25 اغسطس 2024
عبد الحسين عبد الرضا في "تويتر"
عندما اختارَ مخترعُ "تويتر" مصطلحَ التغريد لتسمية ما يُنْشَرُ فيه من أفكار، فهو يفترض أن زُبُنَهُ كلهم مِنَ الذين غَنَّى لهم محمد عبد الوهاب "شجاني نوحك يا بلبل".. والبلبل هو الذي زعمَ صباح فخري أنه ناغى لغصن الفل، أو العصفور الذي التقى بالسيدة فيروز تحت الرمانة، ونصحها أن تضوي قنديلها في الليل. وكان يجزم أنه لن يكون بين مستخدمي "تويترِهِ" مَنْ يُولول، أو يُزَعِّق، أو يُجَعِّر.
الواقعُ أن "تويتر" جمعَ على صفحاته العلماءَ والمفكرين والعباقرة والسياسيين والإعلاميين، إضافة إلى الثرثارين والعلّاكين و(أَكَّالي الهوا) الذين يَكتبون ما يخطر ببالهم، لحظة اتخاذهم القرارَ بالـ "تغريد"، فترى الواحد منهم يمازح صديقَه بشيء لا نعرفُ خلفيته، أو يتحدّث عن هدفٍ سُجِّل في مباراة لم نَرَها، أو يقول لحبيبته إنه ما زال يحبها، أو يَعرض علينا، من دون أدنى حياء، أفكاراً تدعو إلى ازدراء الآخرين، أو إقصائهم، أو استعبادهم، أو جَلْدهم، أو قَتلهم، وتمجيد جنس الرجال، وتهميش النساء، وتحقيرهن، وأحياناً يتطاول بعضُ المغرّدين علينا أكثر، فيصدر فتوى يأمر بموجبها مريديه بأن يُكَفِّروا شخصاً ما، فيسارعون إلى تجريد الشخص المطلوب من إنسانيته، وحصره في زاويةٍ ضيقةٍ لا يستطيع الخروج منها، مؤسّسين، بذلك، أحقادا مذهبية تدوم، وتدوم.
آخر ما حُرِّرَ، في هذا الاتجاه، أن رجلاً يحمل لقباً أكاديمياً (دكتور)، اعتدى على روح الفنان الكويتي الكبير عبد الحسين عبد الرضا الذي توفي يوم 11 أغسطس/ آب الجاري، ونهانا، نحن المسلمين، عن التَرَحُّم عليه، لأنه، كما قال حرفياً: رافضيٌّ إيرانيٌّ مات على الضلالة.
ولد عبد الحسين (أبو عدنان) في الكويت سنة 1939، وبدأ نشاطه المسرحي اعتباراً من 1961، وخلال نصف قرن صار من أهم نجوم المسرح والتلفزيون في العالَم العربي، إذ لعب دور البطولة في نحو ثلاثين مسلسلاً تلفزيونياً، وثلاثين مسرحية، وستة عشر فيلماً تلفزيونياً، وعشر أوبريتات غنائية، وخمسة عشر مسلسلاً إذاعياً، وكتب عشرين عملاً فنياً، وحصل على خمس عشرة جائزة محلية وخليجية وعربية، إحداها خصصت للعمالقة الذين أغنوا الفن العربي.. واستطاع، مع نجوم كويتيين، كخالد النفيسي، وعلي المفيدي، وغانم الصالح، وسعد المفرج، وإبراهيم الصلال، أن يشكلوا حركة فنية دائمة الغليان، بينما وقفت قبالته، بنديّةٍ عالية، الفنانةُ سعاد العبد الله، ليقدما معاً واحداً من أظرف الدويتوهات الغنائية الكوميدية، ومن أشهر أعمالهما "بساط الفقر" الذي قلدا فيه أداء مطربين هنود وعراقيين ومصريين ولبنانيين، ببراعة، وخفة دم نادرة.
شكلت مصر، منذ مطلع القرن العشرين، حاضنةً كبيرة للآداب والفنون المرئية والمسموعة، وكانت هي الأقدر، بلا منازع، على تقديم الكاراكترات "الكوميدية"، كعادل إمام وسعيد صالح وفؤاد المهندس وسهير البابلي، وجاءت سورية في المرتبة الثانية فأخرجت نهاد قلعي ودريد لحام ونجاح حفيظ.. مع احتفاظنا للبنان بخصوصيته المعروفة في إنتاج المسرح الغنائي وبرامج المنوعات.. وأما بقية الدول العربية، وخصوصا الدول الصغيرة، كالكويت، فقد كان ظهور فنان كوميدي بمرتبة النجم، كحسين عبد الرضا، شيئاً مُبْهِراً. وأميل إلى الاعتقاد بأن الأسباب التي أنجحته تتعلق بموهبته الكبيرة، وتوجّهه إلى جمهور كبير يفهم لهجته وخصوصية بيئته الشعبية، هو الجمهور الخليجي، ووجود نوع من الانفتاح والنهضة السياسية والثقافية والصحافية في الكويت. (الأسباب ذاتها مَكَّنَت الفنان غانم السليطي من تحقيق نجوميته في الكوميديا لاحقاً).
