07 نوفمبر 2024
ديمقراطية بالأرانب وانتخابات بالباشميل
أحمد عمر
كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."
وهو يمارس واجبه وحقه، ذكر عادل إمام المكرونة والباشميل للمشرفة البدينة على الانتخابات الدسمة، لكنَّ الجملة الأطرف التي قالها، وهو يتلفت حوله في الربع الخالي: هو ما فيش حد غيري؟ وهي جملة قالها قديماً في إحدى مسرحياته التي تصيب المرء بالبدانة، لأنها بالباشميل، فكاد أن يكون ثائراً.
الحق والواجب يتخاصمان أحياناً، مثل الأمعاء في بطن الانتخاب، ومعنى جمع الواجب والحق في سرير واحد هو: ممنوع الغياب عن الانتخابات، من أجل العرس الديمقراطي الوثير. الغرض من جلب الرعية إلى الصناديق بوجبات الترغيب، وغرامات الترهيب، هو تكبير "مولد سيسي العريان"، وعولمة العرس، وإيهام العالم بأن العريس دكر، ولا ذكور في مصر، فقتلهم من عهد فرعون موسى سنّة واجبة، ولها طرق عدّة، إحداها: محاربة الإرهاب.
وكنت قد شاركت في انتخابات سورية كثيرة، أكثر من المعارك التي شارك بها البطل خالد بن الوليد، وهي ليست بالانتخاب ولا بالاستفتاء أيضاً، لأن حق قولة "لا" ممنوع، وقول "نعم" واجب، ولعل اسم "الاستغباء" أولى من "الاستفتاء"، و"الانتخاء" أولى من "الانتخاب"، فلم أجرؤ على قول "لا" في أيٍّ منها، فعشت كما يعيش البعير، فلا بكت أعين المنتحبين.
تَذَكّرْتُ أهْلي الصّالحينَ وَقد أتَتْ، على خملى خوصُ الركابِ وأوجرا. وتذكرت انتخابات 2012 في مصر، فآلمتني معدتي، من حرب الواجب مع الحق. وعندما سقط حسني مبارك، كتبت سيناريو فيلم قصير، مدته دقيقة، يركض فيها مصري مقيم في أوروبا، فرحاً بسقوط مبارك غير مصدّق، يركض مدهوشاً، ويتعثر بالأبواب الزجاجية والطاولات من شدة الفرح، ويصيح فرحاً: "مبارك سقط"، ثم يسقط ميتاً من الفرح، وهو يقول جملة الممثل المصري مظهر أبو النجا: يا حلاوة. وكانت الشعوب العربية كلها تتابع عدّادات التصويت على الشاشات صوتاً صوتاً، وتشاهد السباق بين 13 متنافساً، وهي تضبح كالخيول العاديات، وكأن الأقطار العربية كلها تركض، فمصر قلب العالمين، الإسلامي والعربي، وقد أدرك هذا، الشرق والغرب، فكادوا لها مكيدة كبيرة، وقعنا فيها جميعاً. ولم نرَ في تلك الانتخابات الفريدة، عادل إمام، ولا إسماعيل ياسين، الناس كلها صارت زعماء، وقتها كتب مواطن مصري على ظهره: أنا رئيس جمهورية نفسي.
وفي الانتخابات السورية، كنت أحسد الدول الملكية، فشعوبها معفيةٌ من حل معادلة "التصويت حق وواجب" وجمعهما على "وسادة خالية"، ومن السوق كالأغنام إلى توابيت الصناديق، ومن هدر الأموال على أعراس ديمقراطية، الزوج فيها آخر من يعلم، بأن زوجته تزفّ إلى عتريس، وزواجه باطل، ومن الطبل والزمر، ومن مسيرات النفاق، ومن سباق الرقص، فألعن الساعة التي عرفت فيها الديمقراطية.
كنا ارتحنا من شطحات المحللين السياسيين الصوفية، ومن ذلك تحليل أحد "الشطّيحة"، وهم أخوة الشبّيحة الأشرين، أنّ الانتخابات الرئاسية في مصر منافسة "محتدمة" بين اثنين من مرشحي الداخل، هما عبد الفتاح السيسي وشخص اسمه يشبه الرصة المزدوجة. أما في الحقيقة، فهم عشرة منافسين في الخارج، هم أردوغان، وأمير قطر، ومحمد بديع، وخامنئي، ونتنياهو، وترامب، والبغدادي.. والعالم كله. ولو صدق "الشطّيح" السياسي لذكر منافس الرئيس الحقيقي، وهو: الآنسة صافيناز.
أما حكاية الرئيس، والعالم كله، فهي شائعة في أم الدنيا، وبلاد المؤامرة الكونية. الأسد أمس في الغوطة قال للجنود: كل متر تحرّرونه هو متر من العالم المحتل، والعالم الذي تحدث عنه الأسد، هو العالم نفسه الذي أطلق فيه النمر "نظرية العالم" الشهيرة، والذي سيكون ذات يوم سؤالاً في إحدى مسابقات من يربح المليون: كم مرة ذكر النمر العالم في نظرية العالم. والسيسي أيضاً قال إنه يحارب الإرهاب نيابة عن العالم.
انتخاباتنا عالمية، بل عوالم، ولابد أنّ الواحد منا عندما ينتخب، فإنه ينتخب عن ولاية مثل ولاية نيويورك، صوته بمليون صوت.
إسماعيل ياسين كان صوته الانتخابي بمائة صوت، لمّا مارس واجبه وحقه الانتخابي العاطفي، ونرى البرهان في إعلان الحبيب المجهول الدستوري عندما غنّى: وحبيبي لو غاب يوم عني أرقع ميت صوت.
