24 أكتوبر 2024
آن للفلسطينيين أن يقولوا لا للسلطتين
أصبحت مراجعة الواقع الفلسطيني والأداء السياسي الفلسطيني على الصعد كافة، والنظر إلى الواقع الفلسطيني بعيون مفتوحة ضرورة عاجلة وملحة، فأي مراجعة تحليلية تجعلنا ندرك أن هناك من الخلل في الأداء السياسي الفلسطيني للسلطتين في قطاع غزة والضفة الغربية ومكوناتهما السياسية، ولمجمل النظام السياسي الفلسطيني، ما يجعل أي إصلاح لا معنى له، ولا يُخرج الوضع الفلسطيني من مأزقه الخانق، فالخلل في كل البنية السياسية للأحزاب والفصائل، بكل تلاوينها السياسية، وفي آلية العمل السياسي الفلسطيني ذاتها، هذه البنية عاجزة عن القيام بالدور التاريخي الذي يقع على عاتقها، فكل الطيف السياسي الفلسطيني عاجز عن التصدي لسياسات الزحف الاستيطاني الشرس على الأراضي الفلسطينية، وعاجز عن أن يدير معركة احتجاجية متكاملة للتصدي له، وكل ما يقوم به هو بيانات التنديد التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
وعلى الصعيد الداخلي، ما تزال الأوضاع في تردٍّ مستمرٍ، وما تزال المهمة الأساسية للسلطة هي تأمين الرواتب للموظفين، بوصفها قضية القضايا، ففي وقت تشتكي السلطة من شح الأموال، يستشري الفساد في كل مفاصل السلطة، وكل الكلام عن إقامة هياكل الدولة ذهب أدراج الريح. ولأن كلاً من السلطتين في غزة والضفة تعتبران نفسيهما هما اللتان تمّنان على الفلسطينيين بالرواتب التي يتقاضاها الموظفون، لذلك تعتبر نفسها فوق المحاسبة والمراقبة. واستمرأت السلطتان غياب المؤسسات التشريعية كمرجعية، وأصبحت الأدوات التنفيذية هي الحاكمة المطلقة، من دون رقابة، لا سياسية ولا تشريعية ولا قضائية ولا شعبية، وأصبح القمع في غزة والضفة الغربية جزءاً أساسياً من آلية العمل السياسي، وبات عيش الفلسطيني منّة من السلطان.
وأصبح التلطي وراء شعارات غير قابلة للتحقيق هو السائد في الساحة الفلسطينية، وهو من باب تأكيد الوجود، على أساس أن هذا التأكيد هو الوظيفة التاريخية التي تقوم بها السلطة
والفصيل، فالسلطة في غزة تدّعي "المقاومة"، وهي التي أوقفتها، وذهبت إلى التوصل إلى تفاهماتٍ وهدنة مع الاحتلال! أما السلطة في رام الله فتدّعي أن خيار "المفاوضات" هو الطريق الموصل إلى حقوق الفلسطينيين التاريخية، على الرغم من كل الدمار الذي تعرّضت له العملية التفاوضية على يد إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية. وعلى الرغم من كل الكلام الانتقادي من السلطة للولايات المتحدة، بعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، إلا أنه ليس هناك أية مراجعة جدية لمسار السلطة السياسي، والكارثة التي أوصلت إليها الوضع الفلسطيني.
على الرغم من أن هذا الخيار فشل على مدى الـ 27 عاماً المنصرمة، حيث الاحتلال ما زال يرزح على صدور الفلسطينيين، بعد أن تخلص من التجمعات السكانية الكبيرة في الضفة الغربية وعبئها الأمني، وأحالها إلى السلطة الفلسطينية، وأطلق حملة استيطان مسعورة في الضفة الغربية. والكل يعرف، بما فيهم المنادون بخيار المفاوضات، أن مصيره الفشل، لأن الإسرائيليين لن يقدّموا الحل الوطني للفلسطينيين على طبق من ذهب. وأصحاب خيار "المفاوضات" لا يريدون لهذه المفاوضات حاملا نضاليا شعبيا ضاغطا على الاحتلال، يعمل على فضح آليات الاحتلال وجرائمه ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، وبذلك يُبقي خيار المفاوضات خيار من هم في السلطة لأنه يبقيهم في أماكنهم.
