13 فبراير 2022
السيسي رئيساً مدى الحياة
يتزايد الجدل في مصر بشأن تعديل الدستور المصري، من أجل تمديد فترة رئاسة الجنرال عبد الفتاح السيسي، كي تصبح ست سنوات بدلاً من أربع كما تنص المادة 140 من الدستور الحالي. وقد طرح النائب عن دائرة حلوان، إسماعيل نصر الدين، مقترحا بتعديل ست مواد في الدستور الحالي، منها بالطبع مادة انتخاب رئيس الجمهورية السابقة الإشارة إليها. في الوقت نفسه، يطالب بعضهم بضرورة تأجيل الانتخابات الرئاسية، بحجة أن الدولة في حالة "حرب" تستدعي التركيز وعدم الانشغال بأمورٍ مثل الانتخابات وما شابه. في حين دعت أحزاب كرتونية إلى عقد اجتماع عاجل لمناشدة السيسي ودعمه لخوض الانتخابات المقبلة.
قبل خوض السيسي الانتخابات الهزلية عام 2014، ظهرت حملات سياسية وإعلامية تترجاه المشاركة في الانتخابات، وهو الذي لم يتوان عن استغلالها، ليس من أجل خوض الانتخابات فعلياً، فقد كانت لديه النية والعزم على ذلك منذ انقلاب يوليو 2013، وإنما لاستخدامها لاحقا، مثلما يفعل في خطاباته، أداةً لإجبار مؤيديه على قبول سياساته الفاشلة اقتصاديا وأمنياً، باعتبار أنهم من طالبوه بالترشح وقبول المنصب، حسب ما يردّد دائما. لا يوجد تهديد حقيقي للسيسي فيما يخص الانتخابات المقبلة، على الأقل حالياً، ليس فقط بسبب تفسّخ المعارضة وفشلها في وضع أية استراتيجية للتغيير، وإنما أيضا لعدم وجود أي ضمانات بإجراء انتخابات حرّة ونزيهة. ولا يتعلق الأمر هنا بتزوير صناديق الاقتراع، وإنما بتزوير السياق والمناخ الذي تجري فيه الانتخابات ابتداء، فضلا عن تزوير وعي الناخبين من خلال حملات غسيل العقول التي تمارسها الأذرع الإعلامية، تحت إشراف مدير مكتب السيسي، اللواء عباس كامل، ورعايته.
ما يقلق السيسي ليس عدم إجراء الانتخابات، وإنما عدم نزول مرشح أو مرشحين آخرين أمامه ذوي حيثية داخلياً وخارجياً. فعلى الأرجح، فإن الصحفي الناصري حمدين صباحي لن يشارك في الانتخابات بعد ما حدث له في المرة الماضية حين حل ثالثاً بعد السيسي والأصوات الباطلة. صحيح أن بإمكان السيسي، ومن خلفه كامل، "تصنيع" مرشّح مخصوص من أجل الإخراج المسرحي للانتخابات، حتى لا تبدو كأنها استفتاء، ولكن سيكون ذلك بمثابة تعريةٍ أكثر لشرعية السيسي.
وما يقلق السيسي أيضا هو عزوف الناس عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، كما حدث المرة الماضية، وكان بمثابة فضيحة كبرى، باعتراف إعلامييّ السيسي، مثل توفيق عكاشة وإبراهيم عيسى، ما اضطر لجنة الانتخابات لتمديد الاقتراع يوماً إضافياً، وتهديد الناخبين بعقوبات مالية إذا لم يقوموا بالتصويت.
بيد أن أطرف ما في المعركة الحالية بشأن تعديل الدستور هو موقف أولئك النفر من مثقفي النظام وسدنته الذين كتبوه وصاغوه بعد انقلاب يوليو، والذين يدافعون عن نصوصه الآن بطريقة تثير الضحك والغثيان في الوقت نفسه. فقد كتب أحدهم قبل فترة أن "اللعب بالدستور كاللعب بالنار". صاحبنا هذا لم يحرّكه سجن الآلاف وقتل المئات، يحذّر الآن من المساس بالدستور، لا لشيء سوى أنه كان أحد المشاركين في لجنة كتابته، ومن أكثر مروّجيه، خصوصا في الدوائر الغربية. فالدستور تم انتهاكه عشرات المرات، وفي مواضع أخرى كثيرة، تتعلق بحق التظاهر وبالحريات الشخصية والسياسية وبمحاسبة الفاسدين... إلخ، لكن ذلك لم يحرك فيه ساكناً. بينما انتفض دفاعا عن باب النظام السياسي في الدستور الذي لعب دوراً مهما، حسب زعمه، في صياغة مواده. إلى هذه الدرجة وصلت الازدواجية والانحطاط في خطاب النخبة المصرية ورموزها الذين أصابهم العمى السياسي، والذين يتجاهلهم السيسي، بعدما انقلب عليهم بعد أن دعموه وساندوه، فكان أن خسروا كل شيء. ولم يعد أمام هؤلاء سوى أن يعلنوا "السيسي رئيساً مدى الحياة"، فلربما يرضى عنهم، ولن يرضى.
