03 نوفمبر 2024
صفقة ترامب إيران
تبدو إيران الآن بالنسبة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وفريقه السياسي، الهدف رقم واحد، وقد أطيح وزير الخارجية الأميركي السابق، ريكس تيلرسون، ثمناً لبقاء الملف الإيراني مشتعلاً، ومن عبَّر عن المهمة الأميركية المقبلة هو الوزير الحالي، مايك بومبيو الذي أجاب على سؤال أحد الصحافيين بأن الهدف الأول لأميركا الآن هو إيران، أما سورية فليست في مقدمة أولوياتنا. ويوضح هذا التصريح كيف تشعر أميركا حيال إيران، ولكن إلى أي مدى يمكن أن يذهب ترامب في محاربة إيران، وهناك مستويات سياسية ودبلوماسية، وحتى عسكرية، يمكن الوصول إليها؟ في المستوى الأول، إبعادها عن حدود دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو مطلب إسرائيلي وسعودي أيضاً، والثاني إخراجها من كل سورية، والثالث تجريدها من كل مناطق نفوذها فضلاً عن سورية، وتحجيمها داخل حدودها الدولية، وهي رغبة أميركية وحلم سعودي، ويبقى إسقاط نظامها السياسي خياراً يقع في مناطق شائكة، قد تجرّ محاذير كبيرة، لكن السعودية لا تمانع في ذلك، بينما لا تجد أميركا ضرورةً للوصول إلى هذه المرحلة.
حين يزور ترامب روسيا، ستحتل إيران جانباً كبيراً من الزيارة، بالإضافة إلى مناقشة العقوبات الأميركية وضم القرم، وقد تناقش كل هذه الموضوعات حزمة واحدة، يمكن أن تشكل بالمعنى السياسي صفقة كبرى.
يغادر رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، موسكو قبل ساعات من لقاء ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وكان أكبر مستشار سياسي للمرشد الأعلى الإيراني، علي أكبر ولايتي، قد غادر العاصمة الروسية قبل وصول نتنياهو إليها بقليل. ويحمل هذا التتابع واحدا من وجوه الصفقة، والتي تبدو روسيا محوراً لها، وقد احتضنت موسكو كل هذه الشخصيات خلال أيام قليلة.
ومن الواضح أن المطلوب هو انحسار إيراني بأي ثمن. وكانت روسيا قد أطلقت بالون اختبار بشأن النقطة نفسها، قبل فترة، وهو تصريح خاطف، يطالب جميع القوات الموجودة في سورية بالمغادرة. جاء الرد الإيراني سريعاً، بأن وجودها شرعي، بطلب من الحكومة الرسمية، وانطفأ كل شيء. وتوحي سهولة دخول جيش النظام إلى درعا بوجود اتفاق أعمق من اجتماعات الروس مع قادة فصائل الجنوب، فقد كان في وسع دوريات المراقبة الإسرائيلية أن تسمع صرير مدرعات جيش النظام على الطرف الآخر من الحدود. ويفهم مما حدث أن كل ما له صلة بإيران كان بعيداً عن القوات التي دخلت درعا، وسواء كان ذلك صحيحاً أم خاطئاً، فرسمياً لا يوجد إيرانيون قرب الحدود "الإسرائيلية"، وهو مؤشر يعطي مقدمات لنتائج جيدة للإسرائيليين، قد تخرج من تسلسل اللقاءات بين كل أولئك في موسكو.
على الرغم من انتصارات نظام الأسد المتلاحقة، والتي قلصت مناطق المعارضة إلى إدلب فقط، وجيب أخير في الجنوب السوري، إلا أن الحرب غير محسومة، فالأسد غير قادر بقواته الحالية على الإمساك بما لديه، وهو بحاجة "وجودية" إلى الدعم الجوي الروسي الدائم، وخصوصا الكتائب الإيرانية، أو المليشيات التابعة لها، والتي يطلق عليها القوات المتحالفة مع الجيش. ويدرك بوتين ذلك تماماً، ويبدو مرتاحاً للوعد الذي قطعه نتنياهو بأن إسرائيل لن تعمل على زحزحة الأسد. وهنا تبدو الفكرتان متعارضتين، فلن يكون نظام الأسد مستقراً من دون عون عسكري إيراني كبير على الأرض. ويحتاج بوتين إلى مزيد من التدبير للخروج من هذا المأزق، ويمكن أن يشكل إبعاد إيران وحلفائها عن الجنوب مسافة كافية حلاً معقولاً، قد تقبل به إسرائيل مع الاحتفاظ "بحقها" في ضرب ما تجده مناسباً لها داخل سورية وبموافقة روسية، على أن تبقى إيران في الداخل، ويحصل النظام على سيطرةٍ رخوةٍ على الجنوب، تُبقي له العلم، ووجودا في المؤسسات الحكومية، وبعض الصور على المعابر والمداخل الدولية، وتجمدا في الموقف السياسي، يتيح لترامب ابتزاز مزيد من كل الأطراف. وبهذا المعنى، لا تكون الصفقة كبرى، إلا لترامب نفسه.