لا يقتصر الفشل الذريع للسلطتين على مستوى الأهداف الوطنية، بل ساهمت القوى السياسية المكونة للسلطتين في تمزيق وحدة الشعب الفلسطيني، والتعامل معه بوصفه قبائل وتجمعات سكانية، وليس شعباً واحداً، هذا لا يقتصر على فصل القطاع عن الضفة، ومعاقبة غزة مالياً من السلطة في الضفة. بل وحتى بالأداء السياسي المتعلق باللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، وكان الأداء السياسي للطرفين في ظل محنة اللاجئين الفلسطينيين في سورية مثالاً كارثياً بامتياز فكانت سياسة النأي عن الصراع في سورية تعني عملياً سياسة النأي عن التجمع الفلسطيني هناك، وعن آلامه وضحاياه التي فاقت كل تصور. تهافتت حركة "فتح" التي تريد تحقيق أي إنجاز سياسي في مواجهة "حماس"، على العلاقة مع النظام السوري، من دون أن تلتفت إلى الجريمة التي يرتكبها النظام بحق شعبه، وبحق الفلسطينيين هناك.
والمفارقة الساخرة، صمت السلطة وحركة حماس عن التدمير المروّع الذي تعرض له مخيم
اليرموك وغيره من مخيمات سورية تحت سمعهما وبصرهما، في الوقت الذي تتغزّل فيه قيادة فتح بالرئيس السوري "المتألق"!! من الجهة الأخرى، تنأى حركة حماس بنفسها عن الشعب الفلسطيني في سورية، وتحاول إعادة العلاقة المالية مع إيران، ما يجعلها أيضاً تقترب من النظام السوري، لأنها تحتاج إلى مساعدات إيران للخروج من أزمتها المالية، فتغازلها على حساب الدم الفلسطيني والسوري في سورية!.
لكل هذه الكوارث ولغيرها الكثير المسؤولة عنه الفصائل الفلسطينية، آن للفلسطينيين أن يقولوا: لا لكل هذه السياسات المدمرة والمكرّسة لتفتت الشعب الفلسطيني. .. آن للحراك السياسي أن يتجاوز شعارات إنهاء الانقسام الذي يحقق مصالح هذه الفصائل، وكل الحديث عن المصالحة شعارات كاذبة، يشترون بها الوقت، ويترك التحرّك السياسي والقرار السياسي بيد القوى صانعة الانقسام والمستفيدة من الأوضاع القائمة.
آن الأوان للفلسطينيين أن يقولوا: لا للأوضاع الكارثية التي وصلنا إليها، لا للاحتلال، ولا للفصائل التي فشلت في صياغة سياسات مقاومة للاحتلال، لا لسلطات فوق المراقبة والمحاسبة، لا لجعل الإنسان وسيلة لهدف، مكانة الإنسان الفلسطيني بمكانة الوطن فالوطن هو الإنسان.
اليوم، تقع كل هذه المهمات حزمة واحدة وثقيلة على عاتق الشباب الفلسطيني الذي عليه أن يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، فالشباب حامل المشروع الوطني، وتقع على عاتقهم إعادة صياغته، وهم حامل مشروع المقاومة المبدعة في مواجهة الاحتلال، وهم حامل مشروع إعادة الحقوق إلى أصحابها من شاغلي السلطات، فالمسؤول موظف عند الشعب، وليس الشعب موظفاً عند المسؤول. وأخيراً، تقع عليهم المهمة الأكبر بإعادة صناعة الشعب الفلسطيني والمشروع والحلم الفلسطيني، كشعب واحد في كل أماكن وجوده. هذا الشعب الذي يشكل الحامل الرئيسي للمشروع الوطني الفلسطيني، والذي لا يمكن أن يستقيم إلا برفع شعار: الشعب يريد رحيل السلطتين.
وعلى الصعيد الداخلي، ما تزال الأوضاع في تردٍّ مستمرٍ، وما تزال المهمة الأساسية للسلطة هي تأمين الرواتب للموظفين، بوصفها قضية القضايا، ففي وقت تشتكي السلطة من شح الأموال، يستشري الفساد في كل مفاصل السلطة، وكل الكلام عن إقامة هياكل الدولة ذهب أدراج الريح. ولأن كلاً من السلطتين في غزة والضفة تعتبران نفسيهما هما اللتان تمّنان على الفلسطينيين بالرواتب التي يتقاضاها الموظفون، لذلك تعتبر نفسها فوق المحاسبة والمراقبة. واستمرأت السلطتان غياب المؤسسات التشريعية كمرجعية، وأصبحت الأدوات التنفيذية هي الحاكمة المطلقة، من دون رقابة، لا سياسية ولا تشريعية ولا قضائية ولا شعبية، وأصبح القمع في غزة والضفة الغربية جزءاً أساسياً من آلية العمل السياسي، وبات عيش الفلسطيني منّة من السلطان.