لا تصلح تغريدةُ الدكتور المتزمّت الذي حكم على الفنان عبد الحسين عبد الرضا بالإقصاء، للمناقشة، فنحن نستنكر، بالطبع، عدوانَ حزب الله ذي الطبيعة المذهبية المتعصبة على الشعب السوري. وإن كنا نقف ضد عدوان نظام الولي الفقيه الإيراني علينا، فهذا لا يعني أننا نكره الشعب الإيراني.
والرحمة لروح الفنان الكبير حسين عبد الرضا.
الواقعُ أن "تويتر" جمعَ على صفحاته العلماءَ والمفكرين والعباقرة والسياسيين والإعلاميين، إضافة إلى الثرثارين والعلّاكين و(أَكَّالي الهوا) الذين يَكتبون ما يخطر ببالهم، لحظة اتخاذهم القرارَ بالـ "تغريد"، فترى الواحد منهم يمازح صديقَه بشيء لا نعرفُ خلفيته، أو يتحدّث عن هدفٍ سُجِّل في مباراة لم نَرَها، أو يقول لحبيبته إنه ما زال يحبها، أو يَعرض علينا، من دون أدنى حياء، أفكاراً تدعو إلى ازدراء الآخرين، أو إقصائهم، أو استعبادهم، أو جَلْدهم، أو قَتلهم، وتمجيد جنس الرجال، وتهميش النساء، وتحقيرهن، وأحياناً يتطاول بعضُ المغرّدين علينا أكثر، فيصدر فتوى يأمر بموجبها مريديه بأن يُكَفِّروا شخصاً ما، فيسارعون إلى تجريد الشخص المطلوب من إنسانيته، وحصره في زاويةٍ ضيقةٍ لا يستطيع الخروج منها، مؤسّسين، بذلك، أحقادا مذهبية تدوم، وتدوم.
آخر ما حُرِّرَ، في هذا الاتجاه، أن رجلاً يحمل لقباً أكاديمياً (دكتور)، اعتدى على روح الفنان الكويتي الكبير عبد الحسين عبد الرضا الذي توفي يوم 11 أغسطس/ آب الجاري، ونهانا، نحن المسلمين، عن التَرَحُّم عليه، لأنه، كما قال حرفياً: رافضيٌّ إيرانيٌّ مات على الضلالة.
ولد عبد الحسين (أبو عدنان) في الكويت سنة 1939، وبدأ نشاطه المسرحي اعتباراً من 1961، وخلال نصف قرن صار من أهم نجوم المسرح والتلفزيون في العالَم العربي، إذ لعب دور البطولة في نحو ثلاثين مسلسلاً تلفزيونياً، وثلاثين مسرحية، وستة عشر فيلماً تلفزيونياً، وعشر أوبريتات غنائية، وخمسة عشر مسلسلاً إذاعياً، وكتب عشرين عملاً فنياً، وحصل على خمس عشرة جائزة محلية وخليجية وعربية، إحداها خصصت للعمالقة الذين أغنوا الفن العربي.. واستطاع، مع نجوم كويتيين، كخالد النفيسي، وعلي المفيدي، وغانم الصالح، وسعد المفرج، وإبراهيم الصلال، أن يشكلوا حركة فنية دائمة الغليان، بينما وقفت قبالته، بنديّةٍ عالية، الفنانةُ سعاد العبد الله، ليقدما معاً واحداً من أظرف الدويتوهات الغنائية الكوميدية، ومن أشهر أعمالهما "بساط الفقر" الذي قلدا فيه أداء مطربين هنود وعراقيين ومصريين ولبنانيين، ببراعة، وخفة دم نادرة.
شكلت مصر، منذ مطلع القرن العشرين، حاضنةً كبيرة للآداب والفنون المرئية والمسموعة، وكانت هي الأقدر، بلا منازع، على تقديم الكاراكترات "الكوميدية"، كعادل إمام وسعيد صالح وفؤاد المهندس وسهير البابلي، وجاءت سورية في المرتبة الثانية فأخرجت نهاد قلعي ودريد لحام ونجاح حفيظ.. مع احتفاظنا للبنان بخصوصيته المعروفة في إنتاج المسرح الغنائي وبرامج المنوعات.. وأما بقية الدول العربية، وخصوصا الدول الصغيرة، كالكويت، فقد كان ظهور فنان كوميدي بمرتبة النجم، كحسين عبد الرضا، شيئاً مُبْهِراً. وأميل إلى الاعتقاد بأن الأسباب التي أنجحته تتعلق بموهبته الكبيرة، وتوجّهه إلى جمهور كبير يفهم لهجته وخصوصية بيئته الشعبية، هو الجمهور الخليجي، ووجود نوع من الانفتاح والنهضة السياسية والثقافية والصحافية في الكويت. (الأسباب ذاتها مَكَّنَت الفنان غانم السليطي من تحقيق نجوميته في الكوميديا لاحقاً).
لا تصلح تغريدةُ الدكتور المتزمّت الذي حكم على الفنان عبد الحسين عبد الرضا بالإقصاء، للمناقشة، فنحن نستنكر، بالطبع، عدوانَ حزب الله ذي الطبيعة المذهبية المتعصبة على الشعب السوري. وإن كنا نقف ضد عدوان نظام الولي الفقيه الإيراني علينا، فهذا لا يعني أننا نكره الشعب الإيراني.
والرحمة لروح الفنان الكبير حسين عبد الرضا.