حين يزور ترامب روسيا، ستحتل إيران جانباً كبيراً من الزيارة، بالإضافة إلى مناقشة العقوبات الأميركية وضم القرم، وقد تناقش كل هذه الموضوعات حزمة واحدة، يمكن أن تشكل بالمعنى السياسي صفقة كبرى.
يغادر رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، موسكو قبل ساعات من لقاء ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وكان أكبر مستشار سياسي للمرشد الأعلى الإيراني، علي أكبر ولايتي، قد غادر العاصمة الروسية قبل وصول نتنياهو إليها بقليل. ويحمل هذا التتابع واحدا من وجوه الصفقة، والتي تبدو روسيا محوراً لها، وقد احتضنت موسكو كل هذه الشخصيات خلال أيام قليلة.
ومن الواضح أن المطلوب هو انحسار إيراني بأي ثمن. وكانت روسيا قد أطلقت بالون اختبار بشأن النقطة نفسها، قبل فترة، وهو تصريح خاطف، يطالب جميع القوات الموجودة في سورية بالمغادرة. جاء الرد الإيراني سريعاً، بأن وجودها شرعي، بطلب من الحكومة الرسمية، وانطفأ كل شيء. وتوحي سهولة دخول جيش النظام إلى درعا بوجود اتفاق أعمق من اجتماعات الروس مع قادة فصائل الجنوب، فقد كان في وسع دوريات المراقبة الإسرائيلية أن تسمع صرير مدرعات جيش النظام على الطرف الآخر من الحدود. ويفهم مما حدث أن كل ما له صلة بإيران كان بعيداً عن القوات التي دخلت درعا، وسواء كان ذلك صحيحاً أم خاطئاً، فرسمياً لا يوجد إيرانيون قرب الحدود "الإسرائيلية"، وهو مؤشر يعطي مقدمات لنتائج جيدة للإسرائيليين، قد تخرج من تسلسل اللقاءات بين كل أولئك في موسكو.
على الرغم من انتصارات نظام الأسد المتلاحقة، والتي قلصت مناطق المعارضة إلى إدلب فقط، وجيب أخير في الجنوب السوري، إلا أن الحرب غير محسومة، فالأسد غير قادر بقواته الحالية على الإمساك بما لديه، وهو بحاجة "وجودية" إلى الدعم الجوي الروسي الدائم، وخصوصا الكتائب الإيرانية، أو المليشيات التابعة لها، والتي يطلق عليها القوات المتحالفة مع الجيش. ويدرك بوتين ذلك تماماً، ويبدو مرتاحاً للوعد الذي قطعه نتنياهو بأن إسرائيل لن تعمل على زحزحة الأسد. وهنا تبدو الفكرتان متعارضتين، فلن يكون نظام الأسد مستقراً من دون عون عسكري إيراني كبير على الأرض. ويحتاج بوتين إلى مزيد من التدبير للخروج من هذا المأزق، ويمكن أن يشكل إبعاد إيران وحلفائها عن الجنوب مسافة كافية حلاً معقولاً، قد تقبل به إسرائيل مع الاحتفاظ "بحقها" في ضرب ما تجده مناسباً لها داخل سورية وبموافقة روسية، على أن تبقى إيران في الداخل، ويحصل النظام على سيطرةٍ رخوةٍ على الجنوب، تُبقي له العلم، ووجودا في المؤسسات الحكومية، وبعض الصور على المعابر والمداخل الدولية، وتجمدا في الموقف السياسي، يتيح لترامب ابتزاز مزيد من كل الأطراف. وبهذا المعنى، لا تكون الصفقة كبرى، إلا لترامب نفسه.