وأصبح التلطي وراء شعارات غير قابلة للتحقيق هو السائد في الساحة الفلسطينية، وهو من باب تأكيد الوجود، على أساس أن هذا التأكيد هو الوظيفة التاريخية التي تقوم بها السلطة
على الرغم من أن هذا الخيار فشل على مدى الـ 27 عاماً المنصرمة، حيث الاحتلال ما زال يرزح على صدور الفلسطينيين، بعد أن تخلص من التجمعات السكانية الكبيرة في الضفة الغربية وعبئها الأمني، وأحالها إلى السلطة الفلسطينية، وأطلق حملة استيطان مسعورة في الضفة الغربية. والكل يعرف، بما فيهم المنادون بخيار المفاوضات، أن مصيره الفشل، لأن الإسرائيليين لن يقدّموا الحل الوطني للفلسطينيين على طبق من ذهب. وأصحاب خيار "المفاوضات" لا يريدون لهذه المفاوضات حاملا نضاليا شعبيا ضاغطا على الاحتلال، يعمل على فضح آليات الاحتلال وجرائمه ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، وبذلك يُبقي خيار المفاوضات خيار من هم في السلطة لأنه يبقيهم في أماكنهم.
لا يقتصر الفشل الذريع للسلطتين على مستوى الأهداف الوطنية، بل ساهمت القوى السياسية المكونة للسلطتين في تمزيق وحدة الشعب الفلسطيني، والتعامل معه بوصفه قبائل وتجمعات سكانية، وليس شعباً واحداً، هذا لا يقتصر على فصل القطاع عن الضفة، ومعاقبة غزة مالياً من السلطة في الضفة. بل وحتى بالأداء السياسي المتعلق باللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، وكان الأداء السياسي للطرفين في ظل محنة اللاجئين الفلسطينيين في سورية مثالاً كارثياً بامتياز فكانت سياسة النأي عن الصراع في سورية تعني عملياً سياسة النأي عن التجمع الفلسطيني هناك، وعن آلامه وضحاياه التي فاقت كل تصور. تهافتت حركة "فتح" التي تريد تحقيق أي إنجاز سياسي في مواجهة "حماس"، على العلاقة مع النظام السوري، من دون أن تلتفت إلى الجريمة التي يرتكبها النظام بحق شعبه، وبحق الفلسطينيين هناك.
والمفارقة الساخرة، صمت السلطة وحركة حماس عن التدمير المروّع الذي تعرض له مخيم
لكل هذه الكوارث ولغيرها الكثير المسؤولة عنه الفصائل الفلسطينية، آن للفلسطينيين أن يقولوا: لا لكل هذه السياسات المدمرة والمكرّسة لتفتت الشعب الفلسطيني. .. آن للحراك السياسي أن يتجاوز شعارات إنهاء الانقسام الذي يحقق مصالح هذه الفصائل، وكل الحديث عن المصالحة شعارات كاذبة، يشترون بها الوقت، ويترك التحرّك السياسي والقرار السياسي بيد القوى صانعة الانقسام والمستفيدة من الأوضاع القائمة.
آن الأوان للفلسطينيين أن يقولوا: لا للأوضاع الكارثية التي وصلنا إليها، لا للاحتلال، ولا للفصائل التي فشلت في صياغة سياسات مقاومة للاحتلال، لا لسلطات فوق المراقبة والمحاسبة، لا لجعل الإنسان وسيلة لهدف، مكانة الإنسان الفلسطيني بمكانة الوطن فالوطن هو الإنسان.
اليوم، تقع كل هذه المهمات حزمة واحدة وثقيلة على عاتق الشباب الفلسطيني الذي عليه أن يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، فالشباب حامل المشروع الوطني، وتقع على عاتقهم إعادة صياغته، وهم حامل مشروع المقاومة المبدعة في مواجهة الاحتلال، وهم حامل مشروع إعادة الحقوق إلى أصحابها من شاغلي السلطات، فالمسؤول موظف عند الشعب، وليس الشعب موظفاً عند المسؤول. وأخيراً، تقع عليهم المهمة الأكبر بإعادة صناعة الشعب الفلسطيني والمشروع والحلم الفلسطيني، كشعب واحد في كل أماكن وجوده. هذا الشعب الذي يشكل الحامل الرئيسي للمشروع الوطني الفلسطيني، والذي لا يمكن أن يستقيم إلا برفع شعار: الشعب يريد رحيل السلطتين.