100 صوت مرة واحدة في صندوق أم الدنيا.
الحق والواجب يتخاصمان أحياناً، مثل الأمعاء في بطن الانتخاب، ومعنى جمع الواجب والحق في سرير واحد هو: ممنوع الغياب عن الانتخابات، من أجل العرس الديمقراطي الوثير. الغرض من جلب الرعية إلى الصناديق بوجبات الترغيب، وغرامات الترهيب، هو تكبير "مولد سيسي العريان"، وعولمة العرس، وإيهام العالم بأن العريس دكر، ولا ذكور في مصر، فقتلهم من عهد فرعون موسى سنّة واجبة، ولها طرق عدّة، إحداها: محاربة الإرهاب.
وكنت قد شاركت في انتخابات سورية كثيرة، أكثر من المعارك التي شارك بها البطل خالد بن الوليد، وهي ليست بالانتخاب ولا بالاستفتاء أيضاً، لأن حق قولة "لا" ممنوع، وقول "نعم" واجب، ولعل اسم "الاستغباء" أولى من "الاستفتاء"، و"الانتخاء" أولى من "الانتخاب"، فلم أجرؤ على قول "لا" في أيٍّ منها، فعشت كما يعيش البعير، فلا بكت أعين المنتحبين.
تَذَكّرْتُ أهْلي الصّالحينَ وَقد أتَتْ، على خملى خوصُ الركابِ وأوجرا. وتذكرت انتخابات 2012 في مصر، فآلمتني معدتي، من حرب الواجب مع الحق. وعندما سقط حسني مبارك، كتبت سيناريو فيلم قصير، مدته دقيقة، يركض فيها مصري مقيم في أوروبا، فرحاً بسقوط مبارك غير مصدّق، يركض مدهوشاً، ويتعثر بالأبواب الزجاجية والطاولات من شدة الفرح، ويصيح فرحاً: "مبارك سقط"، ثم يسقط ميتاً من الفرح، وهو يقول جملة الممثل المصري مظهر أبو النجا: يا حلاوة. وكانت الشعوب العربية كلها تتابع عدّادات التصويت على الشاشات صوتاً صوتاً، وتشاهد السباق بين 13 متنافساً، وهي تضبح كالخيول العاديات، وكأن الأقطار العربية كلها تركض، فمصر قلب العالمين، الإسلامي والعربي، وقد أدرك هذا، الشرق والغرب، فكادوا لها مكيدة كبيرة، وقعنا فيها جميعاً. ولم نرَ في تلك الانتخابات الفريدة، عادل إمام، ولا إسماعيل ياسين، الناس كلها صارت زعماء، وقتها كتب مواطن مصري على ظهره: أنا رئيس جمهورية نفسي.
وفي الانتخابات السورية، كنت أحسد الدول الملكية، فشعوبها معفيةٌ من حل معادلة "التصويت حق وواجب" وجمعهما على "وسادة خالية"، ومن السوق كالأغنام إلى توابيت الصناديق، ومن هدر الأموال على أعراس ديمقراطية، الزوج فيها آخر من يعلم، بأن زوجته تزفّ إلى عتريس، وزواجه باطل، ومن الطبل والزمر، ومن مسيرات النفاق، ومن سباق الرقص، فألعن الساعة التي عرفت فيها الديمقراطية.
كنا ارتحنا من شطحات المحللين السياسيين الصوفية، ومن ذلك تحليل أحد "الشطّيحة"، وهم أخوة الشبّيحة الأشرين، أنّ الانتخابات الرئاسية في مصر منافسة "محتدمة" بين اثنين من مرشحي الداخل، هما عبد الفتاح السيسي وشخص اسمه يشبه الرصة المزدوجة. أما في الحقيقة، فهم عشرة منافسين في الخارج، هم أردوغان، وأمير قطر، ومحمد بديع، وخامنئي، ونتنياهو، وترامب، والبغدادي.. والعالم كله. ولو صدق "الشطّيح" السياسي لذكر منافس الرئيس الحقيقي، وهو: الآنسة صافيناز.
أما حكاية الرئيس، والعالم كله، فهي شائعة في أم الدنيا، وبلاد المؤامرة الكونية. الأسد أمس في الغوطة قال للجنود: كل متر تحرّرونه هو متر من العالم المحتل، والعالم الذي تحدث عنه الأسد، هو العالم نفسه الذي أطلق فيه النمر "نظرية العالم" الشهيرة، والذي سيكون ذات يوم سؤالاً في إحدى مسابقات من يربح المليون: كم مرة ذكر النمر العالم في نظرية العالم. والسيسي أيضاً قال إنه يحارب الإرهاب نيابة عن العالم.
انتخاباتنا عالمية، بل عوالم، ولابد أنّ الواحد منا عندما ينتخب، فإنه ينتخب عن ولاية مثل ولاية نيويورك، صوته بمليون صوت.
إسماعيل ياسين كان صوته الانتخابي بمائة صوت، لمّا مارس واجبه وحقه الانتخابي العاطفي، ونرى البرهان في إعلان الحبيب المجهول الدستوري عندما غنّى: وحبيبي لو غاب يوم عني أرقع ميت صوت.
100 صوت مرة واحدة في صندوق أم الدنيا.
دلالات
أحمد عمر
كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."
أحمد عمر
مقالات أخرى
24 أكتوبر 2024
10 أكتوبر 2024
26 سبتمبر 2024