسكري الحالي. وهذا ما يمكن أن يُدخل الحل ضمن مضمار "الخطير"، وقد اصطبغ كل شيء بلون عسكري، ما يعني أن المشهد كله أصبح معقداً، ونحن نتحدث عن تطبيق الديمقراطية.
شكل الإعلان المقتضب المصرّ على وقف النار، وبالوضع الراهن، يبدو كأنه غاية بحد ذاتها، وليس وسيلةً لبدء المفاوضات، والشروع برسم معالم طريق الخروج، تريد منه روسيا تثبيت شكل جغرافي محدّد، وتسجيل بضع نقاط في الأمم المتحدة التي أصدرت للتو قراراً يثني على إعلان وقف النار. يساهم الإعلان، بالفعل، في تثبيت خطوط وقف النار، وربما تعميقها، وقد تتحول مباحثات خرائط الطريق في أستانا إلى محادثات هدنةٍ، تُضبط فيها المعابر، وتُرَسّم فيها الحدود. وهذه بكلام صريح محادثاتُ تقسيمٍ مؤقت، قد يتحوّل إلى وضع نهائي. وبهذا، نكون قد كسبنا وقفاً للنار مقابل خسارة سورية موحدة، وإلى الأبد.