قبل خوض السيسي الانتخابات الهزلية عام 2014، ظهرت حملات سياسية وإعلامية تترجاه المشاركة في الانتخابات، وهو الذي لم يتوان عن استغلالها، ليس من أجل خوض الانتخابات فعلياً، فقد كانت لديه النية والعزم على ذلك منذ انقلاب يوليو 2013، وإنما لاستخدامها لاحقا، مثلما يفعل في خطاباته، أداةً لإجبار مؤيديه على قبول سياساته الفاشلة اقتصاديا وأمنياً، باعتبار أنهم من طالبوه بالترشح وقبول المنصب، حسب ما يردّد دائما. لا يوجد تهديد حقيقي للسيسي فيما يخص الانتخابات المقبلة، على الأقل حالياً، ليس فقط بسبب تفسّخ المعارضة وفشلها في وضع أية استراتيجية للتغيير، وإنما أيضا لعدم وجود أي ضمانات بإجراء انتخابات حرّة ونزيهة. ولا يتعلق الأمر هنا بتزوير صناديق الاقتراع، وإنما بتزوير السياق والمناخ الذي تجري فيه الانتخابات ابتداء، فضلا عن تزوير وعي الناخبين من خلال حملات غسيل العقول التي تمارسها الأذرع الإعلامية، تحت إشراف مدير مكتب السيسي، اللواء عباس كامل، ورعايته.
ما يقلق السيسي ليس عدم إجراء الانتخابات، وإنما عدم نزول مرشح أو مرشحين آخرين أمامه ذوي حيثية داخلياً وخارجياً. فعلى الأرجح، فإن الصحفي الناصري حمدين صباحي لن يشارك في الانتخابات بعد ما حدث له في المرة الماضية حين حل ثالثاً بعد السيسي والأصوات الباطلة. صحيح أن بإمكان السيسي، ومن خلفه كامل، "تصنيع" مرشّح مخصوص من أجل الإخراج المسرحي للانتخابات، حتى لا تبدو كأنها استفتاء، ولكن سيكون ذلك بمثابة تعريةٍ أكثر لشرعية السيسي.
وما يقلق السيسي أيضا هو عزوف الناس عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، كما حدث المرة الماضية، وكان بمثابة فضيحة كبرى، باعتراف إعلامييّ السيسي، مثل توفيق عكاشة وإبراهيم عيسى، ما اضطر لجنة الانتخابات لتمديد الاقتراع يوماً إضافياً، وتهديد الناخبين بعقوبات مالية إذا لم يقوموا بالتصويت.
بيد أن أطرف ما في المعركة الحالية بشأن تعديل الدستور هو موقف أولئك النفر من مثقفي النظام وسدنته الذين كتبوه وصاغوه بعد انقلاب يوليو، والذين يدافعون عن نصوصه الآن بطريقة تثير الضحك والغثيان في الوقت نفسه. فقد كتب أحدهم قبل فترة أن "اللعب بالدستور كاللعب بالنار". صاحبنا هذا لم يحرّكه سجن الآلاف وقتل المئات، يحذّر الآن من المساس بالدستور، لا لشيء سوى أنه كان أحد المشاركين في لجنة كتابته، ومن أكثر مروّجيه، خصوصا في الدوائر الغربية. فالدستور تم انتهاكه عشرات المرات، وفي مواضع أخرى كثيرة، تتعلق بحق التظاهر وبالحريات الشخصية والسياسية وبمحاسبة الفاسدين... إلخ، لكن ذلك لم يحرك فيه ساكناً. بينما انتفض دفاعا عن باب النظام السياسي في الدستور الذي لعب دوراً مهما، حسب زعمه، في صياغة مواده. إلى هذه الدرجة وصلت الازدواجية والانحطاط في خطاب النخبة المصرية ورموزها الذين أصابهم العمى السياسي، والذين يتجاهلهم السيسي، بعدما انقلب عليهم بعد أن دعموه وساندوه، فكان أن خسروا كل شيء. ولم يعد أمام هؤلاء سوى أن يعلنوا "السيسي رئيساً مدى الحياة"، فلربما يرضى عنهم، ولن يرضى.