19 ابريل 2021
هل انتصر بوتين؟
أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في لقاء سوتشي الذي جمعه بالرئيسين التركي أردوغان والإيراني حسن روحاني، أن مستلزمات الحل السياسي السلمي في سورية غدت متوفرةً، بعد قضاء جيش بلاده على "داعش"، وخفض التصعيد في أربع مناطق. ويبين هذا الإعلان ثقة بوتين بأن جميع خيوط الصراع غدت في يده، بما في ذلك خيط أميركا التي حذّرها سياسي روسي من أن قوة جويةً رادعةً ستبقى في سورية، لمنع واشنطن من تهديد نظام الأسد.
هل سينجح الرئيس الروسي في فرض حلوله المخالفة لوثيقة جنيف التي كانت بلاده قد وافقت عليها، وشاركت في صياغتها ووافقت عليها في مجلس الأمن. ثم أخذت روسيا ترى الحل انطلاقا من هذه الصراعات التي بلورت استراتيجية جديدة للانخراط فيه، عبر إعادة بناء قواتها المسلحة واستخدامها لتحقيق أهداف سياستها الخارجية في الساحة الدولية، ردعت بها جارتها جورجيا، وتوسعت في أوكرانيا، حيث استولت على شبه جزيرة القرم، وغزت سورية، من ضمن خطةٍ أعلنها بوتين، لاستعادة مناطق نفوذ الاتحاد السوفييتي السابقة، وإجراء تسوياتٍ مع أميركا، تضع حدا لخلافاتٍ كبرى معها، تستعيد روسيا من خلالها مكانتها دولة عظمى في نظام دولي جديد هي قطبه الثاني.
منذ الغزو الروسي لسورية، تركزت سياسات موسكو على بلورة قراءة للقرارات الدولية، تقوّض ما أعطته للشعب السوري من حقوق، وفي مقدمها التخلص من الأسدية، شخوصا ونظاما، وتستبدلها بقراءة مجافية لها نصا وروحا، تفرضها قوة متفوّقة ترابط في قواعد عسكرية سورية، تساعدها لاحقا على بناء نظام أمن إقليمي، لن يكون من السهل إقامته، في حال نافستها دول أخرى، اقليمية أو عظمى، على سورية، أو تمكنت من تقييد دورها فيها.
والحال إن هذه المنافسة قائمة، وتمارسها إيران وأميركا: الأولى بما تنتهجه من سياسات توسع إقليمي، سورية أهم حلقاته، وتمتلكه من قوات عسكرية كبيرة فيها، جيدة التسليح والتدريب، تتوضع في مناطق واسعة منها وبجوارها، وتتوسع نحو مقربةٍ من حدود الجولان. والثانية بوجودها العسكري البري والجوي في الشمال السوري الذي يعادل الوجود الروسي في سورية، إن لم يتفوق عليه.
لا تكفي ثقة بوتين الكلامية بقدرته على اللعب بخيوط إيران وأميركا، والانفراد بالغنيمة السورية. هناك وقائع ميدانية تؤكد أن التطور لن يذهب في الاتجاه الذي يريده، وأن عقد لقاءاتٍ مع قيادات إيرانية لا يعني أنها استسلمت له، والدليل تدفق قوات من الجيش الإيراني على سورية، بعد نهاية الحرب ضد "داعش"، وصدور تصريحاتٍ عن أعلى المستويات الأمنية في طهران، تؤكد أنها التي هزمت "داعش"، ولن تفرّط بانتصارها ودلالاته المذهبية فوق السياسية، ولن تتخلى عنها أو تفرط في حمايتها، بصفتيها الدينية والدنيوية، المتجسدتين في منجز سورية الذي يعد حلقة حاسمة في معركة تاريخية، حلقتها القادمة ضد الصهاينة الذين يستحقون العقاب، لأنهم يحولون دون عودة صاحب الزمان!
في الشمال، احتلت واشنطن قرابة 30% من أرض سورية، وأقامت في جنوبها الشرقي قواعد أقامت فيها وجودا عسكريا، قال أحد جنرالاتها إنه سيستمر من عشرين إلى ثلاثين سنة. لم تضايق واشنطن موسكو في فترة الصراع العسكري، لكنها لن تسهل مهمتها في مرحلة الحل السياسي، إن كانت تريد الانفراد بها. وبالفعل، فقد أعلنت أنه لن تتم إعادة إعمار سورية، ما دام بشار الأسد في السلطة، لن تنسحب من سورية إذا لم يتفق الحل الروسي مع مصالحها.
بهذه التطورات، ينتقل الصراع من المجال السوري، ويتحول إلى مشكلة إقليمية/ دولية تختلف حساباتها جذريا عن حسابات الغزو الروسي لسورية، وأنماط الصراع التي ستشهدها، بينما يميل الأسد مرة إلى موسكو ليرفع ثمنه إيرانيا، ومرات إلى طهران، ليرغم روسيا على التمسك به في جميع الأحوال والظروف.
كيف سيخرج بوتين من وضع يضمر فخاخا ستستخدم ضده: إيرانيا، إذا حاول إخراج طهران من سورية، أو انحاز إلى سياسات واشنطن ضدها، وأميركيا عندما سيتفاوض بوتين مع واشنطن، ويكتشف أنه لم يمسك بخيوطها، وما لديه من خيوط تعتمد على قوته العسكرية لا تمكّنه من الانفراد بحلٍّ ليست تعقيداته وتشابكاته طوع بنانه، وأن عليه تقديم تنازلاتٍ كي لا تنهار خطته في المنطقة والعالم، بينما لن تتنازل واشنطن عن شيء، أو تدعوه إلى تسوياتٍ، تجعل منه ندّا لها، أو قوة عظمى، بموافقتها.
كانت مرحلة الحرب الأسهل لروسيا. مع الحل السياسي ستبدأ متاعبه التي ستكشف ما إذا كان قادرا على القفز حقا عن خياله، كما يحاول إيهامنا.
هل سينجح الرئيس الروسي في فرض حلوله المخالفة لوثيقة جنيف التي كانت بلاده قد وافقت عليها، وشاركت في صياغتها ووافقت عليها في مجلس الأمن. ثم أخذت روسيا ترى الحل انطلاقا من هذه الصراعات التي بلورت استراتيجية جديدة للانخراط فيه، عبر إعادة بناء قواتها المسلحة واستخدامها لتحقيق أهداف سياستها الخارجية في الساحة الدولية، ردعت بها جارتها جورجيا، وتوسعت في أوكرانيا، حيث استولت على شبه جزيرة القرم، وغزت سورية، من ضمن خطةٍ أعلنها بوتين، لاستعادة مناطق نفوذ الاتحاد السوفييتي السابقة، وإجراء تسوياتٍ مع أميركا، تضع حدا لخلافاتٍ كبرى معها، تستعيد روسيا من خلالها مكانتها دولة عظمى في نظام دولي جديد هي قطبه الثاني.
منذ الغزو الروسي لسورية، تركزت سياسات موسكو على بلورة قراءة للقرارات الدولية، تقوّض ما أعطته للشعب السوري من حقوق، وفي مقدمها التخلص من الأسدية، شخوصا ونظاما، وتستبدلها بقراءة مجافية لها نصا وروحا، تفرضها قوة متفوّقة ترابط في قواعد عسكرية سورية، تساعدها لاحقا على بناء نظام أمن إقليمي، لن يكون من السهل إقامته، في حال نافستها دول أخرى، اقليمية أو عظمى، على سورية، أو تمكنت من تقييد دورها فيها.
والحال إن هذه المنافسة قائمة، وتمارسها إيران وأميركا: الأولى بما تنتهجه من سياسات توسع إقليمي، سورية أهم حلقاته، وتمتلكه من قوات عسكرية كبيرة فيها، جيدة التسليح والتدريب، تتوضع في مناطق واسعة منها وبجوارها، وتتوسع نحو مقربةٍ من حدود الجولان. والثانية بوجودها العسكري البري والجوي في الشمال السوري الذي يعادل الوجود الروسي في سورية، إن لم يتفوق عليه.
لا تكفي ثقة بوتين الكلامية بقدرته على اللعب بخيوط إيران وأميركا، والانفراد بالغنيمة السورية. هناك وقائع ميدانية تؤكد أن التطور لن يذهب في الاتجاه الذي يريده، وأن عقد لقاءاتٍ مع قيادات إيرانية لا يعني أنها استسلمت له، والدليل تدفق قوات من الجيش الإيراني على سورية، بعد نهاية الحرب ضد "داعش"، وصدور تصريحاتٍ عن أعلى المستويات الأمنية في طهران، تؤكد أنها التي هزمت "داعش"، ولن تفرّط بانتصارها ودلالاته المذهبية فوق السياسية، ولن تتخلى عنها أو تفرط في حمايتها، بصفتيها الدينية والدنيوية، المتجسدتين في منجز سورية الذي يعد حلقة حاسمة في معركة تاريخية، حلقتها القادمة ضد الصهاينة الذين يستحقون العقاب، لأنهم يحولون دون عودة صاحب الزمان!
في الشمال، احتلت واشنطن قرابة 30% من أرض سورية، وأقامت في جنوبها الشرقي قواعد أقامت فيها وجودا عسكريا، قال أحد جنرالاتها إنه سيستمر من عشرين إلى ثلاثين سنة. لم تضايق واشنطن موسكو في فترة الصراع العسكري، لكنها لن تسهل مهمتها في مرحلة الحل السياسي، إن كانت تريد الانفراد بها. وبالفعل، فقد أعلنت أنه لن تتم إعادة إعمار سورية، ما دام بشار الأسد في السلطة، لن تنسحب من سورية إذا لم يتفق الحل الروسي مع مصالحها.
بهذه التطورات، ينتقل الصراع من المجال السوري، ويتحول إلى مشكلة إقليمية/ دولية تختلف حساباتها جذريا عن حسابات الغزو الروسي لسورية، وأنماط الصراع التي ستشهدها، بينما يميل الأسد مرة إلى موسكو ليرفع ثمنه إيرانيا، ومرات إلى طهران، ليرغم روسيا على التمسك به في جميع الأحوال والظروف.
كيف سيخرج بوتين من وضع يضمر فخاخا ستستخدم ضده: إيرانيا، إذا حاول إخراج طهران من سورية، أو انحاز إلى سياسات واشنطن ضدها، وأميركيا عندما سيتفاوض بوتين مع واشنطن، ويكتشف أنه لم يمسك بخيوطها، وما لديه من خيوط تعتمد على قوته العسكرية لا تمكّنه من الانفراد بحلٍّ ليست تعقيداته وتشابكاته طوع بنانه، وأن عليه تقديم تنازلاتٍ كي لا تنهار خطته في المنطقة والعالم، بينما لن تتنازل واشنطن عن شيء، أو تدعوه إلى تسوياتٍ، تجعل منه ندّا لها، أو قوة عظمى، بموافقتها.
كانت مرحلة الحرب الأسهل لروسيا. مع الحل السياسي ستبدأ متاعبه التي ستكشف ما إذا كان قادرا على القفز حقا عن خياله، كما يحاول إيهامنا.